الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / القابلية للتنفيذ / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / المركز القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي / تنفيذ حكم المحكم

  • الاسم

    زكريا محمد يحيى صالح
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    111

التفاصيل طباعة نسخ

تنفيذ حكم المحكم

أما بالنسبة لتنفيذ الأحكام التي يصدرها المحكم فلا توجد أية سلطة أو قوة تمكن المحكم من تنفيذ أحكامه، حيث كان يمارس عمله دون أن يكون ممثلا للسلطة العامة، فهو يمارس عمله كفرد عادي وبذلك لم تكن هناك قوة إجبار على تنفيذ الأحكام التي يصدرها المحكم، فكان الخصوم مخیرین.بأن يقبلوا الحكم أو أن يرفضوه، وتعتبر الأحكام التي يصدرها المحكم غير ملزمة للخصوم، فكان الشخص الذي يصدر ضده الحكم لا يمتثل في بعض الحالات لحكم المحكم، وذلك لعدم وجود سلطة تلزمه بتنفيذ ذلك الحكم، وكذلك فإن من الأمور التي تجعل المحكوم عليه ينفذ الحكم خوفه من الرأي العام للقبيلة إذا ما خالف حكم المحكم ولم ينفذه، فكان ذلك العمل يعتبر خرقا للنظام القبلي ويعتبر عار وهوانا، و أما بالنسبة للمواثيق والعهود التي يطلبها المحكم من الخصوم يجب الوفاء بها وتعتبر من الخصال الهامة التي يجب أن يتصف بها الفرد في مجتمع القبيلة، فإن الوفاء بالعهد وكراهة الغدر والخيانة كانت أعظم الخصال التي يتصف بها العرب قبل الإسلام، فالشخص الذي كان يخدر أو يخون ولا يفي بعهده يتم التشهير به بين القبائل أثناء انعقاد الأسواق والاجتماعات العامة والمناسبات الهامة، وذلك حتى يكون عظة وعبرة لغيره، وإن من يتصف بالوفاء واحترام المواثيق والتي يعتبرها العرب من المراتب العليا والمقدسة، وأن من يحنث بوعده فهو آثم ويستحق العقاب من الله وازدراء واحتقار من الناس، ويظهر مدى احترام وتقدير العرب قبل الإسلام لا للعهود والمواثيق أنه في حالة وقوع حروب واستمرارها بين القبائل العربية، فإن تلك الحروب الحاصلة تتوقف فورا عندما يهل شهر الهدنة، وذلك دون أي ضغوط أو رقيب أو سلطة حاكم، ويعتبر الوفاء من أجمل الخصال التي تحلى به العربي في المجتمعات القبلية، ويوصف من يتحلى بخصلة الوفاء بالنبل والشهامة والرجولة، ومن الروايات التي يمكن الاستدلال بها على احترام العرب قبل الإسلام للعهود والمواثيق:

ما روي أن الأوس والخزرج احتكمنا إلي ثابت بن المنذر بن حزم، حيث قالوا له حكمناك، فقال: لهم أخاف ألا تقبلوا حكمي وترفضوه كما رفضتم حكم عمرو بن امرئ القيس فقالوا: إنا لا نرفض لك حكما فأحكم بيننا، فقال: لهم لا أحكم بينكم حتى تعطوني عهداً و موثقة أن ترضوا بحكمي ولا تنقضوه، فوافق القوم وأعطوه عهودهم ومواثيقهم بأن لا يرفضوا حكمه ويقبلوا بما قضي بينهم فوافق فحكم بينهم)، وهذا إنما يدل على مدى أهمية العهود والمواثيق عند العرب قبل الإسلام، فكانت تمثل قيمة معنوية وأدبية لدى العرب.

لهذا كانت جميع القبائل العربية تحرص كل الحرص على احترام وتنفيذ الأحكام التي يصدرها حكامها، وإن من الإجراءات التي كانت تتخذها القبيلة على من صدر الحكم ضده ولم ينفذه، أن يتم خلعه وطرده من القبيلة، وكانت تلك الإجراءات تتخذ ضد كل من يستخف بأوامر القبيلة ويقوم بخرق عاداتها وتقاليدها وأعرافها، ويكون الخلع والطرد علانية أمام الناس في المواسم وعند إقامة الأسواق، وذلك لكي يشتهر الشخص الذي تم خلعه وطرده حتى يتجنبه جميع . افراد القبائل، وقد اشتهر عن أهل الحجاز أنهم كانوا يأمرون بنفي من يتم خلعهم وطردهم إلى منطقة يطلق عليها حضوضي وهو جبل موجود في الحجاز، وإن اتخاذ إجراء الخلع أو الطرد معناه أن المخلوع أصبح كالمجرم ولا ينتمي إلى أي قبيلة أو عشيرة تدافع عنه إذا حصل له مكروه.