تتطلب الأنظمة المختلفة إيداع الحكم قلم كتاب المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أو الجهة المختصة بذلك قانونا.
والهدف الأول يتحقق عند إخطار المحكم للأطراف بنتيجة الحكم ،أما الهدف الثاني فلا تثور مشكلة عند تنفيذ الحكم إختياراً، وحتى إذا طعن عليه، فإن إصدار الأمر بالتنفيذ ليس شرطاً لقبول الطعن،وإنما تثور المشكلة في الفرض الذي يمتنع فيه المحكم عن تسليم الأطراف صورة من الحكم على نحو يمنع المحكـوم لـه مـن تنفيذه،ففي هذا الفرض فقط تتجلى أهمية الإيداع.
إعفاء المحكم من الإلتزام بالإيداع:
يثور التساؤل حول الشخص المكلف بالإيداع وهل يقع هذا الإلتزام علـى عـائق المحكم،ومن ثم بعد مسئولاً في مواجهة الأطراف عند عدم إستيفائه لهذا الإلتزام،وهل ينتقل هذا الإلتزام إلى رئيس هيئة التحكيم عند تعدد المحكمين؟ أم أن هذا الالتزام يقع على عاتق الأطراف أو على وجه التحديد على الطرف الرابح ؟ ألزمت المادة "18" من نظام التحكيم السعودي قلم الكتاب بإخطار الخصوم بصورة من الحكم، أما المادة "2/1477" من قانون المرافعات الفرنسي الجديد فقد جعلت الإيداع مسئولية المحكم أواحد المحكمين عند تعددهم أو الطرف صاحب المصلحة،أي الخصم الذي صدر الحكم لصالحه .
ومن ثم فقد أناطت أحكام قانون التحكيم المصرى الجديد بالطرف الذي صدر الحكم لصالحه بإيداع الحكم لدى قلم كتـاب المحكمة، ولكن ما السبيل لمعرفة الأطراف بنتيجة الحكم ومن ثم إلتزام الرابح بإيداع الحكم ؟ لاشك أن هذا يقتضي أن يلتزم المحكم بإخطـار الأطراف بنتيجة الحكم، وهذا ما حرصت على تطلبه المادة 1/44 من القانون ذاته عندما ألزمت المحكم بتسليم صورة من الحكم لكلا الطرفين خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره. فجعل الإيداع مسئولية الطرف الرابح يرتبط بإلزام المحكم بإخطار الأطـراف بـالحكم إستكمالاً لالتزامه في مواجهتهـم بـإصدار الحكم، ومن ثم فإن هذا الحل يجنب الأطراف مواجهة مشكلة إمتناع المحكم عن إيداع الحكم، والبحث عن سبيل إلى إجباره على تقديمه. والإلتزام بالإيداع لايقتصر على الحكم النهائي، بل يمتد إلى الأحكام الجزئية والصادرة قبل الفصل في الموضوع إذا كانت قابلة للتنفيذ ولم يحدد هذا النص للطرف الرابح ميعاداً للإيداع، غير أنه يفترض أن الطرف الرابح له مصلحة في المسارعة بالإيداع بإعتباره شرطا لتنفيذ الحكم.