ويشترط توقيع الحكم من المحكمين المؤيدين له. فإذا صدر الحكم بالإجماع، يجب توقيع جميع المحكمين. ولكن في هذه الحالة، قد يوقعه بعضهم دون البعض الآخر. كأن يكون عدد المحكمين ثلاثة، فيوقعه إثنان وعند توقيع المحكم الثالث، يصاب هذا المحكم بحالة مرضية طارئة ، ينقل على إثرها إلى المستشفى فيحول ذلك دون توقيعه. وحتى يعتد بالحكم في هذه الحالة، يجب أن يشكل المحكمون الذين وقعوا الحكم الأغلبية المطلوبة على الأقل. أما المحكم المخالف، فليس هناك ما يمنع في القوانين محل البحث، من أن يبين هذا المحكم سبب مخالفته ، إما في الحكم ذاته أو في ورقة مستقلة. وفي الحالة الأخيرة، يعتد بالحكم الموقع من الأغلبية، بصرف النظر عن المستند المتضمن لرأي الأقلية، والذي لا يعتبر جزءاً من الحكم. وتبرز أهمية هذه المسألة في الحياة العملية، في أن القوانين العربية تشترط لتنفيذ الحكم، أن يرفق أصل حكم التحكيم أو صورة موقعة عنه بطلب التنفيذ. وفي حال صدور الحكم بالأغلبية، يكفي أن يرفق طالب التنفيذ مع طلبه ، المستند المتضمن رأي الأغلبية، دون المستند المتضمن رأي الأقلية.
وفي حال توقيع الحكم من الأغلبية، لا تشترط القوانين محل البحث ذكر سبب عدم توقيع الأقلية، وإنما يكفي أن يذكر في الحكم أن المحكم (أ مثلاً) لم يوقع الحكم. ولا يمنع ذلك من ذكر أسباب عدم توقيعه ، مثل كونه محكماً مخالفاً لرأي الأغلبية ورفض توقيع الحكم، أو إصابته بوعكة صحية بعد المداولة وقبل التوقيع. وإذا دوّن المحكم المخالف رأيه خطياً، وتم إرفاق هذا الرأي بحكم الأغلبية، فلا داعي لذكر عدم توقيعه على الحكم، ولا لبيان سبب ذلك فيه.
وقد يرفض المحكم الثالث رأي الأغلبية، ويرفض في الوقت ذاته التوقيع تحت اسمه كمحكم مخالف، ويرفض أيضاً تقديم رأيه خطياً. وفي التطبيق العملي، فإن المحكم المخالف كثيراً ما يرفض حتى حضور جلسة المداولة والمشاركة فيها. في هذه الأحوال ومثيلاتها، يكفي أن يرد في الحكم، أي حكم الأغلبية، عدم توقيع هذا المحكم المعارض للحكم، وسبب ذلك إذا كان له مقتضى ولو بشكل موجز كأن يرد تحت توقيع المحكم المخالف عبارة "رفض التوقيع لمخالفته الحكم"، أو "لمخالفته لرأي الأغلبية"، أو "لعـدم قناعته برأي الأغلبية، أو غير ذلك من عبارات ترد بشكل إجمالي .
وتوقيع الحكم من المحكمين المؤيدين له، سواء صدر الحكم بالإجماع أو الأغلبية، هو ركن شكلي فيه، بحيث يترتب على عدم توفره بطلان الحكم، ويصبح الحكم بمثابة ورقة مكتوبة أو مطبوعة ، لا قيمة لها من الناحية القانونية .