حكم التحكيم / اعلان الحكم لطرفي التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حجية حكم التحكيم الإكتروني وتنفيذه ( دراسة مقارنة ) / إعلان حكم التحكيم الإلكتروني
تتطلب مختلف التشريعات المنظمة للتحكيم ضرورة إخطار الأطراف بحكم التحكيم الصادر في النزاع، بل وحرصت أيضاً على بيان كيفية إبلاغ المحتكمين، إذ تشير الفقرة الأولى من المادة (٣٤) من نظام غرفة التجارة الدولية (ICC) بصيغتها المعتمدة لعام ۲۰۱۰ أنه تتولى الأمانة العامة إبلاغ الحكم الصادر للأطراف في صورة النص الموقع من محكمة التحكيم، وتضيف الفقرة الثانية من ذات المادة أنه يجوز للأطراف بناءً على طلبهم استلام نسخة إضافية مطابقة للأصل تسلمها لهم الأمانة العامة.
وتشير كذلك المادة (٤٩) من قواعد جمعية التحكيم الأمريكية إلى وجوب إعلان أطراف النزاع بالحكم، وذلك بإستلام الأطراف أو ممثليهم إشعار يفيد بذلك، من خلال بريدهم العادي حسب عناوينهم السابقة، أو من خلال بريدهم الإلكتروني، أو من خلال أي طريقة أخرى يسمح بها القانون .
وتشير ايضاً قواعد الأنسيترال النموذجي بصيغتها المعتمدة ٢٠١٠، إلى ذلك حيث تضمنت المادة (٣٤) الفقرة الخامسة والسادسة منها إجازة نشر حكم التحكيم علنا بموافقة كل الأطراف، أو متى كان أحد الأطراف ملزماً قانوناً بأن يفصح عن ذلك الحكم من أجل حماية حق قانوني، أو مطالبة به، أو في سياق إجراءات قانونية أمام محكمة أو هيئة مختصة أخرى، وألقت الفقرة الأخيرة من ذات المادة على عاتق هيئة التحكيم إرسال نسخ من قرار التحكيم ممهورة بتوقيع المحكمين إلى كل الأطراف.
وكذلك أشارت المادة (٢٦) الفقرة الخامسة من لائحة محكمة لندن للتحكيم الدولي إلى أن يكون المحكم الفرد أو رئيس هيئة التحكيم مسؤولا عن تسلیم قرار التحكيم إلى محكمة لندن للتحكيم الدولي، ويقع على عاتق هذه الأخيرة إرسال النسخ مصادقة إلى الأطراف شريطة أن تكون نفقات التحكيم قد سددت إلى محكمة لندن .
ويمكن القول أن حجتهم في ذلك تستند إلى الطبيعة الخاصة لعملية التحكيم الإلكتروني حيث تتم إجراءاتها من البداية إلى النهاية من خلال وسائط إلكترونية عبر شبكات الإتصال، تتطلب تبليغ الحكم بذات الوسيلة التي تمت إجراءات التحكيم فيها، كما أن إتفاق الأطراف على استخدام الوسائل الإلكترونية لتسوية نزاعهم وتفاعلهم مع بعضهم البعض ومع هيئة التحكيم بواسطة هذه الوسائل، تفرض عليهم من الناحية المنطقية تقبل إعلانهم بالحكم من خلال تلك الوسائل الإلكترونية عبر شبكات الإتصال، ويكون بذلك تم إعلانهم بالحكم إعلاناً صحيحاً.
ونجد أن فحوى الفقرة الثانية من المادة (۳) من نظام ICC الخاصة بالمراسلات الكتابية والإخطارات، والتي تقر أن الإخطارات يمكن أن تتم بأية وسيلة من وسائل الاتصالات عن بعد تسمح بإقامة دليل على الإرسال، الأمر الذي يوحي أن تبليغ حكم التحكيم الإلكتروني عن طريق البريد الإلكتروني يفي بالغرض.
وبناء عليه، فإن حكم التحكيم الإلكتروني يرتب حال تنفيذه نتائج خطيره على أطراف النزاع سواء الطرف الذي صدر الحكم لصالحة، والذي بالتأكيد سيسعى بكل الوسائل الممكنة لتنفيذ هذا الحكم وبأسرع وقت ممكن، كما ويرتب أيضاً نتائج خطيرة على الطرف المحكوم عليه، تتمثل في فقدانه حقوق مالية أو وتجارية أو غيرها من الحقوق حال تنفيذ الحكم، والذي يمكنه الإحتفاظ بها إذا ما كان لديه الحق في ذلك من خلال الطعن على هذا الحكم برفع دعوى بطلان الحكم قبل إنتهاء الوقت المحدد لرفع الدعوى، لذلك تبرز أهمية إعلان حكم التحكيم الإلكتروني ووجوب قيام هيئة التحكيم بإعلانه لجميع الأطراف على حد سواء والتأكد من علم الأطراف به، ولا يشترط في ذلك استخدام وسيلة معينة لتبليغ الأطرف، ولكن يشترط في ذلك النتيجة والتي تتمثل في الوصول إلى مرحلة اليقين في أن أطراف النزاع قد تم تبليغهم بالحكم تبليغا صحيحا.
وقد نص المشرع المصري في الفقرة الثانية من المادة (٥٨) من قانون التحكيم المصري على وجوب إعلان حكم التحكيم حيث جاء فيها "لا يجوز الأمر بتنفيذ حكم التحكيم وفقاً لهذا القانون إلا بعد التحقق مما يأتي ........ أنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً .
لذلك فإن إعلان الحكم يعد وجوبيا وفقاً لما تقر به معظم القواعد المنظمة للتحكيم الإلكتروني، نظراً لأهميتة التي تتمثل في أن إجراءات الطعن على الحكم تتم خلال مدة معينة لا يجوز الطعن على الحكم بعدها، كما أن تصحيح ما ورد بحكم التحكيم الإلكتروني من أخطاء يتم أيضاً بمدة معينة تبدأ من تاريخ تبليغ الحكم، بالإضافة إلى أن طلب الأطراف من هيئة التحكيم أن تصدر حكم إضافي حال قامت هيئة التحكيم بإغفال الفصل في بعض المسائل بين الأطراف في الحكم الصادر عنها يتم كذلك خلال مدة معينة، تبدأ من تاريخ التبليغ .
ويمكن القول، أنه حتى لو كانت هيئة التحكيم تتوقع وبشكل كبير أن أطراف النزاع قد تم إعلانهم بالحكم من خلال الوسائط الإلكترونية عبر شبكات الإتصال، وذلك عند قيامهم بالإطلاع على موقع القضية الإلكتروني من خلال بريدهم الإلكتروني E-Mail، إلا أن ذلك لايكفي، نظراً للنتائج الخطيرة التي يرتبها إعلان الحكم على أطراف النزاع، لذلك لا بد من قيام هيئة التحكيم من التأكد يقيناً من استلام أطراف النزاع إعلان الحكم، ويمكن ذلك إما من خلال المحضر في المحكمة المختصة بالتنفيذ، أو من خلال قيام هيئة التحكيم أو السكرتارية في الهيئات التحكيمية الإلكترونية الدائمة بإرسال رسالة إلكترونية إلى موقع القضية الإلكتروني وإلى بريد الأطراف الإلكتروني ضمن نموذج معين ومعد خصيصاً من قبل هيئة التحكيم أو من السكرتارية في المركز التحكيمي، شريطة أن يحتوي على بعض الأسرار التي تتعلق بالقضية والتي لا يمكن تعبئتها إلا من قبل أطراف النزاع فقط لعلمهم بتلك الأسرار، وبعد قيامهم بتعبئتها يقومون بإرسالها إلى موقع القضية الإلكتروني المشفر والآمن، مما يفيد بإنه قد تم إعلانهم بالحكم إعلاناً صحيحاً.