من أهم المبادئ التي تحكم آلية تصحيح الحكم بواسطة هيئة التحكيم، مبدا استنفاد الولاية، حيث تنقطع صلة المحكمين بالقضية بمجرد الفصل فيها ولا يكون لهم حق التعرض للحكم لا من قريب ولا من بعيد، طالما أنهم فصلوا في النزاع من مختلف جوانبه، وسواء كان هذا الفصل بالقبول او بالرفض، ولكل ما للهيئة - في هذا الصدد - هو تصحيح ما شاب الحكم من أخطاء مادية أو إصدار حكم إضافي بخصوص ما أغفلت - عن سهو - الفصل فيه من طلبات. وقد حدث في إحدى الدعاوى أن طالبت الشركة المدعية - ضمن طلباتها - الحكم لها بالتعويض مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبه وبالفعل قضت هيئة التحكيم بالتعويض، ولكنها حكمت برفض ما عدا ذلك من الطلبات ومن بينها طلب الفوائد القانونية بطبيعة الحال. فقامت الشركة المدعية بتقديم طلب لهيئة التحكيم لإصدار حكم إضافي بخصوص القوات القانونية. وعلى الرغم من سبق قضاء الهيئة برفض هذا الطلب، فقد قام بإصدار حكم إضافي قضت فيه بإلزام المدعى عليها بالفوائد القانونية من مبلغ التعويض الذي حكمت به في حكمها الأصلي. لم ترتض الأخيرة ه الحكم فقامت بالطعن عليه بالبطلان لتجاوز الهيئة حدود سلطاتها في التصحين استنادا للمادة . ۲/۰ تحكيم، فحكمت محكمة استئناف القاهرة بأن «هيئة التحكيم في حكمها الإضافي الطين - وبحسب الوصف الذي أطلقته عليه - يكون وفقا للتقديرات الواقعية والقانونية آنفة الذكر قد راجعت حكمها النهائي فيما يتعلق برفض طلب الفوائد وعدلت عنه وأصدرت حكمة جديدة بسريان الفوائد القانونية بنسبة 5% من تاريخ ۲۰۰۶/۹/۱۹ وهو أمر غير جائز؛ وذلك لمخالفته مبدأ استنفاد الولاية المتعلق بالنظام العام ومن ثم يكون الحكم الإضافي الطعين - بعد ما أهدر القواعد الأصولية الواردة في السياق القانوني السالف بيانه - قد وقع باطلا لتضمنه ما يخالف النظام العام وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة (53) من قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة 1994 فيتعين في موضوع الدعوتين المتماثلتين ببطلانة على نحو ما سيرد في المنطوق، مع إلزام الشركة المدعى عليها مصروفات هذا التو وقد خسرته»
ويميز النص - كمثيله المصري - بين طريقين للتصحيح: - تصحيح الحكم من تلقاء هيئة التحكيم الإلكتروني: إن الهيئة هي الجهة الأصلية التي أصدرت حكم التحكيم، وانطلاقا من هذا الاعتبار فلها أن تقوم - ومن تلقاء نفسها – بتصحيح أي خطأ مادی Une erreur matérielle في الحكم، بغض النظر عن نوعه، أي سواء كان خطأ كتابية، كالأخطاء الإملائية لبعض العبارات والألفاظ، أو كان خطا حسابية كالأخطاء الرقمية المتعلقة بتقدير قيمة التعويض.
ويشترط أن تمارس هيئة التحكيم الإلكتروني سلطتها في التصحيح خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور الحكم مع إخطار السكرتارية بقرار التصحيح خلال الميعاد المشار إليه أو بانتهائه . وإذا انقضت مدة الخمسة عشر يوما، انقضى معها أي حق للهيئة في التدخل الإمكان تصحيح الأخطاء الواردة في حكم التحكيم الإلكتروني.
- تصحيح الحكم بناء على طلب أحد الطرفين: قد لا تلتفت الهيئة للأخطاء المطبعية التي شابت الحكم، وبالتالي يكون من مصلحة أحد الطرفين - علی الأقل – التقدم لها بطلب لتصحيح هذا الوضع، في ضوء الأحكام الآتية: ا
1- يتعين على الخصم الإلكتروني تقديم الطلب خلال سبعة أيام من تاريخ إعلان حكم التحكيم.
۲- تلتزم الهيئة بمنح الطرف الآخر مهلة إضافية قدرها سبعة أيام من تاريخ إعلانه بطلب التصحيح، بهدف إتاحة الفرصة المناسبة أمامه لإبداء ملاحظاته.
وقد يتصور أن تطول مدة تصحيح الحكم بناء على طلب أحد الطرفين عن مدة تصحيحه من تلقاء نفس الهيئة. فالمدة الأخيرة أغلقها النص خمسة عشر يوما، أما المدة الأولى فقد ظلت مفتوحة في أحد جوانبها وهو الجانب المتعلق بمدة بت المحكم في طلب التصحيح. فلو تقدم أحد الطرفين بطلب لتصحيح الحكم في اليوم السابع لإعلانه، مع منح الطرف الآخر مدة سبعة فيلم إضافية لإبداء ملاحظته، فإن ذلك يعني أن مدة تقديم الطلب وحدها والرد عليه قد بلغت أربعة عشر يوما يضاف إليها مدة فصل المحكم في الطلب وإخطاره السكرتارية وإعلانه للأطراف بواسطة هذه الأخيرة، والتي قد تمتد لسبعة أيام أخرى، بما يتصور معه في الغالب زيادة المدة الإجمالية عن خمسة عشر يوما.
وإذا رأت هيئة التحكيم الإلكتروني أن هناك محلا للتصحيح كان قرارها الصادر متممأ ومكملا لحكم التحكيم La correction est considérée comme faisant partie intégrante de la sentence حيث يعتبر هذا القرار جزءا لا يتجزأ من الحكم، يستوى في ذلك أن يتقرر التصحيح بناء على مبادرة تلقائية من نفس الهيئة أو استنادا إلى طلب مقدم من أحد الطرفين. فالتصحيح يعبر في جميع الأحوال عن الحالة الحقيقية التي كان يتعين أن يصدر عليها حكم التحكيم منذ البداية.
لا تمتلك هيئة التحكيم الإلكتروني أية سلطة تقديرية بخصو النتائج التي انتهت إليها في حكمها النهائي الذي سبق إصداره، بما فيني قيمة الطلبات والمبالغ التي قضت بها. إن هيئة التحكيم الإلكتروني ليست جهة طعن، كما أنها ليست - مثلها مثل هيئة التحكيم التقليدي - محكمة قانون وإنما تقتصر سلطتها على تصحيح الأخطاء المادية، الكتابية أو المطبعية أو الحسابية أو أية أخطاء أخرى مماثلة قد يتضمنها الحكم الإلكتروني.