تذهب بعض القوانين إلى ضرورة إيداع القرار التحكيمي بعد الإنتهاء من صياغته، لدى قلم كتاب المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع ، حيث أوجبت هذه القوانين بضرورة إيداع جميع القرارات الصادرة من المحكمين حتى الإجرائية منها خلال المدة المنصوص عليها في القانون، وهذه المدة تختلف من قانون لآخر ففي قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ تكون المدة ثلاثة أيام بينما في القانون السعودي هي خمسة أيام أما بالنسبة للشخص المسؤول عن إيداع القرار التحكيمي، فقد إختلفت مواقف القوانين بهذا الشأن فمنها من تضع هذه المسألة ضمن واجبات المحكم) ومنها من تحيلها للطرف الذي صدر القرار لصالحها ، بينما تتخذ جملة من القوانين موقفاً مغايراً، إذ يذهب البعض إلى عدم ضرورة إيداع القرار أو نسخة منه لدى المحكمة المختصة، حيث التزمت هذه القوانين الصمت إزاء هذه المسألة، كما هو الحال في قانون التحكيم الأردني، أما قانون الاجراءات الفرنسي فقد نص صراحة على إيداع نسخة حكم التحكيم مصحوبة بوثيقة الاتفاق على التحكيم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع وأوجب ذلك على المحكم أو أحد الأطراف وذلك في المادة (1477)، ويذكر ان قانون التحكيم الانكليزي لسنة 1996 قد ترك هذه المسألة للاطراف اي ترك لهم حرية الاختيار في تحديد طريقة تبيلغهم واعلامهم بالقرار التحكيمي، وذلك استناداً للفقرة (1) من المادة (55) ، أما بالنسبة للفقرة (2) من المادة ذاتها فقد اوجبت في حال عدم وجود مثل هذا الاتفاق، فيقع على المحكمين واجب تبليغ الاطراف بالقرار التحكيمي من دون اي ابطاء.
منطوق القرار وأسبابه التي بني عليها خلال الميعاد المحدد لاتفاق التحكيم، وحتى ولو كتب هذا القرار ووقع عليه المحكمون فيما بعد إلا أن هذا الرأي لا يمكن التسليم به، فقد يتفق المحكمون على مضمون القرار إلا أنه وقبل التوقيع يفقد أحدهم أهليته أو يتوفى أو يتم رده أو عزله من قبل أحد الأطراف، فلا يصدر القرار في مثل هذه الحالات السابقة، إلا بعد تعيين محكم بديل، فهنا يقع على كاهل المحكمين إعادة المداولة السابقة التي تمَّتْ بينهم، والاتفاق مجدداً حتى يصلوا إلى صياغة قرار تحكيمي يحضى بالموافقة أو بالأغلبية، أما الجانب الآخر فيذهب إلى أن تاريخ صدور القرار التحكيمي هو تاريخ إيداع هذا القرار لدى قلم المحكمة المختصة ، إلا أن مما يسجل على هذا الرأي أن قرار التحكيم قبل هذا الإجراء كان قد صدر فعلاً من المحكمين ، وكان من الممكن أن يتم تنفيذه بصورة طوعية وبدون حاجة اللجوء إلى السلطات المختصة إذ أن غاية هذا الأجراء السابق هو الحصول على المصادقة من قبل المحكمة المختصة لغرض تسهيل عملية التنفيذ.