اذا صدر حكم المحكمين المنهى للخصومة ، فيجب على هيئة التحكيم أن تسلم صورة من هذا الحكم تحمل توقيعات جميع المحكمين أو أغلبيتهم على النحو الســابق تفصـيله ، لكل طرفي التحكيم وقد حدد المشرع مدة ثلاثين يوما من تاريخ صدور الحكم ميعادا لاتمام هذا التسليم والأمر يتعلق بميعاد تنظيمي ، ولا يصح نشر الأحكام الصادرة في المنازعات التي يتم حسمها عن طريق التحكيم ، وذلك تحقيقا لاحدى المزايا الرئيسية التي تدفع الأطراف الى الالتجاء للتحكيم لتسوية خلافاتهم بعيدا عن ساحات القضاء وما تفضى اليه من علانية قد تؤدى الى الاضرار بمصالح الأطراف ، خاصة وأن التحكيم لا يؤدى بالحتم الى القطيعة التي تخلفها الأحكام القضائية ، فقد تتواصل العلاقات ، وتستأنف سيرها بين أطراف العقد بعد حسم الخلاف الذي نشب بينهم وتمت تسويته بحكم التحكيم مما يستحسن معه عدم ديوع وانتشار أمر هذا الخلاف ، خاصة اذا تعلق بمسائل » فنية » أو أسرار تقنية يحرص الجميع على بقائها محتفظة بطابعها السرى . ولكن لا يوجد ما يمنع من نشر أحكام التحكيم أو اجزاء منها بعد الحصول على موافقة الأطراف .
وكانت نصوص قانون المرافعات الملغاة ( المادة ٥٠٨ ) توجب ايداع أصل الحكم ، سواء كان الحكم المنهى للخصومة أو كان حكما صادرا بشأن اجراء من اجراءات التحقيق ، وكذلك ايداع أصل وثيقة التحكيم ، وذلك خلال الخمسة عشر يوما التالية الصدور هذه الأحكام . ويتولى ذلك المحكمون ، على أن يتم الايداع فى قلم كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع أو قلم كتاب محكمة الاستئناف المختصة بنظر الاستئناف اذا تعلق التحكيم بقضية استئناف .
وقد تغير نهج المشرع فى القانون الجديد ، ووفقا لهذا النهج الجديد لم يعد الملتزم بالايداع هم المحكمون ، وانما من صدر الحكم لصالحه ، فهو « صاحب المصلحة » في اتخاذ هذا الاجراء على وجه السرعة تمهيدا لاتخاذ اجراءات تنفيذ الحكم . ولذلك لم تتضمن المادة ( ٤٧ » التي تعالج الايداع ، تحديد المدة التي يتم فيها الايداع ، خاصة وأننا كما أشرنا لم يكن لفوات هذه المدة أي أثر سوى الرجوع على المحكمين الذين أهملوا الايداع أما وقد أصبح الملزم هو ( صاحب المصلحة » فلم يعد ثم مبرر لوضع مدة زمنية.
ولم يعد ممكنا الزام من صدر الحكم لصالحه بايداع أصل الحكم كما كما هو الشأن عندما كان الملتزم هم المحكمون ، وانما أتاح المشرع للمحكوم لصالحه امكانية ايداع أصل الحكم أو صورة موقعة منه . ونظرا لاحتمال صدور الحكم بغير اللغة العربية سواء لكونه تحكيما دوليا أو داخليا واتفق الأطراف على استخدام لغة أجنبية سواء في المرافعات أو المذكرات أو اصدار الأحكام ، الزم المشرع من صدر الحكم لصالحه بتقديم ترجمة باللغة العربية مصدقا عليها من احدى الجهات المعتمدة التي يصدر بتحديدها قرار وزير العدل . وقد ورد في تقرير اللجنة المشتركة فى هذا الخصوص ، أن المقصود « التيسير على قلم كتاب المحكمة أن يحرر محضر ايداع الحكم . ويقوم كاتب المحكمة بتحرير هذا المحضر الذى يجوز لأى طرف الحصول على صورة منه .
وجدير بالملاحظة أن الالزام بالايداع ينصب على « حـكم التحكيم » وهو تعبير ينصرف الى الحكم المنهى للخصومة ، سواء كليا أو جزئيا أما الأحكام الصادرة باجراء أو بأمر تحفظى أثناء سير عملية التحكيم فلا يستوعبها تعبير » حكم التحكيم » الذى يستلزم النص ايداعه .
ويتم الايداع فى قلم كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع اذا تعلق الأمر بتحكيم داخلى ، أما اذا تعلق بتحكيم تجارى دولي ، فيتم الايداع في قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة أو محكمة الاستئناف المتفق عليها بين الأطراف .