حكم التحكيم / مراعاة القواعد الآمرة في الدولة التي يراد التنفيذ فيها / الكتب / أحكام المحكمين وتنفيذها وفقاً لاتفاقية نيويورك / الأوامر التي يتضمنها الحكم التحكيمي
للمحكم أصلا أن يصدر حكمه شاملا لجميع المسائل موضع النزاع، ومع ذلك له أن يفصل في المسائل الثانوية الأخرى المصاحبة للحكم التحكيمي في وقت لاحق .
في الكويت فإن الحكم التحكيمي يصدر بصيغة. «بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة، وللأسباب الواردة في الحكم»، ثم يعقب ذلك بالقول : حكمت هيئة التحكيم بأن يؤدي طرف إلى آخر مبلغاً من النقود مع الفصل في مصروفات التحكيم". ويمكن بيان الأوامر التي يتضمنها الحكم التحكيمي على النحو التالي :
أولا : الأوامر في الأحكام التي توجب دفع مبالغ نقدية Awards for payment of Money
أن الأحكام التي تلزم طرفا بدفع مبلغ من النقود لطرف آخر، سواء أكانت بشكل دين أو تعويضات، هي أكثر أنواع الأحكام انتشاراً، وعادة ما يحدد المحكم وقتاً لدفع هذا المبلغ، كما قد يحدد طريقة الدفع بالأقساط، فإذا لم يتم الدفع في الميعاد المحدد، فإن الطرف المدين يجبر على دفع مبلغ أكبر كعقوبة، كما إذا كان الدفع بشكل أقساط وتخلف عن دفع قسط مستحق الأداء، فإن المبلغ كله يستحق الأداء .
ومالم ينص في الحكم التحكيمي على خلاف ذلك، فإن المبلغ المحكوم به تسري عليه فائدة من تاريخ الحكم بنفس النسبة المقررة في الأحكام القضائية ومع ذلك فالمحكم له أن يصدر أمراً بأن الحكم لا يحمل في ثناياه فوائد على المبالغ المحكوم بها.
وللمحكم أن يصدر حكمه بدفع مبلغ من النقود بعملة أجنبية ، ولا داعي لأن يحول ذلك المبلغ بالعملة الوطنية مع أنه يمكن تقييد حق المحكم في هذا الشأن بموجب شرط في مشارطة التحكيم .
وقد يتضمن حكم المحكم الأمر بدفع مبلغ من النقود لشخص ثالث ، ومثل هذا الأمر يعتبر باطلا إلا إذا كان لصالح شخص مذكور في مشارطة التحكيم ويقع عبء اثبات Ones ذلك على عاتق من يسعى لتنفيذ الحكم. فإذا كان أمر الدفع لصالح واحد من الأطراف المتضامنين Joint Parties فإن ذلك قد يكون صحيحاً حتى لو كان ذلك التضامن يشوبه سوء النية .
ثانياً : الأمر بالامتناع عن أداء عمل ما Injunction
لا يوجد سبب يمنع المحكم بحسب الأصل، من التمتع بسلطة اصدار حكم بشكل أمر بالامتناع على نحو مؤقت أو دائم Interim or Final Injunction)، لكن روح الاستجابة لمطالب المدعي عن طريق الأمر بالامتناع هي في سرعة توفر هذا الأمر ذلك أن مثل هذا الحكم لا يمكن تنفيذه عن طريق الاكراه مالم تتخذ الاجراءات اللازمة لتنفيذه كحكم"، ولهذا كان أفضل سبيل لمن يسعى للحصول على حكم بالامتناع هو اللجوء إلى المحاكم الطلب أمر مؤقت بالامتناع .
فإذا تقدم المدعى عليه Defendant للحصول على وقف بالتنفيذ Stay ونجح في ذلك، فإن للمحكمة سلطة إصدار حكم مؤقت بالامتناع معلقة بذلك نتيجة التحكيم .
ثالثاً : التعويض Indemnity
ليس للمحكم بشكل عام أن يصدر أمراً لأحد أطراف التحكيم بتعويض الطرف الآخر في مقابل حوادث احتمالية معينة" إلا إذا كانت لديه سلطة خاصة لذلك وفيها عدا ذلك فإن للمحكم سلطة إعلان أن على أحد الطرفين أن يعوض الطرف الآخر مقابل المسئوليات أو المصروفات التي يتكبدها، ويعتبر هذا النوع ذا قيمة خاصة إذا كان الالتزام أو المصروفات لم يتحملها الطرف الآخر بعد أو لم تقدر حتى صدور الحكم، لكن إذا احتفظ المحكم بسلطة البت في المنازعات مثل مدى التعويض واصدار أحكام لاحقة تتعلق بالمسائل النقدية التي تدخل في التعويض، فإن عليه أن يوضح بجلاء أن حكمه إنما هو حكم مؤقت .
رابعاً : الفائدة Interest
يفرق في هذا الخصوص بين سلطة المحكم ليحكم في الفائدة عن المدة السابقة لإصدار الحكم التحكيمي، وبين سلطته ليحكم في القائدة عن المدة بعد اصدار الحكم .
ويستمد المحكم سلطنه في تضمين حكمه الفائدة عن المدة السابقة لصدور التحكيمي من القاعدة التي تعطي المحكمين نفس سلطات المحاكم في موضوع الحكم بالفائدة، وهكذا فحيث صدر حكم تحكيمي لصالح صاحب سفينة ضد المستأجرين بمبلغ معين كغرامات تأخير Demurrage وكان من ضمن الاختصاص المحكم الحكم في الفائدة المستحقة على ذلك المبلغ .
ثم استؤنف الحكم أمام محكمة الاستئناف، فحكمت بوجود شرط ضمني ، الإحالة بأن على المحكم أن يحسم النزاع بموجب قانون العقد الذي يعطي الحق اللمحكمة بالحكم في الفائدة على الدين أو التعويض، وعليه كان للمحكم سلطة إصدار حكم في القائدة .
وفي قضية أخرى دفعت الغرامات التأخيرية في وقت متأخر وقبل الشروع في التحكيم فطالب صاحب السفينة بالفائدة المستحقة على المبالغ التي حكمت له كغرامة تأخيرية، ولما استؤنف الحكم أمام المحكمة الاستئنافية حكمت بأنه الما كانت المحكمة المختصة هي المحكمة البحرية Admiralty Court التي تختص بالحكم في الفائدة كتعويض عن عدم دفع النقود المستحقة حتى تاريخ معين، فإن المحكم له أن يفعل الشيء ذاته ويحكم بالفائدة المستحقة على المبلغ المتأخر.
أما عن الفائدة التي تدفع خلال الفترة اللاحقة لإصدار الحكم التحكيمي فإن للمحكم أن يضمنها في حكمه بالنسبة التي يتضمنها الحكم القضائي، مالم يعلن المحكم بأن المبلغ المحكوم به لاتستحق عنه أي فائدة وفي هذه الحالة عليه أن يذكر أسباب ذلك والفائدة المحكوم بها ليست عقاباً للمدعى عليه وإنما هي تعويض للمدعى لعدم استفادته من النقود ومن الوقت الذي تكون فيه مستحقة الدفع وتاريخ الحكم نفسه .
ومما لاشك فيه أن المحكم يخطىء باصدار حكم بمبلغ من النقود بدون أن يتضمن إشارة إلى الفوائد المستحقة عن التأخير في الدفع ولذا فإنه يحال ثانية إلى المحكم لمعالجة موضوع الفائدة مالم يقترن بتوضيح يبرر عدم الحكم بالفائدة .
ويلاحظ أن نسبة الفائدة التأخيرية في المواد التجارية هي ما جاءت به المادة 110 من القانون التجاري كما يجوز للطرفين الاتفاق على سعر آخر للفوائد على الا تزيد عن الأسعار المعلنة من البنك المركزي (م ۱۱۲ تجاري) في تاريخ الحكم.
ومن ذلك يتضح أنه يمكن الحكم بالفائدة على المبالغ المدفوعة في الحالات التالية :
1 - إذا كان هناك اتفاق صريح أو ضمني على دفع فائدة .
2 - إذا كانت الفائدة مقررة بحكم من المحكمة .
3 ـ إذا كانت الدعوى تدخل ضمن اختصاص الدائرة البحرية من المحكمة .
4 ـ إذا كانت الدعوى الخاصة بالفائدة متعلقة بتعويضات خاصة ومتميزة عن الدعوى الخاصة بالتعويض بشكل عام .
خامساً : الأوامر المخالفة للقانون أو المستحيلة :
يشترط أن تكون أوامر المحكم قانونية، بمعنى أن تكون وفق القانون فلا تخالفه كما لو كان أمر المحكم موجهاً لأحد أطراف التحكيم يتضمن ارتكاب جريمة مثل القتل أو السرقة أو التزوير، فكلها أوامر باطلة . وكذا الحال في الأوامر التي يستحيل تنفيذها حيث يبطل الحكم التحكيمي مثل الأمر الموجه إلى طفل بتنفيذ إبراء أو مخالصة في وصية حتى لو حدث ذلك بناء على إحالة ملزمة لصالح الطفل لأن هذا لا يمكنه أن ينفذ ابراء أو مخالصة ملزمة .
يتضح مما سبق أنه يجب أن تتوفر في الأحكام التحكيمية شروطاً يمكن تنفيذها وإلا كانت عرضة للطعن أمام المحاكم التي قد تلغيها أو تحيلها للمحكم ثانية لإعادة النظر فيها.