يلمس نطاق القرار التحكيمي من حيث الموضوع، من خلال المسائل التي يجوز حلها عن طريق التحكيم، حيث لا يمكن أن تكون هناك قيمة قانونية لقرار تحكيمي صادر بخصوص مسألة مخالفة للنظام العام على سبيل المثال، إذ . تعد مثل هذه القرارات باطلة ولا يسمح بتنفيذها، لذلك يقع على أطراف النزاع من جهة والمحكم من جهة ثانية معرفة الأمور التي يسمح بحلها عن طريق التحكيم، لذلك نصت أغلب القوانين على هذه المسائل كما هو حال المشرع العراقي في قانون المرافعات رقم 83 لسنة 1969 عندما نص في المادة (254) على: (لا يصح التحكيم إلا في المسائل التي يجوز فيها الصلح....)، ولأن مجال بحثنا هو التحكيم التجاري، لذلك سنستبعد كل ما ليس له علاقة بتجارية ودولية التحكيم، وسنكرس دراستنا على منازعات التجارة الدولية التي تحل عن طريق التحكيم.
إذ لا يمكن إنكار الدور المتسع للتجارة الدولية وعلاقتها بالتحكيم التجاري، ولذلك عملت أغلب قوانين الدول بتشريع أحكام تخص التحكيم التجاري وبينت أيضاً متى يكون التحكيم تجارياً، ومتى يكون دولياً، ومن جملة هذه القوانين قانون التحكيم المصري رقم (27) لسنة 1994 إذ نص في المادة (2) على: (يكون التحكيم تجارياً فى حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع إقتصادي، عقدية كانت أو غير عقدية، ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع، أو الخدمات والوكالات التجارية، وعقود التشييد، والخبرة الهندسية أو الفنية، ومنح التراخيص الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا، والاستثمار، وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين، والنقل، وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز، أو النفط، وشق الطرق، والأنفاق، واستصلاح الأراضى الزراعية، وحماية البيئة، وإقامة المفاعلات النووية .
ويفهم من هذه المادة وجود عدد ليس بالقليل من العمليات التي تسبغ على العقود المتعلقة بها صفة التجارية، وإن المتأمل في المادة السابقة يستطيع إدراك إشارة المشرع الصريحة بأن تكون كل تلك الأنشطة التجارية المذكورة في المادة كان على سبيل المثال وليس الحصر ، إذ لو أراد المشرع حصرها لأشار إشارة صريحة لذلك، إضافة لذلك فإن العلاقات التجارية لا يمكن حصرها فهي متزايدة ومتطورة بمرور الزمن، وكذلك فقد تطرق قانون الأونسترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لسنة 1985 والمعدل لسنة 2006 لموضوع تجارية التحكيم .
أما بالنسبة لدولية ،التحكيم، فقد تمت الإشارة إليها من قبل قوانين عدة وذلك لأهميتها الكبيرة في نطاق التجارة الدولية، وكان هذا موقف قانون التحكيم المصري رقم (27) لسنة 1994 في المادة (3) إذ نص على: (يكون التحكيم دولياً في حكم هذا القانون إذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية وذلك في الأحوال الآتية:
أولاً / إذا كان المركز الرئيسى لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم، فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال فالعبرة بالمركز الأكثر إرتباطاً بموضوع اتفاق التحكيم، وإذا لم يكن لأحد الطرفين التحكيم مركز أعمال فالعبرة بمحل إقامته المعتاد.
ثانياً / إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.
ثالثاً / إذا كان موضوع النزاع الذى يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة واحدة.
رابعاً / إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولة وقت إبرام اتفاق التحكيم وكان أحد الأماكن التالية واقعاً خارج هذه الدولة.
(أ) مكان التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه.
(ب) مكان تنفيذ جانب جوهرى من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين.
(ج) المكان الأكثر ارتباطاً بموضوع النزاع.
1- المعيار القانوني : وذلك بوجود عنصر أجنبي كأحد عناصر العلاقة العقدية أطراف العقد ومحل العلاقة وسببها).
2- المعيار الاقتصادي : وهو الذي يعتمد على نقل الأموال والبضائع عبر الحدود.
3- المعيار المختلط وهو الذي يمزج بين المعيارين المتقدمين.
وهناك من يجعل الصفة الدولية ناشئة عن إحالة النزاع إلى التحكيم التجاري إلى غرفة التجارة الدولية حتى وإن كان العقد داخل نطاق الدولة.
أما عن موقف القانون العراقي من تجارية ودولية التحكيم
إن قانون المرافعات العراقي كان موقفه سلبياً تجاه التحكيم التجاري الدولي إذ لا توجد أى مادة تشير إشارة صريحة أو ضمنية لموضوع دولية التحكيم.