حكم التحكيم / الشروط الموضوعية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / بطلان احكام التحكيم الدولية من منظور الاختصاص الدولي والوطني / الشروط الواجب توافرها في حكم التحكيم من الناحية الموضوعية:
الشروط الواجب توافرها في حكم التحكيم من الناحية الموضوعية:
إذا كان الهدف الرئيسى من إبرام الاتفاق على التحكيم هو حسم ما نشب بين الطرفين المحتكمين أو ما قد ينشب بينهما من منازعات في المستقبل وذلك عن طريق المحكمين الذين تتم اختبارهم من اللجوء للقضاء، لذلك فإنه يجب أن يصدر المحكمون حكم تحكيم فاصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم على وجه ،نهائي، فلا يمكن وصف مجرد حث الخصوم أو توجيههم لاتباع أسلوب معين في تنفيذ الالتزامات حكم تحكيم .
وعلى الرغم من المطابقة بين حكم التحكيم وحكم القضاء في ذلك، إلا أن المحكمين على عكس القضاة لا يستمدون سلطتهم من الدولة، وإنما من اتفاق التحكيم سواء كان شرط أو مشارطة، لذا فإن الأطراف المحتكمين هم الذين يحددون مهمة المحكم ونطاق سلطته، ولا ينطبق على المحكم قاعدة أن قامتي الأصل هو قاضي الفرع ، فهو لا يستطيع أن يحكم إلا فيمــا عـــرض عليه، لذلك فقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه: "إذا كان المعروض على التحكيم كافة المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقد الشركة فإن الهيئة لا شأن لها بالحكم في صحته أو بطلانة .
ولا يكون لهيئة التحكيم سلطة إلا في نظر النزاع الناشئ تفسير أو تنفيذ العقد المتضمن شرط التحكيم ، أو ذلك النزاع المحدد في مشارطة التحكيم، بحيث إذا ثار النزاع بين أطراف الاتفاق على التحكيم حول أمر لا يدخل في نطاقه وجب طرحه على المحاكم العادية.
وقد نصت المادة (۲٥) من قانون التحكيم المصرى على أنه: " لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة فى أى منظمة أو مركز تحكيم فى جمهورية مصر العربية أو خارجها فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة.
وقد سارت على هذا النهج مجموعة من اتفاقيات التحكيم الدولية، ومنها: قواعد القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى لسنة ١٩٨٥، حيث نصت في مادتها (۱۹)، على أنه:
۱ - مع مراعاة أحكام هذا القانون يكون للطرفين حرية الاتفاق علـــى الإجراءات التي يتعين على هيئة التحكيم اتباعها عنـد الســيـر فــي التحكيم.
٢ - فإن لم يكن ثمة مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون أن تسير في التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة وتشتمل السلطة المخولة لهيئة التحكيم على سلطة تقرير جواز قبول الأدلـــة المقدمة وصلتها بالموضوع وجدواها وأهميتها".
وبذلك فإن قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس تضع مجموعة من الحلول أمام هيئة التحكيم فيما يتعلق بالإجراءات التي تتبعها، فهي تضع أمام اختياراً أولياً متعلقاً بالقواعد الموجودة، والتي تطبق أمام تلك الغرفة في الأعم الأغلب من الحالات، أما في حالة عدم اتفاق الأطراف المحتكمون علــى سريان تلك القواعد واتفقا على قواعد إجرائية معية، فإن هيئة التحكيم تلتزم بتلك القواعد، والفرض الثالث وهو فرضاً نادراً الحدوث حيت لا يتفق الأطراف المحتكمون على سريان القواعد المطبقة أمام غرفة التجارة الدولية باريس وأيضاً لا يتفقا على قواعد إجرائية أخرى بديلة، ففي هذه الحالة يكون لهيئة التحكيم أن تحدد تلك الإجراءات بنفسها، ولكن يجب أن يكون ذلك بالاستناد لقواعد قانون وطنى معين يتعلق بالنزاع في أحد جوانبه، وهو الحل الذي يتفق مع قواعد تنازع القوانين.
وتنص المادة (٤٤) من اتفاقية واشنطن لسنة ١٩٦٥ على أنه: "يــــتم السير في إجراءات التحكيم السارية في يوم الاتفاق على التحكيم ما لم تتفق الأطراف المعنية على خلاف ذلك ، وإذا عرضت مسألة تتعلق بإجراءات غير مدرجة في هذا القسم أو في نظام التحكيم أو أية قواعد أخرى يتفق عليها الطرفان فإن المحكمة هي التي تفصل في أمرها".
وتنص المادة (١/٥) من اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية على أنه "١-لايجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذى احتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على..........
د- أن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم مخالف لما اتفق عليه الأطراف أو لقانون البلد الذي تتم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق".
يتبين من ذلك فإن اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الاجنبية قد جعلت من إجراءات التحكيم المخالفة لمـــا اتفق عليه أطراف النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم سبباً يبــر رفــض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الصادر بناء على تلك الإجراءات، أي أنهـا وبناء على استخلاص سائغ من تلك المادة قد خولت الطرفين المحتكمين حرية الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم.
وعلى ذلك تستطيع القول أنه إذا أورد الخصوم في اتفاقهم تنظيمـــاً إجرائياً لخصومة التحكيم، سواء أكان هذا التنظيم كلياً أو جزئياً، فإن المحكمين يتقيدون به .