ولا يقدح في الذهن أن تعتري الأسباب كذلك عدم وضوح أو إبهام، فأسباب الحكم يجب أن تكون ظاهرة واضحة، وليست مبهمة أو غامضة أو مجهلة وإلا كان الحكم باطلاً، فالمحكم كالقاضي إنما يستخلص من الأسباب رده ولو ضمناً على حجج الخصوم وأدلتهم ودفاعهم ومستنداتهم.
والظاهر لنا أن حكم المحكم تدون فيه أسباب الحكم لارتباطها بمنطوقه ارتباطاً وثيقاً، إذ أن كل الأسباب والحيثيات التي يصوغها الحكم ترتبط بالمنطوق على سند من أنها مقدمات منطقية لنتيجة مهمة ودعامة أساسية، يسلسلها المحكم لينتهي إلى نتيجة حاسمة في الحق الموضوعي، فلا يستقيم حكمه بغير الأسباب، وإلا كان معيباً بقصور التسبيب، فإذا ما عرض حكم المحكم على القاضي المنفذ، وكانت عبارات منطوق حكم المحكم غامضة أو مقتضبة، فيكون على القاضي الرجوع حينئذ لأول العناصر التي تساهم في تكملة منطوق حكم المحكم وتوضح غموضه.