حكم التحكيم / دور اسباب حكم التحكيم لضمان احترام الحقوق الإجرائية للخصوم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / تسبيب أحكام التحكيم / الآثار المترتبة على الالتزام بالتسبيب
الاسم
خالد منصور اسماعيل
تاريخ النشر
2009-01-01
اسم دار النشر
جامعة الدول العربية - معهد البحوث والدراسات العربية
تتمثل آثار حكم التحكيم – كما هو الحال بالنسبة للحكم القضائي - فـي حيازة الحكم لحجية الأمر المقضي، فهناك أحكام تحوز الحجية وأحكام أخـرى لا تحوزها ؛ مما يؤثر بالتالي في إمكانية رفع الدعوى مرة ثانية ، أو عدم إمكانيـة ذلك، وهو يؤثر بدوره في طرق الطعن العادي وغير العادي، كما يؤثر في القـوة التنفيذية للأحكام التي تقبل التنفيذ الجبري .
ولعل تلك الآثار منها ما يتعلق بالحق المحكـوم بـه، ومنها ما يتعلـق بموضوع النزاع وإجراءات التحكيم، فغاية أي حكم هي إنهاء النزاع، وفـصل الخصومة، وذلك هو الأثر المباشر لحكم التحكيم .
ولما كان حكم التحكيم هو ثمرة الخصومة وغاية الأطراف، فإنـه بـمجـرد صدوره يستنفذ المحكم سلطته في نظر النزاع الذي تم الفصل فيه بصفة قطعيـة ويبين الباحث هنا دور التسبيب في تلك الآثار عندما يكون الالتزام به واجباً علـى المحكمين، فصدور حكم التحكيم وفقاً للشروط والإجراءات التي تحكمه فإنه يترتب عليه أثر قانوني وهنا ما سنتناوله في المطلب الأول ويتطرق الباحث خلاله إلـى مسألة حجية الأمر المقضي والمطلب الثاني يتناول تعيب الحكـم لـعـدم الالتـزام بوجوبية التسبيب
حجية أحكام التحكيم
أولاً : المقصود بحجية الأمر المقضي
يقصد بحجية الحكم ما يتصف به من قوة ، أو من قرينة تمنع مـن إعـادة عرض ما فصل فيه من نزاع من جديد على القضاء إلا إذا كان ذلك بطريق طعن يقرره القانون.
هذه الحجية تترجم عملاً من خلال أثرين يرتبهما الحكـم يمثلان وجهين متكاملين لهذه الحجية، الوجه الأول إيجابي والوجه الثاني سـلبي .
"ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل وتفصل فيـه لا يمكن أن يكون محـلا لحكـم يحوز قوة الشيء المحكوم فيه إلا بالطرق وفي المواعيد التي حددها القانون .
كما أكدت محكمة النقض المصرية . بدورها هذا الفهم فقضت بأن التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية، ولئن كان في الأصل وليد إرادة الخصوم إلا أن أحكام المحكمين شأن أحكـام القـضـاء تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها وتبقي الحجية طالما بقى الحكـم قائماً ولو كان قابلاً للطعن وتزول بزواله .
لكي يحوز حكم التحكيم حجية الأمر المقضي فلابد أن يكون الحكم قد صدر فعلاً لكي يتمتع بهذه الحجية ومن هنا تبرز أهمية تحديد وقت صدور الحكم .
الاتجاه الأول : يرى تحقق صدور حكم المحكمين بكتابته والتوقيع عليه ؛ لأن القانون لا يوجب النطق به في جلسة علنية أو في حضور الخصوم ما لم يشترط هؤلاء ذلك في إتفاق التحكيم ، أو مشارطة التحكيم .
رأي الباحث
ويميل الباحث إلى الرأي الأول الذي يرى الاكتفاء بكتابة الحكم والتوقيـع عليه، ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك وهذا يعتبر ترسيخاً لخصوصية أحكـام التحكيم والتي لا يجب معالجتها بنفس المقاييس التي تقاس بها الأحكام القضائية .
ما يرد في أسباب الحكم زائداً على حاجة الدعوى لا يحوز حجية ولا يجوز للطعن في الحكم للخطأ الوارد فيه .
كما أن محكمة النقض المصرية قررت في أحكامها نفس الأثـر المترتـب على اكتساب أسباب الحكم لحجية الأمر المقضي فيه عند ارتباطها، بالمنطوق فقد أكدت المحكمة على تمتع هذه الأسباب بقوة الأمر المقضي ومن ذلك قولها :
- الأصل أن قوة الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم وبما كان من الأسباب مرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً، فإذا كانت المحكمـة قد عرضت تزيداً في بعض أمثالها إلى مسألة خارجة عن حدود النزاع المطروح عليهـا أو لـم تكن بها حاجة إليها للفصل في الدعوى فأن ما عرضت له من ذلك لا يكون لـه قوة الشيء المحكوم فيه .
- المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن للقضاء النهـائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء أكان هذا الفصل وارداً في منطوق الحكم أم في الأسباب المرتبطة به ارتباطاً وثيقاً، ومتى حاز الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التـي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها .
- المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فأنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى أخرى يثار فيها النزاع ولا يمنع مـن حيـازة الحكـم السابق قوة الأمر المقضي أن يكون الفصل في المسألة الأساسية وارداً في أسبابه المرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً .