الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / التوقيع / الكتب / التحكيم التجاري الدولي / توقيع المحكمين 

  • الاسم

    أ.د فوزي محمد سامي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    333

التفاصيل طباعة نسخ

توقيع المحكمين 

    سبق ان ذكرنا أنه لا بد من اجراء المداولة بين المحكمين قبل اصدار القرار، وبعد الانتهاء من المداولة يصار الى اعداد القرار التحكيمي الذي يحسم النزاع. وقد نصت بعض القواعد التحكيمية التي تعتمدها المؤسسات المعنية بالتحكيم على قيام المحكمين باعداد مشروع لقرار التحكيم ويعرض هذا المشروع على جهة معينة في تلك المؤسسة التحكيمية وبعد اقرار المشروع منها يصدر موقعا من المحكمين، مثال ذلك ما جاء في قواعد التحكيم للغرفة التجارية الدولية (I.C.C) فقد نصت المادة (۲۱) من تلك القواعد وتحت عنوان التدقيق المسبق لقرار التحكيم من قبل محكم التحكيم على ما يأتي: «قبل التوقيع على القرار الجزئي او النهائي على المحكم ان يعرض المشروع على محكمة التحكيم. وللمحكمة ان تقضي بادخال تعديلات على الشكل، ويجوز لها، مع احترامها لحرية المحكم في اتخاذ القرار أن تسترعي انتباهه الى نقاط رئيسية تتعلق بموضوع النزاع.

    ولا يمكن اصدار اي قرار قبل اقراره من ناحية الشكل من محكمة التحكيم .«(Cour d'arbitrage)

    يتضح من هذا النص ان محكمة التحكيم هي جهة نصت على تشكيلها قواعد التحكيم للغرفة التجارية الدولية ومهمتها الإشراف على التحكيم وليس إجراء التحكيم لان التحكيم كما ذكرنا يجري من قبل المحكمين الذين يتم اختيارهم من الطرفين او من المحكمة المذكورة في حالة عدم اختيارهم من اطراف النزاع.

     فإذا كان القرار قد تم اتخاذه باتفاق اراء جميع المحكمين فالأمر الطبيعي في هذه الحالة ان يوقع الجميع على القرار ولكن قد لا يتمكن احد المحكمين من التوقيع بسبب المرض أو حادث معين ففي هذه الحالة يذكر في القرار السبب الذي منع المحكم المذكور من التوقيع. وعليه فتوقيع الاغلبية يكفي لاعتبار القرار صحيحا.

    أما اذا اتخذ قرار التحكيم بالأغلبية فيصار إلى توقيع الاغلبية التي وافقت على القرار. وبعض القواعد التحكيمية وكذلك بعض القوانين تشترط أن يُذكر المحكم المخالف واسباب مخالفته والبعض الاخر لا يستوجب ذلك .

    أما في حالة تشتت الآراء وعدم تحقيق الأغلبية فإننا سنكون امام حالة . عدم امكانية اتخاذ قرار تحكيمي وبالتالي ينتهي التحكيم دون نتيجة ويجوز للاطراف اللجوء إلى إجراءات جديدة واختيار محكمين جدد أو اللجوء الى المحكمة المختصة لحسم النزاع، غير أن بعض القواعد التحكيمية تعطي الحق لرئيس هيئة التحكيم في ان يتخذ القرار ويوقعه هو فقط. فقد نصت المادة (١٩) من قواعد الغرفة التجارية الدولية على أنه «اذا عين ثلاثة محكمين صدر الحكم بالاغلبية، فإذا لم تتوافر أصدر رئيس المحكمة الحكم بمفرده. 

    كذلك يفهم من الفقرة الثانية من المادة (٢٤) من نظام التحكيم للغرف التجارية العربية الأوروبية بأن هيئة التحكيم تصدر الحكم وفي حالة كونها مؤلفة من ثلاثة محكمين يصدر الحكم بالاغلبية وفي حالة عدم تحقيق الاغلبية يقوم المحكم الذي يتولى رئاسة الهيئة بتحرير الحكم واصداره باسم محكمة التحكيم بأكملها. هذا الامر نجده ايضا في نصوص الاتفاقية العربية للتحكيم التجاري التي نصت في الفقرة الخامسة من المادة (۳۱) على أنه في حالة تشتت الآراء يصدر القرار برأي الرئيس وتوقيعه على أن يثبت في القرار تشتت الآراء».

     كما نصت الفقرة السادسة من المادة المذكورة على أنه يدون العضو المخالف رأيه على ورقة مستقلة ويرفق مع القرار». وعلى كل حال فإن اغلبية القوانين وجميع القوانين العربية تنص على القاعدة العامة المعروفة في اتخاذ القرار او اصدار الحكم وهي في حالة التعدد يتخذ القرار بالاتفاق أو باغلبية الآراء بالتوقيع على القرار التحكيمي بهذا نصل الى نهاية الاجراءات التحكيمية . 

    والملاحظ ان القواعد التحكيمية الدولية لا تستوجب ايضا في نصوصها النطق بقرار التحكيم كذلك يبدو ان هذا الامر لا ذكر له في اغلب النصوص القانونية .

    لكن القوانين الوطنية في الغالب تلزم المحكم او اطراف النزاع بايداع الحكم لدى المحكمة، كذلك تستوجب بعض القواعد التحكيمية ابلاغ القرار التحكيمي الى اطراف النزاع واعطاء كل منهم نسخة من القرار. نص على هذا القانون النموذجي للتحكيم في الفقرة الرابعة من المادة (۳۱) حيث بينت ذلك كالآتي: «بعد صدور القرار تسلم الى كل من الطرفين نسخة منه موقعة من المحكمين ... كذلك اوجبت قواعد تحكيم الاونسترال على هيئة التحكيم ان ترسل الى كل من الطرفين صورة من قرار التحكيم موقعة من المحكمين. 

    أما غرفة التجارة الدولية فقد اشترطت ان تكون مصاريف التحكيم قد تم تسديدها قبل ان تقوم امانة التحكيم بابلاغ الطرفين نص القرار التحكيمي (المادة ۱/۲۳ من قواعد الغرفة وتقوم امانة المحكمة ايضا بتزويد كل من الطرفين عند طلبه بصورة مصدقة من قرار التحكيم الفقرة الثانية من المادة المذكورة.

     يتضح مما سبق أن القواعد التحكيمية لا تنص على النطق بالحكم او بالقرار التحكيمي وانما تلزم المحكمين او الجهة المعنية في المؤسسة التحكيمية بابلاغ اطراف النزاع بالقرار التحكيمي وتزويد كل منهم بنسخة من القرار المذكور.  ونجد نصوصا مماثلة في القوانين الوطنية فقد اوجب قانون المرافعات العراقي على المحكمين ان يعطوا صورة من قرار التحكيم لكل من الطرفين (المادة (۳۷۱) .

    ولعل من المفيد ان نستعرض كيفية ابلاغ اطراف النزاع بقرار التحكيم في نصوص بعض القوانين الاوروبية الحديثة والخاصة بالتحكيم.

    نجد ان القانون الايطالي ينص في المادة (٨٢٤) منه على أنه «يجب على المحكمين كتابة قرار التحكيم في عدة نسخ اصلية وبعدد الاطراف وتعطى نسخة الى كل طرف او ترسل بالبريد المسجل وذلك خلال عشرة ايام من اخر تاريخ للتوقيع.

    اما القانون البلجيكي فقد الزم رئيس هيئة التحكيم بابلاغ قرار التحكيم الى كل طرف من اطراف النزاع وذلك بأن يرسل اليه نسخة من القرار موقعة من قبل المحكمين بنفس الكيفية التي وقع المحكمون بها على القرار الاصلي (المادة ۱/۲۷۰۲) وقد عهد القانون الهولاندي مسألة ابلاغ الطرفين بقرار التحكيم الى المحكمين او الى قلم المحكمة الابتدائية وذلك بارسال نسخة من القرار بأسرع وقت الى كل طرف من اطراف النزاع (المادة   ١/١٠٥٨أ). 

   وعلى كل حال وان كانت بعض القوانين لا تشير الى كيفية ابلاغ الطرفين بقرار التحكيم. فقد جرى العمل على قيام المحكمين بابلاغ الطرفين عند حضورهما او في حالة غيابهما بنص قرار التحكيم وذلك بارسال نسخة من القرار المذكور موقعا من قبل المحكمين الى كل واحد من الطرفين وبأسرع وقت ممكن أن لم يكن هناك مدة محددة حيث لا يمكن ان نتصور ترك الطرفين ينتظران نتيجة ما سيسفر عنه التحكيم وعدم ابلاغهما بالقرار الذي يمثل ما توصل اليه المحكمون لوضع حد للنزاع المعروض عليهم ) . واخيرا نضيف أنه اذا كان قانون الدولة التي صدر فيها التحكيم يستوجب ايداع القرار او تسجيله فعلى المحكمين القيام بذلك.

   ولعله من المفيد ان نشير في هذا الصدد إلى ما جاء في قانون المرافعات الايطالي الصادر في 9 شباط ۱۹۸۳ حيث اوجبت المادة (۸۲٥) من هذا القانون على المحكمين كتابة القرار بعدة نسخ اصلية وبعدد الاطراف، وعليهم اعطاؤها للاطراف او ارسالها اليهم بالبريد المسجل وذلك خلال العشرة ايام التالية للتوقيع على القرار. 

    وعلى الاطراف التي ترغب في تنفيذ القرار على اقليم الجمهورية (الايطالية) ان - تقدم نسخة من القرار مع الوثيقة التي تتضمن شرط التحكيم او اي مستند مماثل الى قلم المحكمة (Pretura) في المكان الذي صدر فيه القرار وذلك خلال سنة واحدة من تاريخ استلام القرار.

    وبعد أن يتحقق القاضي من ان القرار كان قد اتخذ خلال المدة المعينة وان القرار - المذكور قد استوفى شروط صحته والشروط الشكلية يأمر بتنفيذه ويكون للقرار عندئذ نفس قوة الحكم القضائي. وهذا ما سنبحثه عند معالجتنا لموضوع تنفيذ القرار التحكيمي.