الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / ماهية منطقية أسباب حكم التحكيم / الكتب / البناء الفني ومدى رقابة محكمة النقض عليه / ماهية منطقية اسباب حكم التحكيم 

  • الاسم

    د. محمود مختار عبد المغيث محمد
  • تاريخ النشر

    2012-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    511
  • رقم الصفحة

    207

التفاصيل طباعة نسخ

ماهية منطقية اسباب حكم التحكيم 

أما في مجال التحكيم، يثور التساؤل عن مدى ضرورة وجود علاقة منطقية بين الأسباب التي تذكرها هيئة التحكيم من ناحية أولى، وبين النتيجة النهائية التي يتضمنها منطوق حكم التحكيم من ناحية أخرى.

اختلف الفقه والقضاء حول الإجابة على التساؤل السابق، وانقسم لاتجاهين رئيسين، 

الاتجاه الأول (الاتجاه الفقهي) يري لزوم إعمال قواعد المنطق القانوني والقضائي على أسباب حكم التحكيم، فلا يستطيع المحكم على التحلل من إعمال هذه القواعد المنطقية التي تعد من قبيل القواعد الإجرائية التي لا يستقيم الحكم بدونها .

الاتجاه الأول ( الاتجاه الفقهي )

فلا يكفي أن يتضمن حكم التحكيم أسبابه من الناحية المادية فحسب، بل يجب أن تكون هذه الأسباب ملائمة، بمعنى أنه يجب على هيئة التحكيم الفصل في ادعاءات الأطراف على نحو صحيح وسليم ووفقاً لحكم القاعدة القانونية الملائمة.

ووفقاً لهذا الاتجاه، لمنطقية الأسباب مدلول ومعنى واحد لا يختلف تبعاً لتباين الحكم الفاصل في النزاع، وما إذا كان حكماً قضائياً أم حكماً تحكيمياً.

وبالتالي، يحظى تسبيب حكم التحكيم بنفس الخصائص التي تتطلبها أسباب حكم القضاء، فيجب أن يكون كامل ومحدد وواضح وملائم، ولا يجوز أن يكون غامض أو متناقض او غير كاف أو يشوبه عيب منطقي.

ثانيا - الاتجاه الثاني: (الاتجاه القضائي)

بينما ذهب هذا الاتجاه إلى أن ضابط منطقية الأسباب لا ترفضه طبيعة التحكيم ، وإنما تصبغ عليه مفهوم أو مدلول مختلف عن نظيره المستقر في مجال أسباب حكم القضاء.

كما أن صحة حكم التحكيم تقاس بمدى التزام هيئة التحكيم باحكام القانون المطبق وليس بمدي عدالته التي يرفض قضاء البطلان تقيمها أو النظر إليها. 

وأوضحت المحكمة السابقة أنه "كان حكم التحكيم قد تناول وقائع النزاع وأفرد لذكر طلبات الطرفين ودفاعهما ومستنداتهما وطبق القانون الواجب التطبيق على النزاع وفقاً لإرادة الطرفين.

وأقامت المحكمة السابقة قضائها على أنه "لم يجعل المشرع خطأ حكم المحكمين في استخلاص وقائع الدعوى، أو عدم كفاية الأسباب من الأسباب التي تجيز طلب إبطال الحكم.

أبرزت الممارسات العملية أن أحكام التحكيم الصادرة علي المستويين الداخلي والدولي تنطوي على حلول وسط للنزاع رغم أن الحل كان ينبغي أن يصب في مصلحة أحد الخصوم دون الأخر إعمالا لقواعد المنطق القضائي.

وهو ما يبرز دور التحكيم في مجال التجارة الدولية، والذي يساعد أطرافها على تجاوز خلافاتهم ومواصلة التعامل فيما بينهم تحقيقا لمصالحهم المشتركة.

توثيق هذا الكاتب

1 - يؤدي تأييد الاتجاه الأول إلى إلزام هيئات التحكيم بقواعد المنطق سواء القانونية أو القضائية؛ أي تطبيق قواعد المنطق بتقسيماته المتعددة والمعمول بها في مجال تسبيب الأحكام القضائية.

2 . ضرورة تطبيق قواعد المنطق القانوني والقضائي علي أسباب حكم التحكيم قد يجهض مبدأ علم معاملة أسباب حكم التحكيم ذات المعاملة التي يلقاها حكم القضاء.

3- عدم قدرة هيئة التحكيم على القيام بما يضطلع به قاضي الدولة في هذا المقام، فتطبيق قواعد المنطق على الأسباب لا يتفق والنشأة المهنية لأعضاء هيئات التحكيم.

4 - تأسيس الاتجاه القضائي لوجهة نظره على مدى التزام هيئة التحكيم بقواعد القانون المطبق على موضوع النزاع للتأكد من صحة الأسباب.

وهو ما أيدته محكمة استئناف القاهرة، فقضت بأنه "طالما قد صدر حكم التحكيم مسبباً، فلا يهم بعد ذلك مضمون هذه الأسباب، أو مدی سلامتها من الناحيتين الواقعية والقانونية". كذلك، قضت ذات المحكمة بأنه "لم يجعل المشرع خطأ حكم المحكمين في استخلاص وقائع الدعوى.

كما أكدت محكمة استئناف باريس علي أنه :"يخرج عدم ملاءمة الاستدلال القانوني للمحكم عن نطاق رقابة قاضي البطلان". بل ذهب القضاء الفرنسي إلى أبعد من ذلك، مكتفياً بوجود "العلاقة المنطقية بين المنطوق و الأسباب".

مبررات تباين منطقية أسباب حكم التحكيم

وعليه، ترجع بعض هذه المبررات إلى طبيعة العلاقات القائمة بين المحتكمين أنفسهم، وبعضها يستشف من طبيعة القواعد القانونية المحتمل تطبيقها على موضوع النزاع، وذلك على النحو الآتي:

أولا . حرص الخصوم علي بقاء علاقاتهم التجارية قائمة بعد انتهاء النزاع:

يحرص التجار. على عكس الأشخاص العادية . على إبقاء العلاقة التعاقدية فيما بينهم خيراً من التطبيق الدقيق للقانون، فإبقاء العقد عندهم أكثر فائدة من الجزاء القانوني الدقيق.

بل، وعلى فرض حماية القواعد القانونية المطبقة بواسطة القاضي لمصالح الأطراف، فإن صياغة هذه القواعد في قالب قانوني مجرد لا يعكس بالضرورة طبيعة مصالح كل علاقة تعاقدية قائمة، والتي ستأخذها هيئات التحكيم .