حكم التحكيم هو باكورة العمل الإجرائي في الخصومة التحكيمية تصدره هيئة التحكيم بما لها من سلطة القضاء التي يعترف بها القانون،وهو عمل بشري في نهاية المطاف، قد يقع فيه أخطاء مادية، كتابية أو حسابية، وهو ما يتطلب تمكين هيئة التحكيم من تصحيح ما وقع في الحكم من أخطاء، من خلال مد ولايتها بعد الفصل في موضوع النزاع بحكم التحكيم بالقدر اللازم لإجراء هذا التصحيح من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم.
وقد نصت المادة 1/50 من قانون التحكيم علي أن: " تتولى هيئة التحكيم تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة, كتابية أو حسابية, وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، وتجري هيئة التحكيم التصحيح من غير مرافعة خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ صدور الحكم أو إيداع طلب التصحيح بحسب الأحوال. ولها مد هذا الميعاد ثلاثين يوماً أخرى إذا رأت ضرورة لذلك".
وبذلك يكون المشرع وعلي غرار ما قرره للمحاكم بنص المادة 191 من قانون المرافعات، عدا تحديد المشرع لمدة يتم خلالها إجراء التصحيح، وهي ثلاثين يوماً تالية لتاريخ صدور الحكم أو إيداع طلب التصحيح بحسب الأحوال، مع منح هيئة التحكيم سلطة مد هذه المدة لمدة مماثلة متي رأت ضرورة لذلك.
وتصحيح حكم التحكيم شأنه شأن حكم القضاء، لا تملك هيئة التحكيم فيه أن تتخذ من التصحيح وسيلة للرجوع عن الحكم الصادر منها، فتغير في منطوقه بما يناقضه، لما في ذلك من المساس بحجية الشيء المحكوم فيه التي إكتسبها بمجرد صدوره .
ولا يقبل طلب بطلان قرار هيئة التحكيم بالتصحيح - قدم بعد الميعاد إذا كان ينصب في حقيقته علي النعي علي حكم التحكيم فيما قام به من تفسيرالقاعدة الإجرائية المنطبقة علي إجراءات النزاع .
ويشترط لصحة تصحيح الخطأ المادي أن يكون لهذا الخطأ أساس في الحكم أو محضر الجلسة أو في أوراق الدعوي بصفة عامة يدل علي الواقع الصحيح فيه بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الثابت في هذه الأوراق .
ويجري تصحيح حكم التحكيم بغير مواجهة، وتصدر هيئة التحكيم قرارها بالتصحيح كتابة ويتم إعلانه للطرفين خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره(م ٢/٥٠ من قانون التحكيم).
وإذا تجاوزت هيئة التحكيم حدود سلطتها جاز التمسك ببطلان هذا القرار بدعوى بطلان تسري عليها أحكام المادتين (53،54) من هذا القانون، وترفع الدعوى أمام المحكمة المختصة المشار إليها في المادة (9) من قانون التحكيم بالقواعد المقررة لرفع الدعوي في قانون المرافعات .
ونشير إلى أنه في حالة تعذر إمكانية إجتماع هيئة التحكيم التي أصدرت حكم التحكيم، لوفاة أحد أعضائها أو المحكم الفرد، إلي ترجيحنا الأخذ بما نصت عليه المادة 3/1485 من قانون المرافعات الفرنسي، وذلك بإسناد أمر التصحيح إلي المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع وفقاً للقواعد العامة، وفقاً لما إنتهي إليه الرأي في حالة قيام أيا من العوارض المشار اليها في حالة طلب تفسير الحكم .