أخذت لائحة اتحاد المصارف العربية بالاتجاه السائد في التشريعات والاتفاقيات الدولية، والتي أعطت هيئة التحكيم سلطة تفسير حكم التحكيم الذي أصدرته وتصحيحه.
يقصد بتفسير الحكم أي -حكم توضيح المقصود منه إذا شاب منطوق الحكم غموض أو إبهام من شأنه أن يجعل حقيقة المقصود منه مثارا للبس والاختلاف
ونص المشرع المصري على ذلك من خلال م ٤٩ تحكيم مصري عندما ذهب إلى القول أنه 1 - يجوز لكل من طرفي التحكيم أن يطلب من هيئة التحكيم خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه حكم التحكيم تفسير ما وقع في منطوقة من غموض ويجب على طالب التفسير إعلان الطرف الآخر بهذا الطلب قبل تقديمه لهيئة التحكيم.2- يصدر التفسير كتابه خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تقديم طلب التفسير لهيئة التحكيم ويجوز لهذه الهيئة مد هذا الميعاد ثلاثين يوماً إذا رأت ضرورة لذلك. 3- ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً لحكم التحكيم الذي يفسره وتسري عليه أحكامه.".
كما أن التفسير يقتصر فقط على النص الغامض دون سواه، وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها حيث حددت نطاق التفسير بالنص الذي شابه الغموض والإبهام ، فذهبت إلى القول " أن يكون الطلب بتفسير ما وقع في منطوق الحكم من غموض أو إبهام حتى يمكن الرجوع إلى المحكمة التي أصدرته بطلب يقدم لها بالأوضاع المعتادة غير محدد بموعد يسقط بانقضائه الحق في تقديمه . أما إذا كان قضاء الحكم واضحاً لا يشوبه غموض و لا إبهام فإنه لا يجوز الرجوع إلى المحكمة لتفسير هذا القضاء حتى لا يكون التفسير ذريعة للرجوع عنه و المساس بحجيته" . وبناء على ذلك فإن مهمة الهيئة في التفسير تنحصر في النص الغامض والمبهم فقط دون الامتداد لكافة عناصر الحكم، ومن ثم فإنه من غير المقبول طلب التفسير في حكم واضح لا غموض فيه.
ولكن التساؤل الذي يثور ما هو الحل عند تجاوز الهيئة لسلطتها في التفسير، فهل يتم الطعن في التفسير الصادر منها ؟
أما لائحة اتحاد المصارف فقد أسندت مهمة اختيار محكم بديل للمحكم الذي تعذر حضوره لأي سبب كان لمجلس أدارة الاتحاد أو اللجنة المختصة، ومن ثم فإنه وفقا لذلك قد تتشكل هيئة تحكيم جديدة تقتصر مهمتها في تفسير حكم التحكيم، وهو ما نصت عليه م ٢٤ من اللائحة بقولها ".. وفي حال تعذر اجتماع الهيئة التي أصدرت القرار أو بعضها يتولى مجلس الإدارة أو اللجنة اختيار بديل أو بدلاء عمن يتعذر اجتماعهم من المحكمين. وتتولى هيئة التحكيم الأصلية أو الجديدة مهمة التفسير أو التصحيح بقرار جديد يعتبر متمما للقرار المطلوب تفسيره وتصحيحه...".
ونرى أن هذا النص قد شابه بعض القصور، حيث يتضح بأن اللائحة قد أوكلت لمجلس إدارة الاتحاد أو اللجنة المختصة الحق في اختيار محكم بديل للمحكم الذي تعذر حضوره، والأصل أننا لو أخذنا باتجاه الاختيار البديل فإن هذا الحق سيكون للطرف الذي تعذر حضور محكمه أو لهيئة التحكيم ذاتها،أما أن نذهب إلى اختيار هيئة تحكيم قد تكون جديدة في بعض الأحيان أو قد يكون الأكثرية فيها لم يكونوا على الإطلاع بسير القضية، فإن هذا الأمر كما نرى سيولد في بعض القضايا تناقضاً فيما بين الحكم وتفسيره لازدواجية الهيئات، وقد اشرنا أنفا إلى أن الهدف من إسناد مهمة التفسير للهيئة مصدرة الحكم يعود إلى أن الجهة التي أصدرت الحكم هي الأكثر دراية بتفسير مضمونه ومتى ما تعذر اجتماع الهيئة مصدرة الحكم ، فإننا نرى بأن الرأي الأقرب للصواب هو أن سلطة التفسير تكون لقضاء الدولة.
هذا الرأي حيث يرون أنه يعيبه أن المشرع لم يخول في نص م ٩ تحكيم مصري اختصاصا للمحكمة المشار إليها إلا بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري" ولا يتضمن قانون التحكيم المصري أي نص يحيل إلى القضاء المصري الاختصاص بنظر دعوى تفسير حكم المحكمين، ويرى هذا الرأي أن الاختصاص ينعقد في حال تعذر انعقاد الهيئة للمحكمة المختصة بالدعوى وفقا للقواعد العامة ، وبالتالي فإن المحكمة المختصة هي المحكمة الابتدائية التي يقع موطن المدعي عليه في دائرتها ما لم يتفق الأطراف على اختصاص محكمة ابتدائية أخرى أو يتفقوا على اختصاص هيئة تحكيم جديدة تقوم بتفسير الحكم الغامض.
ونحن بدورنا نتفق مع هذا الاتجاه ونرى بأن اختيار الهيئة الجديدة أمر يخص الأطراف فمتى ما رغبوا في اختيار هيئة تحكيم جديدة في حالة تعذر انعقاد الهيئة السابقة، فإن هذا الأمر يتم باتفاقهم ، وفي حالة لم يتم الاتفاق على ذلك فإن المحكمة المختصة هي المحكمة المختصة بالدعوى وفقا للقواعد العامة.