قد يرد في الحكم الصادر من هيئة التحكيم في النزاع المصرفي خطأ مادي بحت كأن يكون الخطأ في مجموع المبالغ المالية التي كان النزاع حولها فيتم كتابة الرقم الإجمالي بخلاف الكتابي، فليس من المنطقي ترك مثل هذا الخطأ دون تصحيح. وقد أجازت اللائحة في سياق م ٢٤ تصحيح الأحكام الصادرة من هيئة التحكيم، وأن كان يعاب على النص انه جاء مطلقا وغير محدد، وذلك بخلاف النصوص التشريعية ونصوص لوائح مراكز التحكيم الأخرى، حيث نجد أن المشرع المصري من خلال نص م ٥٠ تحكيم مصري قد وضع ملامح محددة لعملية تصحيح الحكم الصادر من الهيئة حيث نصت في قرتها الأولى على أنه" تتولى هيئة التحكيم تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة، كتابية أو حسابية، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، وتجري هيئة التحكيم التصحيح من غير مرافعة خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ صدور الحكم أو إيداع طلب التصحيح بحسب الأحوال، ولها مد هذا الميعاد ثلاثين يوماً أخرى إذا رأت ضرورة لذلك. فمن خلال هذا النص نجد أن المشرع قد حدد الخطأ القابل للتصحيح من قبل هيئة التحكيم، فالتصحيح يتعلق بخطأ مادي أو حسابي، وقد جاء في حكم المحكمة النقض المصرية بأن " أن سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في حكمها، مقصورة على الأخطاء المادية البحتة و هي التي لا تؤثر على كيانه بحيث تفقده ذاتيته و تجعله مقطوع الصلة بالحكم المصحح، و من ثم فهي لا تملك بحال أن تتخذ من التصحيح وسيلة للرجوع عن الحكم الصادر منها، فتغير في منطوقه بما يناقضه، لما في ذلك من المساس بحجية الشيء المحكوم فيه." فمثلا لو كان النزاع في قضية مصرفية بالجنية المصري وعند صدور الحكم تم تقيده بالدولار، فهذا خطأ مادي يجب تصحيحه سواء من قبل الهيئة ذاتها أو بناء على طلب أحد الأطراف. ففي أحدى القضايا صدر حكم تحكيم متضمنا الإلزام بتعويض بمبلغ معين من الدولارات الأمريكية، وقدم طلب تصحيح على أساس أن التعويض بهذا المبلغ هو بالجنية المصري وليس بالدولار، فتم التصحيح، رفعت دعوى بطلان لتجاوز قرار التصحيح سلطة الهيئة، فقضت محكمة الاستئناف برفض الدعوى على أساس أن الواضح من حيثيات الحكم الذي حدد المعيار الذي اتخذه أساسا لمقدار التعويض الذي قضي به هو قيمة الأرباح التي توقع الطرفان تحقيقها في سنتي ۲۰۰۰ و ۲۰۰۱ طبقا للتقديرات والأرقام الواردة في آخر ميزانية قدمتها الشركة المحتكمة في ۲۰۰۰/۱/٥ ، وهذه الأرقام وارده بالجنية المصري، وبهذا يكون ما جاء في المنطوق من وصف المبلغ المحكوم به بالدولار الأمريكي دون الجنية المصري لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي".
وإذا تبين لمحكمة البطلان أن هيئة التحكيم قد جاوزت سلطاتها في التصحيح، فإنها تقضي ببطلان قرار التصحيح، وتقتصر سلطتها على هذا القضاء فلا تمتد سلطتها إلى تصحيح الخطأ المادي في حكم التحكيم، إذ هذه سلطة هيئة التحكيم وحدها.