المقصود بذكر أسباب الحكم بصفة عامة بيان الأسباب الواقعية والقانونية التي بني عليها الحكم، فالقصور في أسباب الحكم الواقعية وهي الأسباب التي تبرر الواقع الذي استخلصه القاضي هي التي يترتب عليها بطلانه وذلك دون الأسباب القانونية، ذلك أنه يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها، وأن تكون مبنية على أسباب واضحة وجلية وغير مشوبة بإبهام أو غموض أو نقصه، فالقاضي وهو "يعرض لتصفية كل نزاع يقوم على أي عنصر من عناصر الدعوى، يتوقف الحكم فيها على الفصل فيه، يواجه كل دفاع جوهري يتمسك به الخصم ويبدي رأيه فيه، ليؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من نتيجة"..
ويلزم لصحة تسبيب حكم القاضي وجود الأسباب صراحة أو ضمنا أو بالإحالة إلى أسباب حكم محكمة أول درجة، أو إلى تقرير خبير بشرط إيداع هذا الحكم أو التقرير ملف القضية وأن تكون أسباب هذا الحكم أو التقرير كافية بذاتها، وإلا كان الحكم باطلا لانعدام الأسباب(؟)، كما يلزم أن تكون الأسباب التي بني عليها الحكم كافية ومنطقية.
فينبغي على المحكم أن يذكر في الحكم أسبابه، وإلا اعتبر الحكم باط، حتى ولو كان المحكم مفوضا بالصلح، لأن إرادة الخصوم تتجه أصلا إلى التحكيم، وعلى ذلك فتفويض المحكم بالصلح لا يعفيه من ضرورة بيان الأسباب والأسس القانونية التي أقام عليها حكمه.
فعلى الرغم من أن الأطراف في اتفاق التحكيم يجب أن يفهموا حكم المحكم، ولن يتم ذلك إلا إذا قام المحكم بشرح الأسباب وباختصار، ويجب عليه أن يبين الأسباب)، لم يعد تسبيب الحكم أمرا لازما كما كان الحال في ظل نص المادة (1/507) من قانون المرافعات المصري.
تعليقنا على حالتي الإستثناء من التسبيب وفقا للمادة 3/34 تحكيم مصري:
نعتقد أن استحداث المشرع المصري للنص الوارد في المادة (2/43) له ما يبرره خاصة وأن المادة (25) من قانون التحكيم سمحت لأطرافه بالإتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات لقواعد تحكيم مؤسسي داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها، ولذلك راع المشرع المصري أن الأطراف قد يختارون القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع وإجراءته من بين القواعد التي لا تتطلب تسبيب حكم التحكيم، وحتى إذا اختار الأطراف قانونا أجنبية يستلزم التسبيب، فإن لهم الإتفاق على استبعاد حكمة في هذا الخصوص، والعكس صحيح، أي أن لهم إستلزام التسبيب، حتى لو كان القانون واجب التطبيق لا يقتضي بيان أسباب الحكم.
ومع تسليمنا من أن أسباب الحكم لها أهميتها بالنسبة للخصوم، ولسلطة تنفيذ الحكم، فمن ناحية يبحث الخصوم في أسباب الحكم للوقوف على حدود قرار المحكم في النزاع لاطلاعهم على حقوقهم وإلتزاماتهم، وعما إذا كان فيه ما يدعو من عيوب للطعن على حكم المحكم، أو الرجوع في حال حدث خلاف حول هدود حقوق الخصوم وحكم التحكيم إلى المحكمين الذين أصدروا الحكم لتفسيره أو لتوضيح محدود ذلك القرار .
ففي القانون المصري يمكن الرجوع إلى قاضي التنفيذ في حال قامت مشكلة في تنفيذ الحكم، أما في القانون الكويتي فإن مدير إدارة التنفيذ لا يتمتع باختصاص قضائي، فهو لا يقابل قاضي التنفيذ في القانون المصري، فليس له نظر منازعات أو إشكالات التنفيذ، فالمنازعات الموضوعية تطرح على المحكمة المختصة وفقا للقواعد العامة، بينما تطرح الإشكالات الوقتية على قاضي الأمور المستعجلة.