يعد الالتزام بتسبيب حكم التحكيم من أهم ضمانات الخصوم في مواجهة هيئة التحكيم.
فان المحكم عندما يكون ملزما بذكر أسباب الحكم فان رقابة القضاء على وجود تلك الأسباب كرقابته على وجود الأسباب في الحكم القضائي، فالتسبيب غير الجدي والمحتمل الذي يصلح لكل طلب يساوي عدم التسبيب.
أما التحقق من صحة تلك الأسباب فإنها لا تقاس بذات المعايير التي تقاس بها كفاية وصحة تسبيب الأحكام القضائية، فقد قضي بان اشتمال حكم التحكيم على عرض وجيز لوقائع النزاع وإجمال للجوهري من دفاع الخصوم، وبيان الأساس لقضائه مرجحا دفاع احد الطرفين، تتحقق منه الغاية التي تطلبها القانون القانوني من تسبيب أحكام المحكمين، كما قضي بأنه يكفي لصحة تسبيب حكم التحكيم أن يتضمن ردا على ادعاءات الخصوم وأوجه دفاعهم الجوهرية ولا يهم بعد ذلك مضمون هذا الرد أو مدى ملائمته أو سلامته من ناحيتي القانون والواقع، كما أن التناقض في أسباب حكم التحكيم لا يعتبر من أحوال بطلانه و لا يتساوى مع خلو الحكم من الأسباب لأن تناقض الأسباب عيب موضوعي بينما عدم التسبيب عيب شكلي.
وعلى الرغم من واقعية الاعتبارات التي يقوم عليها التوجه الفقهي والقضائي في المغايرة بين معايير وضوابط تسبيب أحكام التحكيم وتسبيب أحكام القضاء، لكن ليس من الواضح ما هي المعايير التي يجب أن تطبق لتحديد كفاية مثل تلك الأسباب فتقريبا معظم تشريعات وقواعد التحكيم لا تتضمن إرشادات لمدى ونطاق تسبيب أحكام التحكيم، ولذا فان اجتهادات القضاء في هذا الصدد لا تسير على نسق واحد، بل قد تأتي أحيانا متعارضة، وهكذا فان نتائج جميع الحلول التي يمكن تطبيقها للتحقق من التزام المحكم بتسبيب الحكم تبدو مجحفة؛
