الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / القابلية للتنفيذ / الكتب / القوة التنفذية لحكم التحكيم / مفترض القوة التنفيذية لحكم التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد محمد حشيش
  • تاريخ النشر

    2001-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الفكر الجامعي
  • عدد الصفحات

    191
  • رقم الصفحة

    57

التفاصيل طباعة نسخ

 - عرض وتقسيم:

المصدر المباشر للقوة التنفيذية هو القانون الذي يزود بها من لدنه مباشرة الأعمال القانونية المحددة حصراً والمعروفة بالسندات: فتصير سندات فيه.

 لذا فإن القوة التنفيذية لا تترتب على أي عمل من هذه الأعمال منذ صدوره، إنما ترتب عليه بعد ذلك. وهذا كما يعني أن القوة التنفيذية أثر غير هل التحضيري للسند، يعني أن السيد لا يعدو أن يكون مفترضا لها، شكلي سابق ولازم لوجودها، سواء كان هذا السند قضائية (من أعمال القضاء) أو تحكيمية (من أعمال التحكيم) أو توثيقيا (من أعمال التوثيق).

قاعدة السند التحكيمي مركب:

- أساس القاعدة:

القاعدة أن السند التحكيمي le titre arbitrale مركب، لا مفرد. وهذه. القاعدة توجه من التوجهات الثابتة في قوانين المرافعات المختلفة. وبموجب هذه القاعدة تبنت تلك القوانين نظام الأمر بتنفيذ حكم التحكيم.

 وبموجب هذه القاعدة أيضا، تبني قانون التحكيم المصري نظام الأمر بتنفيذ العمل التحكيمي الذي استحدثه المادة 41 تحكيم وأعطته ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة للتنفيذ. وبهذا تبنى القانون المصري نظام الأمر بتنفيذ العمل التحكيمي، سواء كان حكما تحكيمياً، أو ليس تحكيميا آخر.

ففي رأي، أن العمل التحكيمي عند صدوره هو عمل خاص acte prive، لا عمل عام. والأمر بالتنفيذ يوفر لهذا العمل الخاص العمومية اللازمة للسند التنفيذي. لكن هذا الرأي مردود. لأنه يجعل للعمل التحكيمي عمومية طارئة دائما، لا عمومية أصلية على الإطلاق، حتى بعد الأمر بالتنفيذ. كما يجعل الأمر بتنفيذ العمل التحكيمي لازمه من لوازم وجود عموميته الطارئة، حتى لو لم يكن هذا العمل يتضمن أي إلزام، أي حتى لو لم يكن قابلا للتنفيذ الجبري.

بينما الرأي الراجح أن العمل التحكيمي عند صدوره هو عمل عام acte publ، لا عمل خاص، ولو أن هذا العمل العام لا يرقى إلى مصاف السندات التنفيذية، من حيث العمومية، أي أنه بطبيعته أقل من هذه السندات من حيث العمومية، والأمر بالتنفيذ يعوض هذا الفارق في درجة العمومية بين التحكيم والسندات التنفيذية.

وهذا الرأي الراجح يتفق مع طبيعة المهمة التحكيمية باعتبارها مهمة إجرائية عامة عرضية وموقوتة ومأجورة من جانب الخصوم وتتطلب قبولا من جانب المحكم الذي يجب أن يتوافر فيه الشرط اللازم لعمومية عمله (م /۱۹ تحكيم)، ولو أن هذه المهمة لا هي وظيفة عامة ولا هي خدمة عامة دائمة، وبالتالي فإن الشرط اللازم لعمومية عمل المحكم أخف الشروط اللازمة العمومية الأعمال العامة.

ومؤدى هذا الرأي الراجح أن حكم التحكيم، وإن كان حكماً بالمعنى الإجرائي، أي عمل إجرائي ذو طابع عام، ومن ثم فهو ورقة مرافعات، لكنه ورقة مرافعات غير عادية، أي ورقة مرافعات أقل من الحكم القضائي باعتباره ورقة مرافعات عادية، وذلك من حيث العمومية وبالتالي من حيث الرسمية اللازمة لورقة المرافعات العادية.

- مدى إطلاق القاعدة:

قاعدة السند التحكيمي المركب، إذ تستند إلى طبيعة العمل التحكيمي، لا إلى اعتبارات الملاءمة، فهي بطبيعتها قاعدة عامة، ومن ثم تسري على الأعمال التحكيمية القابلة للتنفيذ الجبري أيا كانت، أي بصرف النظر عما إذا كانت هذه الأعمال أحكاماً تحكيمية أو أعمالاً تحكيمية أخرى (م 41 تحكيم)، وبصرف النظر عما إذا كانت الأحكام التحكيمية أحكام تحكيم اختياري أو إجباري.

لذا فإن إعفاء أحكام التحكيم الإجباري من الخضوع لنظام الأمر بالتنفيذ هذا الإعفاء يعد استثناء على قاعدة السند التحكيمي المركب. ففي مصر، نظام التحكم في منازعات القطاع العام طبقا لقانون المؤسسات العامة السابق والحالي رقم ۹۷ لسنة ۱۹۸۳، هو نظام تحكيم إجباري تقوم به هينة يرأسها دائما أحد رجال القضاء وأحكامها معفاة من الخضوع لنظام الأمر بالتنفيذ.

وهكذا فإن هذا الاتجاه، إذ يوحد فكرة التحكيم والتحكيم الاختباري، فهو ينفي ليس فقط الطبيعة التحكيمية للتحكيم الإجباري، إنما أيضا وجود فكرة التحكيم الإجباري، بل كذلك الطبيعة الاستثنائية لإعفاء حكم التحكيم الإجباري من الخضوع لنظام الأمر بالتنفيذ. لكنه اتجاه مردود بما يلي:

  1. فصحيح أنه لا تحكيم اختياري بلا اتفاق تحكيم، لكن ليس صحيحا أنه لا تحكيم بلا اتفاق تحكيم. فالمفترض الثابت في فكرة التحكيم عامة، ليس هو اتفاق التحكيم. ومن ثم فمن المتصور أن يوجد تحكيم بلا اتفاق تحكيم، كما هو الشأن في التحكيم الإجباري. لأن المفترض الثابت في فكرة التحكيم عامة هو المهمة التحكيمية، سواء كان اختياريا أم إجباريا.

ومن ثم فإن استثناء حكم التحكيم الإجباري من الخضوع لقاعدة السند التحكيمي المركب، هذا الاستثناء يثير التساؤل عما إذا كانت تلك القاعدة تحتمل أو لا تحتمل الاستثناء، خاصة أن مبناها هو طبيعة العمل التحكيمي، لا اعتبارات الملاءمة؟ وهذا التساؤل له أهميته. ليس فقط من حيث مدى جواز الاستثناء السالف ذكره، إنما أيضا من حيث مدى وجوب الأمر بالتنفيذ الحكم التحكيم الإجباري الذي نظمه قانون مجلس الدولة.

إذ نصت المادة 66 من قانون مجلس الدولة على أن «تختص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي في المسائل والموضوعات الآلية: (أ) ...... (ب) ...... (ج) ...... (د) المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو بين المصالح العامة أو بين الهيئات العامة أو بين المؤسسات عامة أو بين الهيئات المحلية أو بين هذه الجهات وبعضها البعض». فهذا نظام هو نظام التحكيم الإجباري، خاصة أن المسلم أن تلك الجمعية العمومية

هي إلى القسم القضائي بمجلس الدولة (م؟ من قانون مجلس الدولة). لم فأحكامها في هذه المنازعات هي أحكام تحكيمية لها حجية، أي قوة، لذا نصت المادة 16 سالفة الذكر على أن يكون رأي الجمعية الاسمي الفتوى والتشريع في هذه المنازعات ملزما للجانبين». لكن ليس لهذه الأحكام حجية الأمر المقضي، إنما لها مجرد حجية الأمر المحكم فيه.

وفي تقديرنا أن قاعدة السند التحكيمي المركب إذ تستند إلى منطق المهمة التحكيمية وطبيعة العمل التحكيمي، فهي لا تحتمل أي استثناء. لذا فإن استثناء حكم التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام من الخضوع لهذه القاعدة، ليس له أي مبرر حقيقي، وحكم التحكيم الإجباري في النظام المنصوص عليه في المادة 66 من قانون مجلس الدولة، إذ لم يستثنه هذا القانون من الخضوع لنظام الأمر بالتنفيذ، فهو بطبيعته لا يستعصي على الخضوع لقاعدة السنة التحكيمي المركب.

- تمييز القاعدة:

نظام التنفيذ الجبري في قانون المرافعات المصري، من الأنظمة التي من بقاعدتين متماثلتين، لكنهما تختلفان عن بعضهما، سواء من حيث الأساس أو النطاق، أو من حيث نظام الأمر بالتنفيذ:

1- القاعدة الأولى، قاعدة السند التحكيمي الوطني مركب:

وكما سلف البيان، فإن هذه القاعدة تستند، لا إلى اعتبارات الملاءمة أن المهمة التحكيمية. فالعمل التحكيم بمعناه الموضوعي هو عمل إجرائي ذو طابع عام، ولو أنه أقل عمومية من غيره من الأعمال التي تصلح سندات في مجال التنفيذ إلى ورقة مرافعات، ولو أنها ورقة مرافعات غير عادية، أي أقل من ورقة المرافعات العادية من حيث الرسمية التي يتطلبها القانون في السند التنفيذي.

لذا فإن هذه القاعدة هي قاعدة عامة. ومن ثم تسري على العمل التحكيمي، سواء كان حكماً تحكيمياً أو عملاً تحكيمياً آخر (م 41 تحكيم) وسواء كان هذا الحكم حكم تحكيم اختياري أو حكم تحكيم إجباري ما لم ينص القانون على غير ذلك.

لكن هذه القاعدة حكر على العمل التحكيمي الوطني، أي العمل تحكيمي الخاضع لقواعد التحكيم المصرية، سواء كان خضوعه وجوبيًا لهذه القواعد باعتبارها قواعد مقر التحكيم، أو كان خضوعه جوازايًا لهذه القواعد باعتبارها قانوناً مختارة للتحكيم تجاري دولي يجري في الخارج اتفق طرفاه على إخضاعه لقواعد التحكيم المصري (م ۱ تحكيم).

۲- القاعدة الثانية، قاعدة السند الإجرائي الأجنبي مركب. وهذه القاعدة تستند إلى اعتبارات الملاءمة، لا إلى منطقة المهمة التحكيمية؛ لأن هذه القاعدة ليست حكراً على العمل التحكيمي الأجنبي، ولا إلى منطق الوظيفة القضائية؛ لأن هذه القاعدة ليست حكراً على أعمال القضاء الأجنبية، ولا إلى منطق المهمة التحكيمية والوظيفة القضائية بما لأن هذه القاعدة ليست حكرا على أحكام وأوامر القضاء وأحكام التحكيم الأجنبية، إنما ترى هذه القاعدة على الأعمال التحكيمية والقضائية والتوثيقية الأجنبية.

والقانون الوطني بهذا يعتبر أن تلك الأعمال أقل عمومية من قريناتها بصرف النظر عن عموميتها في أوطانها، أي يعتبرها أوراق غير عادية، أي أقل من أوراق المرافعات المصرية من حيث اللازمة للسيدات في مجال التنفيذ الجبري، وبصرف النظر عن رسميتها في أوطانها الأصلية.

وللتمييز بين القاعدتين أهميته: ۱- فنظام الأمر بتنفيذ السند الإجرائي الأجنبي، يختلف عن نظام الأمر بتنفيذ السند التحكيمي الوطني، سواء من حيث طبيعة طلب الأمر بالتنفيذ، أو الاختصاص به، أو مواعيده، أو موانع الأمر بالتنفيذ.

۲- قاعدة السند التحكيمي الوطني أو الأجنبي مركب.

هي قاعدة صحيحة، لكنها قاعدة مزدوجة. فهي من جانبها الخاص بالسند التحكيمي الوطني تقوم على منطق المهمة التحكيمية، وهي في جانبها الخاص بالسند التحكيمي الأجنبي تقوم على مجرد اعتبارات الملاءمة. لذا فإن كل سند منهما يخضع لنظام أمر بالتنفيذ خاص به، ولا يخضع أي واحد منهما النظام الأمر بالتنفيذ الخاص بالآخر.