الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / التسبيب / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / استقلال شرط التحكيم بين النظرية والتطبيق / السبب 

  • الاسم

    أشرف محمد محسن خليل الفيشاوي
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    403
  • رقم الصفحة

    70

التفاصيل طباعة نسخ

السبب 

   هو القصد أو الغاية من التعاقد أي الغرض والباعث للتعاقد، ولكي يكون العقد صحيحا لابد أن يكون هذا السبب مشروعا وإلا كان العقد باطلا.

   وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلى أن القانون المدني الفرنسي قد ألغى نظرية السبب من العقد، بحيث أصبح العقد يقوم على ركنين وهما الرضا والمحل.

    وتنص المادة 36 مدني على أنه "إذا لم يكن للالتزام سبب، أو كان سببه مخالفا للنظام العام أو الآداب، كان العقد باطلا". ويقصد بالسبب هنا الباعث الدافع إلى التعاقد وهذا الباعث يجب أن يكون مشروعا أي ليس فيه مخالفة للنظام العام أو الآداب وهذا السبب موجود دائما. أما سبب الالتزام فهو الذي يجب أن يكون موجودا ويبطل العقد في حالة عدم وجوده.

أولاً: تعريف السبب في نظرية العقد :

    يعد سبب الالتزام أو السبب القصدي عنصراً متلازماً مع الإرادة، وقد اتجه غالبيه الفقه في تعريفه أنه الغرض الذي يقصده المدين من وراء التزامه، والفرق بينه وبين المحل، هو أن المحل جواب من يسأل عن بما التزم به المدين، أما السبب فهو جواب من يسأل عن لماذا التزم المدين.

    ولما كان الاتفاق على التحكيم هو في الأصل عقد مدني وفقا للقواعد العامة في القانون المدني، وإن كان ذا طبيعة خاصة مقامها الاتفاق على اللجوء للتحكيم دون قضاء الدولة- في حالة نشأة نزاع عن العقد المتضمن هذا الاتفاق، ومن ثم يجب وجود الباعث أو السبب القانوني على هذا الاتفاق - وفقاً لأنصار النظرية الحديثة- وليس مجرد الأساس القانوني الذي يقوم عليه الطلب القضائي.

ثانياً: سبب العقد وسبب التحكيم

   يجدر التفريق بين سبب اتفاق التحكيم وبين السبب في العقد الأصلي. إذ إن الأخير يكمن سببه في الباعث للتعاقد والغرض الذي يرمي إلى تحقيقه طرفا العقد، والذي يدور معه العقد وجوداً وعدماً، وعليه فإذا تم إبطال العقد لبطلان سببه فإنه لا يستتبع بطلان اتفاق التحكيم، وفقاً لنظرية استقلال شرط التحكيم واختلاف سبب كل من العقد الأصلي واتفاق التحكيم. 

   ولا يتصور عدم مشروعية السبب إلا إذا ثبت أن المقصود بالتحكيم التهرب من أحكام القانون الذي كان سيتعين تطبيقه لو طرح النزاع على القضاء، نظراً لما يتضمنه هذا القانون من قيود أو التزامات يراد التحلل منها، الأمر الذي يمثل حالة من حالات الغش نحو القانون فيكون التحكيم وسيلة غير مشروعة يراد بها الاستفادة من حرية الأطراف أو حرية المحكم في تحديد القانون واجب التطبيق. والسبب غير المشروع لا يختلط بالمحل غير الممكن أو غير المشروع، حيث إن السبب غير المشروع يستوجب البحث عن الإجابة للتساؤل لماذا لجأ الأطراف للتحكيم؟ أما المحل غير الممكن أو غير المشروع يرتبط بتحديد الموضوع المراد حسمه بطريق التحكيم وهل هو ممكن ومشروع أم لا؟

   وخلاصة القول، إنه يشترط أن يكون السبب في الاتفاق على التحكيم مشروعاً وإلا تعرض للبطلان الذي يؤدي إلى بطلان الاتفاق نفسه، ويتصور أن يكون سبب الاتفاق على التحكيم غير مشروع إذا انطوى على حالة من حالات الغش نحو القانون الذي ذكرناه آنفاً، كما لو كان اللجوء للتحكيم سببه الأساسي هو التهرب من أحكام القانون الوطني حال اللجوء للقضاء، أو التهرب من شرط العلانية وضمانات إعلان الخصوم التي تكفلها إجراءات التقاضي - وفقاً لأحكام قانون المرافعات- في القضاء العادي، أو التحايل على الإجراءات اللازمة لإثبات ملكية الأشياء أو التصرف فيها بطريق التواطؤ بقصد الاعتداء على ملكية الغير، أو كان الاتفاق على التحكيم بقصد التهرب من بعض الالتزامات والقيود التي يفرضها القانون الوطني، في حال عرض النزاع على القضاء الوطني، مثل التهرب الضريبي من الأرباح التجارية والصناعية. 

    وجدير بالذكر أنه حتى يكون الاتفاق باطلا لعدم مشروعية السبب يجب أن يتصل الباعث غير المشروع بالمتعاقد الآخر أي أن يكون الطرف الآخر على علم بالباعث المشروع أما إذا وجد هذا الباعث لدى أحد الطرفين فقط فلا يكون الاتفاق باطلا طالما لم يتصل هذا الباعث بعلم الطرف الآخر وذلك لاستقرار المعاملات وعدم مفاجأة الطرف الآخر حسن النية.