الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / إيداع الحكم / الكتب / قضاء التحكيم - الكتاب الثاني / إيداع حكم التحكيم

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    مكتبة القانون والاقتصاد
  • عدد الصفحات

    692
  • رقم الصفحة

    50

التفاصيل طباعة نسخ

إيداع حكم التحكيم

     يجب على هيئة التحكيم القيام بتسليم كل من طرفي التحكيم صورة من الحكم المنهى للخصومة تحمل توقيعات جميع المحكمين أو الأغلبية التي أصدرته. وقد ألزم قانون التحكيم المصرى الهيئة التي أصدرت الحكم بتسليم صورة موقعة منه إلى كل من الطرفين خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره (المادة ١/٤٤)، بينما حدد القانون العراقي ميعاد ثلاثة أيام من تاريخ صدور الحكم لتسليم صورة منه إلى كل من الطرفين وإيداع أصله المحكمة المختصة بالنزاع (المادة ٢٧١ مرافعات)، أما قانون المرافعات التونسى فإنه لم ينص على أية مهلة فـي هـذا الخصوص. وتبين هذه الأمثلة اختلاف التشريعات في معالجة هذا الموضوع. ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن ميعاد تسليم حكم التحكيم - في حالة وجود نص قانونى بشأنه هو ميعاد لا يترتب البطلان على مخالفته، وكل ما فـي الأمــر أنــه قـد يعرض هيئة التحكيم للمسئولية المدنية عن التأخير في تسليم الحكم المذكور.

     وتوجب غالبية تشريعات التحكيم الحديثة إيداع أصل حكم التحكيم أو صورة موقعة منه أمانة (قلم (كتاب) إحدى محاكم الدولة، فمنها ما ينص على إيدا الحكم المذكور المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع وتشريعات أخرى تشترط أن يتم ذلك الإيداع بالمحكمة التي صدر حكم التحكيم في دائرتها، وطائفة ثالثة توجب ايداع الحكم المذكور في المحكمة التي يقع في دائرتها مكان التحكيم.

    وقد حرصت بعض القوانين على النص على مهلة يجب خلالها إيداع حكم التحكيم بالمحكمة المختصة، وقد اختلفت هذه التشريعات فيما بينها بشأن مقدار تلك المهلة، فمنها مثلا من جعلتها ثلاثين يوما من تاريخ صدور الحكم كالقانون اليمني الجديد لسنة ۱۹۹۲ المادة (٥۰) ، ومنها من جعلها ثلاثة أيام كالقانون البحريني (المادة ۲۳۹) والعراقي المادة (٤٥٢) من قانون المرافعات الجزائرى وإلى جانب كل ذلك وجدت تشريعات أخرى سكتت تماماً عن الإشارة إلى أية مهلة فــــي هذا الخصوص منها على سبيل المثال: القانون المصرى والعماني والفرنسي والسويسرى والهولندى واللبناني.

    وتختلف التشريعات في تحديد من يقع عليه عبء إيداع حكم التحكيم فمنها من يلقى هذا الواجب على عاتق هيئة التحكيم أو أحد أعضائها مثل القانون اليمنى (٥٠) والجزائرى (٤٥٢) والعراقي (۲۷۱) ، أما القانون الفرنسي فقد عهــد بذلك إلى أحد المحكمين أو أطراف التحكيم (المادة (١٤٧٧)، والقانون السويسرى أجاز لأحد طرفي النزاع إيداع صورة طبق الأصل من حكم التحكيم المحكمة السويسرية التي يتبعها مكان التحكيم (۱۹۳) - كما أن هناك من التشريعات مـــــن ألقى بعبء هذا الإيداع على عاتق من صدر حكم التحكيم لصالحه كالقانون المصرى (٤٧) والعماني (٤٧). وأخيراً فإن هناك من القوانين التي أوجبت إيداع حكم التحكيم ولكن دون بيان الملزم بذلك كالقانون الهولندى واللبناني والمغربي والبحريني والقطري والكويتي.

    ويحقق إيداع حكم التحكيم في إحدى محاكم الدولة أو أي جهة مختصة أخرى من الفوائد التي لا يمكن جحدها، ذلك أن هذا الإيداع يوفر الحماية الضرورية لحكم التحكيم إذ يرفع يد المحكمين عنه فلا تمتد إليه بتعديل أو تغييــر بعد صدوره، كما يحفظه من الضياع أو التلف في مكان أمين، وبذلك يسهل الرجوع إليه عند الحاجة، فضلاً عن أنه يؤكد تاريخ صدوره، وكل ذلك بلا شــــك لازم لحماية حقوق أطراف التحكيم وأخيراً نجد أن تشريعات كثير من الدول تنص على اعتبار إيداع حكم التحكيم الجهة المختصة من الشروط اللازمة لإصدار الأمر بتنفيذه. ومن هنا فإن التأخير أو التقاعس في إيداع حكم التحكيم الجهة التــــى حددها القانون قد يعتبر سببا لمسئولية هيئة التحكيم إن كانت هي المكلفة قانونا بذلك الإيداع، فتسأل عندئذ عن الضرر الذي قد يترتب على تأخيرهـا فـي هـذا الخصوص، وغنى عن البيان أن من صدر الحكم لصالحه سيكون هو الطرف الأكثر حرصاً على المبادرة بإيداعه في أسرع وقت ممكن. ونظرا لما لإبداع حكم التحكيم على النحو السالف بيانه من أهمية فقد عنيت بعض لوائح مراكز التحكيم الدولية المعروفة بإلزام هيئة التحكيم بتنفيذ ما يقضى به قانون البلد الى صدر فيه حكم التحكيم بشأن ايداعه أو تسجيله والتقيد بالمهلة المقررة لذلك.

 

وتثور فى العمل مسألة إيداع حكم التحكيم قلم كتاب محكمة غير مختصة بذلك قانوناً، وقد عرضت هذه المسألة على محكمة استئناف القاهرة فقضت فيها بعدم اعتبار إيداع حكم التحكيم محكمة غير مختصة سببا من أسباب بطلانه، ذلك أن المشرع لم يرتب جزاء على هذا الإيداع الخاطئ، كما أنه ليس من أحـــوال البطلان المنصوص عليها في المادة (٥٣) من قانون التحكيم المصرى على سبيل الحصر. ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن إيداع حكم التحكيم قلم كتاب محكمة غير مختصة يجب أنه يؤدى إلى منع إصدار الأمر بتنفيذه، ذلك أن المشرع المصرى مثلاً قد اشترط تقديم صورة من المحضر الدال على إيداع حكم التحكيم، قلم كتاب المحكمة المشار إليها في المادة (۹) من قانون التحكيم ضمن المستندات الواجب إرفاقها بطلب الأمر بتنفيذ الحكم المذكور، وذلك حتى يتحقق القاضي من إيداع هذا الحكم المحكمة المختصة وإلا رفض إصدار الأمر المطلوب. وقد كشفت عدة قضايا عن لجوء البعض إلى إيداع أحكام التحكيم في قلم كتاب محكمــة غيـر مختصة كوسيلة آثمة للغش والتحايل بقصد إخفاء أمر حكم تحكيم (صــدر هـو الآخر بطريق الغش والتزوير أو بهما معا عن أصحاب الشأن الحقيقيين.