قد تقع في الحكم أخطاء مادية حسابية أو أخطاء في الطباعة، وهي ما يطلق عليه في الفقه القانوني العربي زلات) (القلم ومثلها زلات اللسان في المرافعة الشفاهية، ومثال ذلك أن يقضي بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعى عشرة آلاف دولار بينما جميع المستندات وأسباب الحكم واضح فيها أن الدين مائة ألف دولار، فأخطأت الهيئة في صفر من هذا الرقم، ومثال الأخطاء المادية أن تحكم الهيئة بإلزام المدعي بدلاً من إلزام المدعى عليه بأن نسيت تدوين كلمة (عليه) ومثل هذه الأخطاء الشائعة كثيرة الوقوع في القضاء والتحكيم عموماً.
ويعتبر الخطأ من زلات القلم إذا كان واضحاً . الأوراق والمستندات ومحاضر الجلسات وأسباب الحكم أنه كذلك، فإذا كان ذلك غير واضح بجلاء ووضوح تكون بصدد غموض في الحكم أو خطأ بعض الطلبات أو تجاهل دفاع معين.
وقد نصت المادة ۱/۳۳ على أنه يجوز لكل طرف في النزاع أن يطلب من هيئة التحكيم تصحيح الأخطاء الحسابية ومراجعتها أو اخطاء الطبع خلال ٣٠ يوماً من تاريخ إعلانه بحكم التحكيم وذلك بشرط إعلان الطرف أو الأطراف الأخرى.
وقد إستقرت قواعد المرافعات عالمياً على أن تصحيح الأخطاء المادية والحسابية لا يستلزم تحديد جلسة لسماع مرافعة الخصوم بشأن طلب لأن التصحيح لا يجوز أن يمس جوهر الموضوع وهذا ما يبدو من المادة ١/٣٣ حيث لم يوجب تحديد جلسة خاصة لنظر طلب التصحيح، ولكن ألزم الطالب بإعلان خصمه حتى تكون هناك جلسة علنية التصحيح ظاهر نص إجرائية.
يشوب حكم التحكيم أحياناً غموض (Mestrions) يحتاج إلى تفسير الأخطاء المادية في الحكم إذ أن التصحيح وتأويل ويختلف ذلك عن تصحيح أن صلب موضوع النزاع، بينما التفسير يجوز يمس جوهر الموضوع، ومثال ذلك أن تحكم الهيئة بإلزام المدعى عليه بمبلغ مائة ألف دولار ولا تبين أساس هذا التعويض.
لذلك جرت قواعد المرافعات العالمية قضاء وتحكيماً على أن طلب تفسیر غموض الحكم يجب أن بحضور جميع تعقد لهذا الغرض ويعلن بها الخصم لسماع دفاع كل منهم يمس الموضوع، ومن حق كل الحكم، حيث أن حكم التفسير من شأنه أن دفاعه فيما يتعلق بهذا الصدد .
المادة ٣٣ / ب أجاز لكل طرف في النزاع أن يطلب من هيئة التحكيم تفسير غموض معيَّن في الحُكم وذلك خلال ٣٠ يوماً من يوم إعلانه بالحكم وذلك بشرط إعلان خصمه بهذا الطلب ولم يرد بالنص ذكر لوجوب إعلان الخصوم بجلسة لسماع دفاع كل منهم بشأن طلب التفسير وإعمالاً للنص فإنه يجوز للهيئة أن تصدر حكماً بتفسير غموض الحكم الذي أصدرته دون سماع دفاع الخصوم بشأن طلب التفسير، ويعاب على هذا شأنه الإخلال بدفاع الخصوم ولا يغير من هذا النقد إشتراط النص موافقة الخصوم على التفسير لأن هذا إضطراب في النص، كذلك لم أي قانون على أن طلب تفسير غموض الحكم يمكن أن يتفق عليه الخصوم بل لا بد من وقوع الخلاف بينهم حول التفسير لأن كلاً منهم يجنح إلى التفسير الذي يحقق مصلحته وغايته .
وإذا كان النص يهدف إلى أنه لا يجوز تفسير حكم التحكيم إلا بإتفاق الخصوم على التفسير، فهذا أيضاً يخالف المستقر في القضاء والتحكيم من حقوق الدفاع الرئيسة التي لا يجوز الإخلال بها حق كل طرف في أي نزاع أن يطلب من القضاء أو التحكيم تفسير الغموض أنه عالمياً، حيث الذي شاب الحكم، دون أن يشترط في إستخدام هذا الحق ضرورة موافقة الخصم الآخر عليه، فلو قيل بذلك لما قدم طلب تفسير حكم واحد للمحاكم ولا لهيئات التحكيم لأن التفسير دائماً يحدث بشأنه نضال بين الخصوم .
وقد نصت المادة ۲/۳۳ على أن هيئة التحكيم يجوز لها أن تصحح الأخطاء المادية في الحكم خلال ٣٠ يوماً من تاريخ صدور الحكم، وذلك تلقاء نفسها إذا رأت ما يبرر ذلك بينما نصت المادة ۱/۳۳ بند (ب) من على أن هيئة التحكيم تجري التصحيح أو تغيّر غموض الحكم خلال ٣٠ يوماً من تاريخ تقديم الطلب إلى الهيئة.
يتبين من دراسة هذه القواعد أن هيئة التحكيم يجوز لها أن تصحح الأخطاء المادية في الحكم من تلقاء نفسها خلال ٣٠ يوماً من إصداره دون إعلان الخصم بذلك وهذا ما يخلّ بعلانية الإجراءات وقد يخل بدفاع أن ما أجري على الحكم ليس تصحيحاً لخطأ الخصوم لأنه قد يرى خصم مادي وإنما هو في حقيقته تفسير لغموض في الحكم لذلك يجب إعلان الخصوم بالتصحيح لإعطائهم فرصة لمناقشته وطلب تفسير الحكم وليس تصحيحه.
وقد يحدث أن يصدر حكم التحكيم وقد أغفل الفصل في بعض الطلبات و التفاصيل لذلك فقد نصت المادة ۳/۳۳ على أنه يجوز لأي من أطراف النزاع خلال ٣٠ يوماً من إعلانه بحكم التحكيم أن يطلب من هيئة التحكيم إصدار حكم تكميلي بالفصل في الطلبات التي طرحت أمامها في التحكيم وأغفلت الهيئة الفصل فيها؛ وأوجب النص على الطالب إعلان خصمه بالطلب، وأضاف النص أن الهيئة إذا إقتنعت بوجاهة الطلب وجب عليها أن تصدر الحكم الجديد خلال ٦٠ يوماً؛ ولم يحدد النص بداية هذا الميعاد ولكنه يفهم على أنه يبدأ من يوم تقديم طلب الفصل فيما أغفله الحكم من طلبات. يؤخذ على هذا النص أنه لم يتضمن وجوب فتح باب المرافعة في دعوى التحكيم لسماع الدفاع في الطلبات التي سبق إغفالها بجلسة يعلن بها الخصوم، لأن هناك إحتمالان: الأول: أن يكون قد تم إبداء الدفاع في هذه الطلبات ولكن الهيئة أغفلت الفصل فيها أو تجاهلتها. الثاني: أن يكون الدفاع لم يستكمل بعد في هذه الطلبات وفي الحالتين يجب عقد جلسة لسماع دفاع أطراف النزاع، لأن ما يعتبره طرف طلباً أغفلته الهيئة يمكن أن يذهب خصمه إلى عكس ذلك بأن يطلب التنفيذ العيني والتعويض، فإذا ما قضت الهيئة بالتنفيذ العيني للإلتزام فلا يجوز أن تقضي . بالتعويض والعكس . صحيح طبقاً لما إستقرت عليه القواعد القانونية من أنه لا يجوز الجمع بين التنفيذ والتعويض، فلا يعتبر ذلك إغفالاً للطلب الذي لم تفصل فيه، وإنما هو تطبيق صحيح للقانون.
ضوابط الطعن في أحكام التحكيم وتنفيذها: الطعن في حكم التحكيم لنقص الأهلية ولعيوب في الإجراءات: أوردت المادة (٣٤) من النظام الأحوال التي يجوز فيها طلب إلغاء حكم التحكيم، وأول هذه الأحوال هي حالة نقص أهلية أحد أطراف إنفاق باطلاً بطلاناً مطلقاً طبقاً للقانون الذي اتفق التحكيم - أو أن الإتفاق يعتبر الأطراف على إخضاع الإتفاق لأحكامه.
حالة عدم سلامة والحالة الثانية التي نصت عليها المادة (٣٤) هي الإجراءات أو الإخلال بحق الدفاع أو أي حق من الحقوق المقررة بموجب مشارطة التحكيم بأن لم يعلن طرف بإختيار محكم أو رئيس هيئة التحكيم أو بإجراءات التحكيم، أو بأن لم يعلن إعلاناً صحيحاً بجلسة المرافعة أو بتقرير الخبير وكذلك أورد النص حالة عدم تمكين أحد الخصوم من إبداء دفاعه ويكون ذلك بأن سمحت الهيئة لخصمه بالمرافعة الشفهية مثلاً ولم تسمح ولم تمكن الخصم الآخر خر من الإطلاع بذلك أو قبلت مستندات من خصم عليها وإعداد دفاعه رداً عليها أو تقديم مستندات مضادة (٢). ضوابط الطعن في الحكم لعدم سريان شرط التحكيم على النزاع: ذهب نص المادة ٣/٣٤ على أنه يجوز الطعن على حكم التحكيم إذا كان قد قضى في نزاع لا يشمله إتفاق أو شرط التحكيم، وبالتالي تكون هيئة التحكيم غير مختصة أصلاً بالفصل في النزاع وبالتالي يكون حكم التحكيم قد صدر من هيئة غير مختصة وظيفياً (Functional) بالنزاع فيطعن عليه بناء على القواعد القانونية التي تقضي بأن التحكيم قضاء من نوع بالبطلان خاص، وإختصاصه إستثناء يرد على الأصل وهو إختصاص القضاء الرسمي الدولة، وبالتالي فإن إختصاص التحكيم لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه، ويفسر شرط أو إتفاق التحكيم تفسيراً ضيقاً - (Restrictive Interpretation) لما لم ينص عليه الإتفاق صراحةً يخرج عن إختصاص هيئة التحكيم. وقد تكون وقائع النزاع بعضها يدخل في إختصاص هيئة التحكيم بسريان شرط التحكيم عليها، والبعض الآخر يخرج عن نطاق هذا الشرط، وهناك إحتمالان بشأن ذلك: إما أن تكون هذه الوقائع لا يمكن تجزئتها وهنا يتعرض حكم التحكيم للإلغاء أو الحكم ببطلانه بالنسبة للنزاع بالكامل. والإحتمال الآخر: أن يكون ممكناً تجزئة وقائع النزاع بحيث يمكن فصل تلك التي يسري عليها إتفاق التحكيم عن تلك الخارجة على نطاق سريان هذا الإتفاق.
وقد عالجت المادة ٢/٣٤ فقرة أ /۳ هذه المسألة، ونصت على أنه إذا أمكن فصل الحكم في الوقائع التي يسري عليها إتفاق مشارطة التحكيم عن الجزء الخاص بالوقائع التي تخرج عن نطاق سريان الإتفاق، فإنه يجوز إلغاء نطاق سريان إتفاق التحكيم(۳). شق الحكم الذي يخرج ما قضي فيه عن الطعن لمخالفة الحكم الصادر للنظام العام في اليونسترال: نصت الفقرة ٢ / ب من المادة (٣٤) على أن للمحكمة المختصة أن تقضي بإلغاء حكم التحكيم أو أن تقضي ببطلانه إذا ثبت لها أن النزاع الذي فصل فيه الحكم لا يجوز الفصل فيه بطريق التحكيم طبقاً لقانون الدولة التي تنتمي لها المحكمة المختصة، وكذلك قضى نفس النص أن للمحكمة إلغاء حكم التحكيم أو الحكم ببطلانه إذا خالف قواعد النظام العام للدولة. وهذه الحالات تندرج تحت بطلان حكم التحكيم لمخالفته النظام العام. إن هذه القاعدة مرتبطة بالقواعد العامة للتحكيم الدولي، وأن القضاء والفقه الحديث يتجه إلى تبني فكرة النظام العام الدولي الذي لا تخالفه أحكام التحكيم الدولي، وعدم إعمال فكرة النظام العام الوطني الداخلي كأساس للحكم ببطلان أو وقف تنفيذ أو إلغاء أحكام التحكيم الدولية، الأمثلة على ذلك الإتجاه في الفقه الدولي وفي أحكام القضاء الأميركي والبريطاني والفرنسي، كما إستقر الفقه والقضاء العالمي الحديث على أن المحكم الدولي لا يتقيد سوى بقواعد النظام العام الدولي وهي القواعد الأساسية المستقرة في التجارة الدولية وأن إعمال فكرة النظام العام الداخلي في مواجهة أحكام التحكيم الدولي لا يجوز الإعتماد عليها إلا عندما يكون حكم التحكيم من شأنه إصابة المصلحة الوطنية في الدولة التي يراد التنفيذ بها بأضرار جسيمة ولا يمكن تداركها.
ورغم هذا الإتجاه السائد دولياً فإن النص أعطى المحكمة المختصة سلطة إلغاء حكم التحكيم إذا ما خالف النظام العام للدولة التي يراد التنفيذ أن قواعد القانون النموذجي للأمم المتحدة يمكن الإتفاق على بها، وصحيح تطبيقها على التحكيم الداخلي ولكنه أعد أصلاً للتحكيم الدولي. وكان الأفضل أن يكون نص المادة (٣٤) - ٢/ب أنه بالنسبة لأحكام التحكيم الدولي – حيث أن القانون النموذجي (اليونسترال) صادر عن إحدى منظمات الأمم المتحدة، ولذلك كان يتعين أن يكون مرأة للفكر القانوني الرفيع في ميدان التجارة الدولية.
وقد نصت المادة ٤/٣٤ على أنه يجوز للمحكمة المختصة أن تأمر بوقف السير في الطعن المرفوع لها عن حكم التحكيم بناءً على طلب أحد أطراف نزاع التحكيم لمدة تحددها المحكمة لتتيح لهيئة التحكيم فرصة إزالة الأسباب التي أسست عليها دعوى إلغاء أو بطلان الحكم. والهدف من النص الممتاز هو معاونة هيئات التحكيم وذلك بتنبيه الهيئة إلى ما شاب الحكم من عيوب في الإجراءات أو إخلال بالدفاع أو مخالفة للنظام العام، فتأمر المحكمة بوقف نظر الطعن على الحكم لمدة شهر أو ثلاثة أشهر مثلاً، وفي هذه الحالة قد تعاود هيئة التحكيم نظر الدعوى من جديد بهدف تمكين الدفاع عن خصم في إبداء رأيه، أو تقوم بتصحيح الإجراءات بالقيام بالإعلان السليم وتتيح للخصم فرصة لإبداء دفاعه بعد إعلانه، أو تقوم بتمكين الخصم الذي لم يطلع على مستندات الطرف الآخر من الإطلاع وتتيح له فرصة إبداء دفاعه رداً على المستندات أو تقديم مستندات مضادة.
الإعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها:
نصت المادة (٣٥) من القانون النموذجي على أن حكم التحكيم يكون ملزماً بصرف النظر عن الدولة التي صدر بها، ويكون طلب التنفيذ كتابياً ويقدم إلى المحكمة المختصة بمكان التنفيذ أو الدولة المحددة وأوجبت الفقرة (۲) من المادة (٣٥) على طالب التنفيذ تقديم أصل حكم التحكيم أو صورة موثقة رسمياً منه مضافاً إلى ذلك وجوب تقديم إتفاق أو شرط التحكيم الأصلي أو صورة موثقة وقضى النص بأنه إذا كان حكم التحكيم بلغة أخرى غير لغة المحكمة المختصة فيجب أن يقدم الطالب ترجمة رسمية له. أن هذا النص مبني على معاهدة تبادل الإعتراف بأحكام وواضح التحكيم الدولي وتنفيذها الصادرة في عام ۱۹٥٨م) (إتفاقية نيويورك) والتي إنضمت لها العديد من دول العالم، والهدف من إلزام طالب التنفيذ بتقديم أصل الحكم أو صورة موثقة رسمية منه هو التحقق من صدور الحكم فعلاً عن الهيئة، والغرض من وجوب تقديم أصل إتفاق التحكيم أو صورة رسمية أن تتحقق المحكمة المختصة التي يطلب منها إعطاء أمر التنفيذ موثقة منه هو الجبري: Executive trace Compulsory Execution أن شرط أو إتفاق التحكيم صحيح وينص على حسم النزاع بالتحكيم.
الأحوال التي يرفض فيها تنفيذ حكم التحكيم: نصت المادة (٣٦) على هذه الأحوال في عدة فقرات.
المادة ببنودها أرقام (۱) إلى (٤) تنص على نفس والفقرة (۱) من أحوال إلغاء حكم التحكيم أو القضاء ببطلانه والتي سبق إستعراضها وهي أحوال نقص أهلية طرف من أطراف إتفاق التحكيم، أو عيوب في إجراءاته، أو عدم إختصاص هيئة التحكيم نظراً لأن النزاع خارج عن نطاق شرط أو مشارطة التحكيم أو إتفاق التحكيم. ونص البند (٥) من الفقرة (١) على حالة أخرى يجوز فيها للمحكمة رفض تنفيذ حكم التحكيم وهي أن يكون حكم ملزماً بعد للخصم، أو أنه سبق لمحكمة أخرى في الدولة التحكيم لم يصبح
التي صدر فيها الحكم، أن قضت بوقف تنفيذه أو بإلغائه. ونصت الفقرة (ب) أنه يجوز القضاء بوقف تنفيذ الحكم أو رفض إعطائه صيغة النفاذ الجبري إذا رأت المحكمة أن موضوع النزاع لا يجوز الفصل فيه بطريق التحكيم وفقاً لقانون الدولة التي تنتمي لها المحكمة أو أن تنفيذه يخالف النظام العام بها. ويؤخذ على هذا النص الإستجابة إلى فكرة النظام العام الداخلي في الدولة التي تنتمي إليها المحكمة التي يطلب منها القضاء بتنفيذ الحكم جبراً، ويوجه إليه النقد الذي سبق بيانه في أحوال إلغاء حكم التحكيم أو القضاء ببطلانه لهذا السبب .