اتفاق على التحكيم - عـقـد قـائم بذاتـه - يخضع في تفسيره لمـا تخـضـع لـه سـائر العقـود – طلـب لـجـوء الى التحكيم دون وجـود نـزاع - إجابـة الطلـب تـستلزم الوقوف على ما اذا كان يوجد نزاع بين الطرفين . يخضع الاتفاق على التحكيم في تفسيره ، بإعتباره عقدا قائما بذاته ، لما تخضع لـه سـائر العقود الأخرى . يتبين من الأوراق ومن اتفاق التحكيم الوارد في البندين الثـامن والتاسـع مـن اتفـاقيتي الشراكة المحررتين بين مورث الطاعنين والمطعون ضده ، أن اللجوء إلى هيئة التحكيم فيمـا قـد ينشأ بينهما من نزاع شرطه ألا يتم حله وديا ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد إلى أنه لا يوجد ثمـة نزاع بين الطرفين يقتضي عرضه على هيئة التحكيم بعد أن تنازل مورث الطـاعـين عـن تلـك الشراكة ، واستوفي حقه مقابل هذا التنازل أخذا مما ثبت من الإقرار المقدم فيه بـالأوراق ورتـب على ذلك أنه لا محل للجوء إلى التحكيم ، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم وأقام قضاءه صـحيحاً ، وله معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضاءه ، فإنه لا يكون قد تجاوز حدود الطلب المطروح عليـه باعتبار أن أجابته أم رفضه تستلزم الوقوف على ما اذا كان هناك نزاع بـيـن الطـرفين أم لا ، وإذ خلص الحكم الى رفض هذا الطلب لعدم وجود نزاع ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون . ( محكمة التمييز ، الطعن رقم 2002/342 ، جلسة 2003/7/7 ) ....... وحيث أن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل فـي أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 2/7680/2002/2 أمام المحكمة الكبرى المدنية بطلب الحكـم
بتعيين محكم للمطعون ضده الى جانب المحكم الذي سماه للفصل فيما بينهما من نزاع على سـنـد حاصله أنه في 1997/2/24 و 1999 / 1 / 4 تم الاتفاق بينهما على إنشاء شركتي محاصـة لإدارة أربعة نواد بفنادق وذلك بمعرفة المطعون ضده ولعدم حصوله على أية أرباح من هذه المشاركة حتى 2000/2/1 فقد حصل من المطعون ضده في التاريخ المذكور علـى مبلـغ مقداره 74125 دينارا أقر له كتابة بتنازله عن مشاركته ، وبأنه لا يجوز له مطالبته بأية حقوق قد تنشأ له بعد تاريخ هذا الإقرار ، ودون أن يتضمن هذا التنازل ما قد يكون مستحقا له في الفتـرة السابقة على هذا الإقرار ، وهو ما يقدره بمبلغ 200000 دينار ، ولما كان مفاد الاتفاق على إنهاء الشركتين وجوب اجراء المحاسبة بينهما بما يستلزم ذلك الاطلاع على الحسابات والدفاتر وهو ما لم يتم بعد ، ولما كان عقدا الشركتين سالفي البيان قد تضمنا شرطاً مفاده حل أي نزاع قد ينشأ فيما بينهما عن طريق هيئة تحكيم ، فقد عين محكماً عنه ورفض المطعون ضده تعيين محكم ، ولـذلك أقام الدعوى . حكمت المحكمة برفض الدعوى . استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم بالاسـتئناف رقم 1 / 8 / 2002 / 5 أمام محكمة الاستئناف العليا ، والتي حكمت برفض الاستئناف وتأييـد الحـكـم المستأنف . طعن مورث الطاعنين في هذا الحكم بطريق التمييز وبعد وفاته صحح ورثتـه شـكـل الطعن . والمكتب الفني قدم مذكرة برأيه في الطعن . .... .... ... وحيث إنه لما كان البين من الأوراق أن المحامي الذي رفع الطعن لم يـودع سـنـد وكـالـة صادراً له من الطاعنة " ... " يخوله رفع الطعن نيابة عنها حتى نظر الطعن بجلسة المرافعة ، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلا لرفعه من غير ذي صفة بالنسبة للطاعنة المذكورة . وحيث أن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث أن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي بها الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع والمسخ حين أيد الحكم المستأنف في القصور برفض الدعوى رغم تمسكهم ببطلانه لفصله في نزاع غير معروض عليه ، إذ أن الطلب المطروح عليه هو تعيين محكم عن المطعون ضده وهو ما يقتضي معه الفصل فيه ، إما بقبوله أم برفضه ، فإنه إذ تصدى للنزاع المراد حسمه عن طريق التحكيم ، فإنه يكون بـاطلاً ، رغم أن هذا يعد دفاعاً جوهرياً ، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عنه ، بل وساير الحكم المستأنف في منطقه الخاطئ وذهب إلى أن المخالصة المقدمة من مورثهم ، مخالصة نهائية وشاملة لأوجـه النزاع الحاصل مع المطعون ضده سواء ما تعلق منها بالفترة السابقة عليها أم بالفترة اللاحقة مع
أن الثابت هو اتفاق مورثهم على حل أي نزاع قد ينشأ فيما بينهما عن طريق التحكيم ، وإذ نـشأ هذا النزاع بشأن ما يطالبون به المطعون ضده من حقوق تتمثل في المبالغ المستحقة لهـم عـن الفترة السابقة على المخالصة المشار إليها ، والتي تحررت فقط لتسوية النزاع فحسب عن الفتـرة اللاحقة عليها دون غيرها من الفترة السابقة ، وإذ لم تتم تسوية هذا النزاع فقد تحقق شرط اللجوء الى التحكيم لحسمه فإن الحكم الابتدائي والمؤيد بالحكم المطعون فيه ، إذ تصدى لهذا النزاع ، وقال فيه كلمته فقد خالف ما تم الاتفاق عليه وحرمهم من اللجوء الى هيئة التحكيم التي ارتضوها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه . وحيث أن هذا النعي مردود ، ذلك أنه لما كان التحكيم طريقاً استثنائيا سنه المـشرع لفـض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ، ومن ثـم فـهـو يقتصر على ما تنصرف اليه ارادة المحتكمين من عرضه على هيئة التحكيم ، ويخـضع الاتفـاق على التحكيم في تفسيره ، بإعتباره عقداً قائماً بذاته ، لما تخضع له سائر العقود الأخرى- لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى ، وفـي تفـسير الاتفاقات والمحررات للوقوف على حقيقة القصد منها متى كان تفسيرها مما تحتمـه عباراتهـا ، وكان يبين من الأوراق ومن اتفاق التحكيم الوارد في البندين الثامن والتاسع من اتفاقيتي الشراكة المحررتين بين مورث الطاعنين والمطعون ضده أن اللجوء إلى هيئة التحكيم فيما قد ينشأ بينهما من نزاع شرطه ألا يتم حله ودياً ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه والمكمل بـه وبما له من سلطة في تفسير العقود والمحررات ، قد انتهى إلى أنه لا يوجد ثمة نزاع بين الطرفين يقتضي عرضه على هيئة التحكيم بعد أن تنازل مورث الطاعنين عن تلك الشراكة واستوفي حقه مقابل هذا التنازل أخذا مما ثبت من الاقرار المقدم فيه بالاوراق ورتب على ذلك أنـه لا محـل للجوء إلى التحكيم ، وكان هذا الذي انتهى اليه الحكم واقام قضاءه صحيحاً ، وله معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضاء ، فإنه لا يكون قد تجاوز حدود الطلب المطروح عليه باعتبـار أن إجابتـه أم رفضه تستلزم الوقوف على ما اذا كان هناك نزاع بين الطرفين أم لا ، وإذ خلص الحكـم الـي رفض هذا الطلب لعدم وجود نزاع ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه علـى غير أساس . وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن وإلزام الطاعنين المصاريف مع مصادرة الكفالة .
حكمت المحكمة فلهذه الأسباب بعدم قبول الطعن ثانياً- وبقبوله شكلاً بالنسبة لباقي الطاعنين ، ورفـضه موضـوعاً ، وألزمـت الطـاعنين المصاريف ومائة دينار مقابل أتعاب المحاماة ومصادرة الكفالة . شكلاً بالنسبة للطاعنة نورة على فاضل العاني . رئيس المحكمة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة المستشار المستشار المستشار وكيل المحكمة طه عبد المولى طه أحمد حسن عبد الرزاق مسعد رمضان الساعي علي يوسف منصور
مجلة التحكيم العالمية 2015 - العدد السابع والعشرون