وقد جاءت المادة 1/50 من قانون التحكيم المصري مقرره أنه "تتولى هيئة التحكيم تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة، كتابية أو حسابية، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم وتجرى هيئة التحكيم التصحيح من غير مرافعة خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ صدور الحكم أو إيداع طلب التصحيح بحسب الأحوال. ولها مد هذا الميعاد ثلاثين يوماً أخرى إذا رأت ضرورة لذلك".
وقد ميز النص هنا بين أسلوبين للتصحيح:
1- تصحيح الحكم بمبادرة من تلقاء هيئة التحكيم: وعندئذ يتعين أن يمارس التصحيح خلال المدى الزمني الذي حدده المشرع للهيئة وهو الثلاثون يوماً التالية لصدور الحكم ما لم تقرر من تلقاء نفسها أيضاً هذا الميعاد لثلاثين يوماً أخرى إذا رأت لذلك ضرورة، لتصل المدة الإجمالية من تلقاء الهيئة نفسها إلى ستين يوما، تفقد بانقضائها أية سلطة في تصحيح الحكم.
2- تصحيح الحكم بناء على طلب أحد الأطراف: قد يشوب الحكم بعض الأخطاء المادية دون أن تلقى هيئة التحكيم لها بالا، وبالتالي يكون من المصلحة المؤكدة لأحد الطرفين تصحيح مثل هذه الأخطاء؛ كأن يتم كتابة المبلغ المحكوم به على سبيل الخطأ بطريقة تزيد عن المبلغ الذي طلب به المدعي فهنا يكون من مصلحة المدعي عليه المؤكدة تصحيح هذا الخطأ أو أن يطلب المدعي الحكم بالتعويض بالجنية الإسترليني فيجرى كتابته خطأ بالجنية المصري، إذ يكون من مصلحة المدعي المؤكدة إعادة الحكم إلى صوابه.
ويتأكد هذا الحكم بعبارة النص "وتجرى هيئة التحكيم التصحيح من غير مرافعة خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ... إيداع طلب التصحيح".
وسواء تقرر التصحيح من تلقاء نفس الهيئة أو بناء على طلب أحد الطرفين أو كليهما، فإن التصحيح يتقرر في ضوء المبادئ الآتية:
1- هيئة التحكيم هي الجهة الوحيدة المختصة بالتصحيح؛ فهي الجهة التي سبق لها إصدار الحكم، وبالتالي فهي الأجدر على تلافي وجه القصور الذي شابه، وذلك على عكس الاتجاه السائد في بعض الدول التي تجعل طلب التصحيح من اختصاص المحاكم العادية.
2- تتسع سلطة هيئة التحكيم لتشمل تصحيح جميع الأخطاء المادية . الكتابية أو الحسابية ـ التي يتضمنها الحكم. ومن أمثلة الأخطاء الكتابية: أن يكون اسم المدعي عليه مثلاً شركة "التيسير" فتتم كتابته شركة "اليسر"، أو أن يطلب التعويض بالدولار الأمريكي فيحكم به بالدولار الكندي ومن أمثلة الأخطاء الحسابية ذكر مبلغ التعويض بطريقة رقمية خاطئة، كأن يكون المبلغ المحكوم به خمسة ملايين فيتم كتابته رقمياً على أنه 500.000 (خمسة أمامها خمسة أصفار فقط) في حين أن الصحيح هو 5000.000 (خمسة أمامها ست أصفار.
والهيئة إن فعلت ذلك، تكون قد تجاوزت حدود سلطتها في التصحيح، وبالتالي جاز التمسك ببطلان قرار التصحيح وفقاً لأحكام البطلان المقررة في قانون التحكيم .
3- تباشر هيئة التحكيم سلطتها في التصحيح دون مرافعة، ويستوي في ذلك أن يكون التصحيح قد تقرر من تلقاء ذات الهيئة أو بناء على طلب أحد الأطراف. ومرد هذا الحكم أن التصحيح لا يحتاج إلى مرافعة. فالغرض أن هناك خطأ ماديا، كتابياً أو حسابيا، يراد إزالته وإحلال اللفظ أو الرقم الصحيح محله. يضاف إلى ذلك أن مصطلح المرافعة يفترض وجود جدل أو تنافس بين الأطراف لإثبات أصل الحق أو بعض عناصره، وليس هذا هو الوضع في شأن التصحيح مع العلم أن باب المرافعة قد أغلق أساساً منذ زمن بعيد.
4- من أهم المبادئ التي تحكم آلية تصحيح الحكم بواسطة هيئة التحكيم مبدأ استنفاد الولاية، حيث تنقطع صلة المحكمين بالقضية بمجرد الفصل فيها ولا يكون لهم حق التعرض للحكم لا من قريب ولا من بعيد، طالما أنهم فصلوا في النزاع من مختلف جوانبه، وسواء كان هذا الفصل بالقبول أو بالرفض، وكل ما للهيئة في هذا الصدد هو تصحيح ما شاب الحكم من أخطاء مادية أو إصدار حكم إضافي بشأن ما أغفلت . عن سهو . الفصل فيه من طلبات. وقد حدث في احدى الدعاوى أن طلبات الشركة المدعية . ضمن طلباتها . الحكم لها بالتعويض مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة، وبالفعل قضت هيئة التحكيم بالتعويض، ولكنها حكمت برفض ماعدا ذلك من الطلبات ومن بينها طلب الفوائد القانونية بطبيعة الحال. فقامت الشركة المدعية بتقديم طلب لهيئة التحكيم لإصدار حكم إضافي بشأن الفوائد القانونية. وعلى الرغم من سبق قضاء الهيئة برفض هذا الطلب، فقد قامت بإصدار حكم إضافي قضت فيه بإلزام المدعي عليها بالفوائد القانونية عن مبلغ التعويض الذي حكمت به في حكمها الأصلي. لم ترتض الأخيرة هذا استناداً للمادة ٢/٥٠ تحكيم، فحكمت محكمة استئناف القاهرة بأن "هيئة التحكيم في حكمها الإضافي الطعين وبحسب الوصف الذي أطلقته عليه . يكون وفقاً للتقديرات الواقعية والقانونية أنفة الذكر قد راجعت حكمها النهائي فيما يتعلق برفض طلب الفوائد وعدلت عنه وأصدرت حكماً جديداً بسريان الفوائد القانونية بنسبة 5% من تاريخ 2006/4/19 وهو أمر غير جائز؛ وذلك لمخالفته لمبدأ استنفاد الولاية المتعلق بالنظام العام ومن ثم يكون الحكم الإضافي الطعين . بعد ما أهدر القواعد الأصولية الواردة في السياق القانوني السالف بيانه . قد وقع باطلاً لتضمنه ما يخالف النظام العام وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 53 من قانون التحكيم رقم ٢۷ لسنة ١٩٩٤ فيتعين القضاء في موضوع الدعوتين المتماثلتين ببطلانه على نحو ما سيرد في المنطوق، مع إلزام الشركة المدعي عليها مصروفات هذا الشق من التداعي وقد خسرته".
تصحيح حكم التحكيم الإلكتروني:
وقد نظمت محكمة الفضاء تصحيح حكم التحكيم بالمادة 26 من نظامها وقضت بأنه "(1) لهيئة التحكيم أن تصحح من تلقاء نفسها أي خطأ مادي، حسابي أو مطبعي، وارد في الحكم، وذلك بشرط إخطار السكرتارية بالتصحيح خلال 15 يوماً من تاريخ صدوره. (2) ويمكن أن يتقرر التصحيح الوارد في الفقرة السابقة بناء على طلب أحد الأطراف بشرط أن يتقدم بطلب التصحيح خلال 7 أيام من تاريخ إعلان الحكم. ويتعين على هيئة التحكيم في هذه الحالة أن تمنح الطرف الآخر مهلة إضافية قدرها 7 أيام لإبداء ملاحظاته مع إخطار السكرتارية بقرارها دون أي تأخير. (3) يعد قرار التصحيح مكملاً لحكم التحكيم.
ويميز النص . كمثيله المصري . بين طريقتين للتصحيح: .
- تصحيح الحكم من تلقاء هيئة التحكيم الإلكتروني: إن الهيئة هي الجهة الأصلية التي أصدرت حكم التحكيم، وانطلاقاً من هذا الاعتبار فلها أن تقوم . ومن تلقاء نفسها . بتصحيح أي خطأ مادي في الحكم، بغض النظر عن نوعه، أي سواء كان خطأ كتابياً كالأخطاء الإملائية لبعض العبارات والألفاظ أو كان خطأ حسابياً كالأخطاء الرقمية المتعلقة بتقدير قيمة التعويض. ويشترط أن تمارس هيئة التحكيم الإلكتروني سلطتها في التصحيح خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم مع إخطار السكرتارية بقرار التصحيح خلال الميعاد المشار إليه أو بانتهائه. وإذا انقضت مدة الخمسة عشر يوما، انقضى معها أي حق للهيئة في التدخل لإمكان تصحيح الأخطاء الواردة في حكم التحكيم الإلكتروني.
- تصحيح الحكم بناء على طلب أحد الطرفين : قد لا تلتفت الهيئة للأخطاء المطبعية التي شابت الحكم، بالتالي يكون من مصلحة أحد الطرفين . على الأقل . التقدم لها بطلب لتصحيح هذا الوضع، في ضوء الأحكام الآتية:
1- يتعين على الخصم الإلكتروني تقديم الطلب خلال سبعة أيام من تاريخ إعلان حكم التحكيم.
2 – تلتزم الهيئة بمنح الطرف الآخر مهلة إضافية قدرها سبعة أيام من تاريخ إعلانه بطلب التصحيح، بهدف إتاحة الفرصة المناسبة أمامه لإبداء ملاحظاته.
3 - يجب على هيئة التحكيم أن تفصل في طلب التصحيح الإلكتروني دون أي تأخير. ولم يحدد النص مهلة محددة تلتزم خلالها الهيئة بالتصحيح، وإنما كل ما ذكره هو التزامها بإخطار السكرتارية بقرار التصحيح دون تأخير.
وقد يتصور أن تطول مدة تصحيح الحكم بناء على طلب أحد الطرفين عن مدة تصحيحه من تلقاء الهيئة نفسها. فالمدة الأخيرة أغلقها النص بخمسة عشر يوما، أما المدة الأولى فقد ظلت مفتوحة في أحد جوانبها وهو الجانب المتعلق بمدة بت المحكم في طلب التصحيح.
وإذا رأت هيئة التحكيم الإلكتروني أن هناك محلاً للتصحيح كان قرارها الصادر متمماً ومكملاً لحكم التحكيم حيث يعد هذا القرار جزءاً لا يتجزأ من الحكم، يستوي في ذلك أن يتقرر التصحيح بناء على مبادرة تلقائية من الهيئة نفسها أو استناداً إلى طلب مقدم من أحد الطرفين. فالتصحيح يعبر في جميع الأحوال عن الحالة الحقيقية التي كان يتعين أن يصدر عليها حكم التحكيم منذ البداية.
وفيما يتعلق بجمعية التحكيم الأمريكية تولت قواعد التحكيم التجاري للجمعية سد النقص الكائن في إجراءاتها التكميلية للتحكيم الإلكتروني، وذلك بشأن الأحكام المقررة في مجال تصحيح حكم التحكيم، حيث تحمل مادتها 30 عنوان تفسير أو تصحيح حكم التحكيم وتقضي بأنه "1 - خلال 30 يوماً من تاريخ استلام حكم التحكيم، يمكن لأي طرف، شرط إرساله تبليغاً إلى الأطراف الآخرين، أن يطلب من هيئة التحكيم تفسير حكم التحكيم أو تصحيح أية أخطاء كتابية أو مطبعية أو حسابية، أو طلب استصدار حكم تحكيم إضافي بالنسبة إلى الطلبات المرفوعة التي أغفلها حكم التحكيم. ٢ ـ إذا اعتبرت هيئة التحكيم هذا الطلب مبرراً، بعد النظر بإدلاءات الأطراف، عليها الاستجابة إلى الطلب خلال 30 يوماً من تاريخ تقديمه".
1- التقدم بطلب التصحيح الإلكتروني خلال موعد أقصاه 30 يوماً من تاريخ إعلان الحكم على موقع الدعوى.
2- إخطار الطرف الأخر بطلب التصحيح حتى تتاح له الفرصة الكاملة لإبداء ملاحظاته. ويلاحظ في هذا الصدد تفوق تنظيم محكمة الفضاء وقواعد جمعية التحكيم الأمريكية على القانون المصري؛ حين أتاح لكل منهما فرصة موازية للطرف الأخر للرد على الطلب.
3 – يتم تقديم طلب التفسير أو التصحيح إلى المحكم مباشرة. وربما هذا الشرط غير ذي جدوى بشأن التحكيم الإلكتروني؛ نظراً لأن تبادل جميع مستنداته يتم على موقع الدعوى، وهو ما يمكن الأطراف والمحكم والجمعية من الدخول إليه في أي وقت. يصير
4 – لم يحدد هذا النص قدر المهلة الممنوحة للطرف الآخر لإبداء ملاحظاته على الطلب.
5- تلتزم هيئة التحكيم بإعلان قرارها خلال 30 يوماً من تاريخ إخطارها بالطلب. ويعد هذا الحكم أكثر تحديداً من حكم المادة ٢٦ من تنظيم محكمة الفضاء التي لم تحدد أجلاً محدداً للفصل في طلب التصحيح وإنما اكتفت بضرورة فصل المحكم الإلكتروني في الطلب دون أي تأخير.
6 - لا تمتلك هيئة التحكيم الإلكتروني أية سلطة تقديرية بشأن النتائج التي انتهت إليها في حكمها النهائي الذي سبق إصداره، بما في ذلك قيمة الطلبات والمبالغ التي قضت بها. إن هيئة التحكيم الإلكتروني ليست جهة طعن، كما أنها ليست . مثلها مثل هيئة التحكيم التقليدي - محكمة قانون، وإنما تقتصر سلطتها على تفسير حكم التحكيم وتصحيح الأخطاء المادية به، الكتابية أو المطبعية أو الحسابية أو أية أخطاء أخرى مماثلة قد يتضمنها الحكم الإلكتروني.