الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / الشروط الموضوعية / الكتب / أحكام المحكمين وتنفيذها وفقاً لاتفاقية نيويورك / المتطلبات الموضوعية في الحكم التحكيمي

  • الاسم

    د. يعقوب يوسف صرخوه
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    82

التفاصيل طباعة نسخ

 - مقدمة :

لا تأمر المحكمة بتنفيذ حكم التحكيم إلا إذا توافرت فيه أن يكون قاطعاً Cogent، وكاملا Complete، ومؤكداً صفات معينة هي Certain، ونهائيا Final، وقابلا للتنفيذ Enforceable، وهذه عبارات لا تفسر ذاتها بذاتها بل تحتاج إلى إيضاح .

 ـ يجب أن يكون الحكم قاطعا : The Cogency of the Award :

لا يتطلب القانون من المحكم أن يستعمل تعابير فنية في اصدار الحكم فأي كلمات يستعملها المحكم وترقى الى منزلة حكم في المسائل المحالة للتحكيم تعتبر صالحة كحكم تحكيمي Award ، وبسبب أن الحكم غالبا ما يتعلق بتقييد حقوق ثمينة لمدة غير محدودة ، فأن على المحكم أن يكون دقيقا وواضحا في حكمه فلا يصدر عبارات تدل على وجهة نظر أو على مجرد التوقع وأفضل طريق للمحكم في حالة الأحكام المتعلقة بالنقود هو الزام أحد الاطراف بأن يدفع مبلغا معينا من النقود للطرف الثاني وأن يعبر عن الأحكام التفسيرية أو الايضاحية Declaratory Awards بشكل بيان قوى Bald Statement للوضع كما يراه المحكم ، وعلى ذلك فأن الحكم يجب أن ينص على : احكم على أن المشتري له أن يرفض البضاعة وليس : أعتقد أن على البائع أن يقبل استرداد البضاعة .

وتميل المحاكم دائما الى جانب صلاحية الحكم ونفاذه ولذا فأنها تعمل جاهدة لتفسر كل مغزى معقول وفرضية لصالح اعتباره نهائيا وكافيا لحسم جميع المسائل موضع الخلاف ، لكن هذا الافتراض لا يمتد الى مسألة اختصاص المحكم ، ولقد قيل في هذا الشأن بأن قاعدة : Omnia praesumuntur rite esse acta "all things presumed to have been duly

done".

التي تعني : بأنه «يفترض أن جميع الأشياء قد تمت بالشكل الصحيح ، لا تنطبق على اجراءات محاكم التحكيم أو على اجراءات المحاكم الأدنى من أي نوع كانت ، فلا يفترض أن مجرد صدور الحكم يعنى نفاذه بل يقع على الطرف المدعى اثبات أن الحكم قد تم من جانب المحكمين ضمن السلطات المعطاة لهم أي ضمن اختصاصهم  Jurisdication .

ـ يجب أن يكون الحكم كاملا : The Completeness of the Award

ان الحكم النهائي يجب أن يفصل في جميع المنازعات المحالة للمحكم ، فالحكم الذي يفصل في بعض هذه المنازعات ويترك الباقي بدون قرار أو يتركها في حالة من الشك ما بين المحكوم بها وغير المحكوم بها لا يمكن مساندته  .

وعلى أي حال فلا يفترض في الحكم أن يعالج هذه الموضوعات بشكل منفصل بل يكفى أن تكون قد دخلت في حسبان المحكم عند عمل الحكم التحكيمي ، فمثلا يسمح للمحكم أن يعمل حكما منفردا يضم مجموعة من الطلبات المتتالية ما لم تتضمن الاحالة على شرط صريح أو ضمني يتطلب اصدار احكام منفصلة ومع ذلك قد يرى المحكم أن أطراف الخصومة تفضل أن  يتعامل مع مختلف بنود المطالبة بشكل منفصل ، بحيث يمكن لهم من التعرف على الطرف الذي يكسب أي جزء منها ، وقد يكتفى الحكم بالاشارة إلى الميزانية المحاسبية بدون التعامل بشكل مفصـل بالدعوى المضادة Cross-Claim ، لكن الأسلم هو اصدار حكم صريح منفصل في الدعوى المضادة .

أن مسألة شمول الحكم لجميع موضوعات النزاع يجب أن يعتمد على مدى المسائل المحالة للتحكيم بحيث أن الحكم النافذ والكامل بموجب أحد أشكال الاحالة يكون غير كامل في سياق شكل آخر وعلى ذلك اذا رفض المشترى بضاعة على أساس ما فيها من عيوب مزعومة وطالب بالتعويض بسبب عدم التسليم وتعويضات بديله عن التسليم المعيب مع دعوى مضاده من البائع بخصوص الثمن ، فأن المحكم الذي أحيل اليه النزاع كلية يجب أن لا يقتصر في حكمه على ما إذا كان الرفض مبررا ، بل يجب أن يحكم أيضا في الدعاوى النقدية ( أي المطالبة بالتعويض) ، لكن الاحالة اذا اقتصرت على بيان ما اذا كان الرفض مبررا أم لا فأن الحكم في المسائل النقدية يكون تزيدا من المحكم وخارجا عن اختصاصه .

ويستطيع المحكم أن يصدر حكما مؤقتا Interim Award يعالج جانبا من النزاع مالم يتبين أن اتفاقية التحكيم تتضمن عكس ذلك صراحة، فإذا أصدر المحكم حكمها مؤقتا فأن عليه أن يصيغه بشكل يتضح منه أنه حكم مؤقت ، وعلى ذلك فالمحكم يعنونه بعنوان: «حكم مؤقت» . ويذكر في حيثيات الحكم بأن القصد هو أن يكون الحكم من طبيعة مؤقتة ، فالحكم المؤقت قد يكون نهائيا بشأن بعض المطالب المدعى بها في النزاع وهو على العموم يعالج المسائل المتعلقة بمسئولية الاطراف عن الدفع وبترك تسوية المبالغ الفعلية التي تدفع الى وقت آخر ، ويعتمد نفاذ الحكم التحكيمي غير المكتمل ظاهريا على الاحالة للتحكيم ، وتسمح المحكمة باثبات مدى الاحالة ، فإذا لم يكن هناك اثبات عكسي لذلك، فأنه يفترض أن الحكم كامل ويعزز هذا الافتراض اذا أفصح المحكم صراحة في حكمه بأنه أخذ في الحسبان جميع المواضيع التي أحيلت اليه .

 ان المحكمة تعيد للمحكم عادة الحكم المعيب على أساس عدم اكتماله ورغم ان الاتجاه القديم كان يميل الى بطلان مثل ذلك الحكم الا أن الاتجاه الحديث يفضل تصحيح الحكم من الشخص الذي تعامل مع مواضيع النزاع منذ البداية .

 

 ـ يجب أن يكون الحكم مؤكدا : The Award must be certain

ينبغى أن يكون الحكم مؤكدا بحيث يستفاد منه المعنى الذي قصده المحكم من النظر الى صورة الحكم بشأن المسائل المتنازع عليها أو يستفاد منه طبيعة ومدى الواجبات المفروضة على كل من أطراف الخصومة ، فإذا كان الحكم يأمر أحد الأطراف بأن يدفع مبلغا من النقود أو يفرج عن شيء لصالح أحد الأطراف ، فالحكم يوصف بأنه مؤكد مع أنه لا يذكر وقتا للتنفيذ ، لأنه اذا كانت الضرورة تحتم القيام بعمل فأن هذا العمل يجب أن ينفذ خلال وقت مناسب من طلب القيام بهذا العمل فإذا لم تكن حاجة الى طلب القيام بالعمل ، فأنه ينفذ خلال وقت معقول ، فإذ ثار شك حول فصل الحكم بالمسألة المحالة للتحكيم فأنه يلغى، ذلك أن الحكم غير المؤكد يعتبر غير نافذ Invalid ، وعند تطبيق هذه القاعدة يجب أن يؤخذ في الحسبان مجال الاحالة ، ذلك أنه يحتمل أن يعتبر حكم في نظر أجنبي خارج عن اتفاق التحكيم غير مؤكد ، ومع ذلك يعتبر في نظر أطراف الخصومة قضاءا نافذا .

فإذا توافرت في الحكم جميع العناصر اللازمة فيه فأنه يعتبرنافذا حتى ولو أن المحكم لم يفصل بنفسه في جميع المسائل الواردة في الحكم فإذا حكم المحكم بدفع تعويضات بنسبة معينة محسوبة من كمية بضائع معينة فالحكم يعتبر صالحا . رغم أن المحكم لم يستخلص النتيجة الحسابية في حكمه وانما ترك ذلك على أساس أنه مجرد عملية حسابية قد يقوم بها أي شخص آخر، فالحكم يعتبر مؤكداً تأكيداً كافياً Sufficiently Certain بموجب القاعدة العامة : ld certum est quod Certum reddi أي أن ما يمكن عمله مؤكداً يعتبر مؤكداً.

لكن اذا كان الحكم قائما على أساس الكمية التي لم تحدد أو كان قائها على أمر من المحكم للطرف الخاسر بدفع التعويضات بدون تحديد الكمية التي يجب أن تدفع فإن الحكم يعتبر فاسدا وفي مثل هذه الحالة يعاد الحكم للمحكم ليجعله مؤكدا ما لم يكن الحكم غير واضح وغير قابل للفهم بحيث يفهم منه عجز المحكم عن أداء العمل ، وهنا يكون السبيل الأسلم هو البدأ بالاحالة ثانية أن المحكمة ترفض تنفيذ الحكم غير المؤكد ، فهي إما أن تبطله أو ترجعه ثانية للمحكم ، وذلك حسب درجة وطبيعة العيب الخاص بعدم التأكيد، وحيث يكون جزء من الحكم نافذا ، والباقي غير مؤكد فيمكن تطبيق الجزء النافذ بينها يبطل الباقي أو يحال للمحكم ثانية ، ما لم يكن بين الجزئين ترابط لا يمكن فصلها عن بعضها بعضا .

وأخيرا فأنه يشترط في الحكم المؤكد أن يعين الطرف الذي يقع عليه عبه تفيد الحكم ، كما يجب أن يعين الأشخاص الذين يتأثرون بالحكم مثل تعيين الطرف الذي يجب أن يدفع له المبالغ المحكوم بها أو من يتلقى الفوائد الناجمة عن التنفيذ أو الطرف الذي يتم التنفيذ في مواجهته . 

 ـ يجب أن يكون الحكم نهائيا : - The Award Must be Final

ان معنى كلمة نهائي Final بشكل عام هي : «بدون استئناف» اWithout Appea بالمعنى الحرفي Strict Semu وبرغم اتفاق الخصوم على نهائية الحكم التحكيمي الا أنه بالطبع تجميع للاستئناف في المسائل القانونية فقط ، وحتى يكتسب الحكم  التحكيمي الصفة النهائية ينبغى على المحكم أن يتولى الفصل في جميع المسائل موضع النزاع بنفسه ، فلا يترك الفصل في بعض منها لطرف ثالث ، لأنه أن فعل ذلك فأن الحكم لا يكون نهائيا وبالتالي غير نافذ Invlaid ، وعندها بحال للمحكم أو يحكم ببطلانه، فالمحكم يجب أن يحرص على أن يكون حكمه نهائيا في جميع المسائل التي تتطلب الفصل فيها . 

فإذا فصل في جميع المسائل باستثناء واحدة منها فأن حكمه يعتبر فاسدا بشكل كلي ، وعلى أي حال فأن الالتزام بالفصل في المسائل المتنازع عليها يعتمد على شروط الاحالة ، وما اذا كانت تتطلب منه الفصل في كل المسائل أو في بعضها ، وقد تصاغ الاحالة بشكل تعطى للمحكم الحرية في تقدير اصدار الحكم لمسألة أو أكثر من المسائل المتنازع عليها دون أن يلتزم بالفصل فيها جميعا . 

ولا يثور أي اعتراض على الحكم بشأن نهائيته إذا كانت المسائل التي لم يحسمها تتعلق بموضوع ليس محل نزاع، كما لا يعترض على الحكم اذا فصل في جميع الأمور التي أثيرت ، أمام المحكم دون الأمور الأخرى التي وردت في الاحالة ولكنها لم تعرض عليه  ، فحتى يمكن الحصول على أمر بعدم نفاذ حكم التحكيم العدم فصله في موضوع معين ، فأن هذا الموضوع يجب أثارته بشكل محدد . 

ويستطيع المحكم أن يصدر حكما واحدا يشتمل على جميع الدعاوى أو المطالب النقدية المحالة اليه ما لم تتجه نية الاطراف في اتفاق التحكيم الى عكس ذلك بحيث يطلب منه أن يحكم ببعض منها دون البعض الآخر بشكل منفصل ما لم توجد ضرورة قانونية للحكم المنفصل كا هو الحال بشأن الحكم الخاص بالنفقات والتكاليف الناجمة عن التحكيم أما إذا كانت الاحالة غامضة فالافضل اصدار حكم منفصل بخصوص كل مطالبه(۲) وفي الحالة التي يغفل فيها المحكم عن اصدار التوجيهات اللازمة Necessary Directions في حكمه ، فأن هذا الحكم لا يكون نهائيا . 

ويجب على المحكم أن يتقيد بالمسائل المحالة عليه ولا يغنيه عن ذلك اصدار أوامره فيها يرى أنه ترتيب مساو لشروط الاحالة بشكل عام ، فالمحكم الذي يستعيض عن عقد قديم بين طرفي النزاع بعقد جديد لاستحالة تنفيذ الأول يعتبر قراره في هذا الخصوص فاسدا ، واذا كانت اتفاقية التحكيم تتطلب اصدار حكم تحكيمي واحد فيجب أن يكون كاملا متكاملا ، وعلى هذا اذا عمل جزءا منه في يوم وجزءا منه في يوم وجزءا آخر في يوم تال ، فأنه يكون باطلا Void مع أن الجزئين عملا ضمن المدة المحددة لاصدار حكم التحكيم فإذا أصدر المحكم في مثل هذه الحالة ، حكمين ، كل منها يعالج جانبا من المسائل المحالة وليس حكا شاملا لجميع المسائل ، فأنها قد يلغيان لعدم وجود حكم نهائي يشمل جميع المواضيع المتنازع عليها . 

فإذا كان المدعى يطالب بحكم مؤقت واستجاب المحكم له فأنه يجب بيان سبب الحكم والا كان الحكم لاغيا .

ويلاحظ أن الحكم البديل Alternative Award قد يكون مؤكدا ونهائيا .

مثال ذلك أن يأمر الحكم بعمل شيء من اثنين ، أحدهما مستحيل أو غير مؤكد ، فالحكم يعتبر مع ذلك مؤكداً ونهائياً إذا كان البديل الثاني مؤكداً وممكناً شرط أن يكون الطرف الثاني مؤهلا لأداء البديل الثاني .

لا يجوز للمحكم أن يحجز لنفسه أو لغيره سلطة القيام بعمل قضائي مستقلا فيها يتعلق بالأمور المحالة ، فواجبه اصدار حكم نهائي وكامل ويعتبر مخلا بالتزامه اذا ترك أي شيء من المسائل المحاله بدون أن يحكم فيها .

 فإذا كان الأصل هو أن يتولى المحكم بنفسه الفصل في موضوعات النزاع المحال على التحكيم ، ويصدر فيها أحكاما كاملة وقطعية ونهائية ، فأنه قد يوجد استثناء لذلك، كما لو كان الحكم المحجوز هو من طبيعة تنفيذية وحكمية Ministerial أكثر منها قضائية، الا أن ذلك محدود في التطبيق وعلى المحكم الا يعتمد عليه بل يفصل في الموضوعات بنفسه . 

وكمثل على الموضوعات التي تحجز للسلطة القضائية فانه حيث يتم الحكم حول مسائل المسئولية فان تحديد مقدار المسئولية يترك لأطراف الخصومة أو لمحاسبيهم، بحيث يكون المطلوب هو اصدار حكم في المسئولية ويحتفظ بالمسائل الخاصة بمقدار التعويض حتى وقت لاحق. والحل الأنسب في مثل هذه الحالة هو أن يصدر حكماً مؤقتاً Interim Award مع تأمين الحصول على موافقة الأطراف إذا أمكن ذلك وفي مثل هذه الحالة على المحكم أن يفصح بصراحة عما يقصد بالحكم المؤقت .

والحكم النهائي الشامل لمواضيع النزاع مع احتوائه على تحفظات بشأن المواضيع التي لم تذكر في الاحالة، يعتبر حكما صالحا، وتعتبر التحفظات باطلة.

ومن ذلك  يتضح أن المحكم يجب أن يتجنب تفويض البت في المسائل المحالة على التحكيم لشخص ثالث كما عليه أن لا يحجز بعض المسائل ليحكم فيها مستقبلا لأن الحكم في مثل هذه الأحوال يعتبر فاسدا تنقصه صفة النهائية المطلوبة في الحكم التحكيمي ما لم يرغب المحكم في اصدار حكم مؤقت .

وبمجرد صدور الحكم التحيكمي النهائي فإن المحكم قد لا يستطيع إعادة النظر فيه، بل يكون قد أدى مهمته Functus (Officio ولا يملك سلطة على الحكم إلا أن يصحح الأخطاء الكتابية Clerical errors إذا ردته المحكمة إليه، لأنه بإصداره الحكم يكون قد وفي بواجباته وانتهت مهمته كمحكم ولا يملك على الحكم إلا أن يصحح الأخطاء أو الهفوات العرضية التي قد تكون لحقت بالحكم دون الأخطاء القانونية، رغم أن المحكمين يحرصون عادة على إصدار أحكامهم خالية من مثل هذه العيوب  ولا يحق للمحكمة أن تغير أو تعدل في الحكم التحكيمي بل أن كل مالها أن تفعله هو أن تلغيه أو تحيله ثانية إلى المحكم، أما إذا كان غامضاً فلها أن تدحضه فتبين حقوق أطراف النزاع المستمدة من الحكم.