الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / التسبيب / الكتب / أحكام المحكمين وتنفيذها وفقاً لاتفاقية نيويورك / الأحكام المسببة والاحكام غير المسببة

  • الاسم

    د. يعقوب يوسف صرخوه
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    42

التفاصيل طباعة نسخ

- مقدمـة : - تنقسم التشريعات الوطنية بصدد اشتراط ذكر أسباب الاحكام التحكيمية الى قسمين : تشريعات لا تلزم المحكم بذكر أسباب الحكم وتشريعات تلزمة بذكرها .

وبالنظر الى ما يثيره الحكم التحكيمي غير المسبب من مشاكل عملية تتعلق بتنفيذه في بلدان القانون المدن تطبيقا لاتفاقية نيويورك لسنة 1958 المتعلقة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الاجنبية ، فأننا سنتولاء بالشرح مع شيء من التفصيل .

ويميل المحكمون الانجليز الى تبني ذلك القول ، فهم يفضلون اصدار ما يسمى بأحكام التحكيم غير الناطقة Non - Speaking أي تلك التي لا تعطى اسباب لها .

وقد جاء هذا المعنى حديثا على لسان أحد القضاة بقوله : بأنه يوجد في انجلترا قانون ، يختلف عن قوانين معظم البلدان ، يفيد بأنه اذا تبين وجود خطأ في القانون عن منطوق الحكم التحكيمي ، فأنه يمكن الغاؤه . ولذا فأن المحكمين ميلون الى اصدار أحكام غير مسبية ما لم يطلب منهم ذلك بشكل خاص .

وفي مثل هذه الحالة ، فأن المحكمين غالبا ما يضمنون أسباب التحكيم في وثيقة منفصلة عن الحكم نفسه لا تشكل جزءا منه وعلى أساس أن هذه الاسباب لا يستعملها أي من الطرفين لالغاء الحكم التحكيمي

كما أن مذكرات الخصوم المتبادلة لا تشكل جزءا من الحكم التحكيمي  وبالتالى فلا تنظرها المحاكم ما لم يشر الحكم صراحة اليها أو أنها تكون مصاحبة للحكم وتشكل جزء منه .

لقد ادعى الباني أن الملاحظات يجب أن تعتبر جزءا من الحكم التحكيمي ، دون اعتبار للاعلان الذي يفيد خلاف ذلك ، لأن المستند نفسه مقرونا بتسليمه تسلیے معاصرا لاصدار الحكم يشير في الواقع الى النية في اعتباره (أي المستند) جزءا من الحكم .

ان كبير القضاة لا يوافق على ذلك لأن المحكم في نظره ـ قد أوضح بجلاء المعنى المقصود من تصرفه ، فبالاضافة الى عبارته الصريحة بأن الملاحظات لا تشكل جزءا من الحكم ولكن عبارته التي تقول وبدون تحيز، وبالقول «بان الملاحظات لا تستعمل في أي اجراء قضائي بدون اذن مني وكلها لا تفترق عن القصد المصرح به ، وهو أن الملاحظات التي صيغت في مستند منفصل لا تشكل جزءا من الحكم التحكيمي .

ومع ذلك فقد يوجد حكم تشريعي يلزم المحكم بذكر أسباب حكمه ، لكن مثل هذا الالتزام لا يوجد اذا كان التحكيم خاصا.

وهذا الوضع السائد في ظل التشريع الانجليزي لسنة 1950 لم يطرأ عليه تغيير في ظل قانون التحكيم الانجليزي لعام 1979 ، باستثناء واحد وهو ان المادة 5/1 من القانون الأخير تعطى المحكمة العليا حق اصدار أمر الى المحكم بتسبيب حكمه اذا استؤنف الحكم أمامها للنظر في أي مسألة قانونية ناشئة عن الحكم التحكيمي ، وهذا التسبيب يكون بعد اصدار الحكم لا قبله ، وبشرط أن تأكد المحكمة من أن أحد أطراف النزاع قد طلب من المحكم تسبيب حكمه قبل صدوره ، أو أن هناك سببا خاصا منع طلب التسبيب من المحكم .

وقد اعتبرت المحاكم من الاسباب الخاصة التي منعت طلب تسبيب الحكم من المحكم جهل الطرف الثاني بنظام التحكيم الانجليزي وأنه يصدر بدون اسباب .

ويلخص أحد الاحكام الانجليزية الحديثة معنى الحكم المسبب Reasoned Award بأن المحكم يكون في نهاية المرافعة Hearing في وضع يمكنه من اصدار قرار Decision واعطاء أسباب لهذا القرار، وكل ما على المحكم هو أن يثبت، على ضوء الأدلة التي تقدم له، ما حدث وما لم يحدث ، ويفسر بايجاز ، على ضوء ما حدث ، لماذا توصل الى قرار ، وما هو هذا القرار . وهذا كل ما يقصد بالحكم المسبب Reasoned Award  .

ـ أحكام التحكيم المسببة : ذكرنا فيها سبق أن تشريعات دول القانون المدنى تشترط من حيث المبدأ تسبيب الأحكام القضائية وكذا أحكام المحكمين . ومن بينها التشريع الكويتي حيث تنص م 115 مرافعات على أنه «يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة، كما توجب المادة 183 مرافعات أن يشتمل حكم التحكيم على أسباب الحكم.

ومعنى ذلك أن الحكم الذي يصدر من المحكم يجب أن يكون مسببا والا كان باطلا حتى ولو كان المحكم مفوضا بالصلح .

وهذا النهج أخذ به القانون الكويتي والمصري والفرنسي والايطالي والاسباني ومعظم قوانين البلاد الاشتراكية ، وبعض التشريعات تجيز للحصوم الاتفاق على اعفاء المحكم من ذكر الاسباب وغالبا ما يتم ذلك في اتفاقات التحكيم الخاصة بالنوع .

 - تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية غير المسببة في البلدان التي تشترط تسبيب أحكام التحكيم : ذكرنا أن تشريعات البلدان التي تشترط تسبيب الحكم التحكيمي تبطل هذا الحكم غالبا اذا صدر بدون تسبيب وتعتبر هذا البطلان من النظام العام وعلى ذلك اذا طلب تنفيذ حكم تحكيمي صادر في بلد لا يتطلب تشريعها تسبيب الحكم في بلد يتطلب تشريعها تسبيب هذا الحكم فهل يحكم بنفاذه أم لا ؟ .

ويتجه القضاء في الكويت إلى حصر دعوى البطلان الواردة بالمادة ٢٦٥ مرافعات قديم ( والتي تماثل الفقرة الثالثة من المادة 186 مرافعات مدنية وتجارية الحالي) على الطعن بالبطلان في أحكام المحكمين الوطنية ولا شأن لها بأحكام المحكمين الأجنبية فهو يقول بأنه اذا اقيمت الدعوى استنادا الى المادة ٢٦٥ مرافعات يطلب بطلان حكم المحكمين موضوعا ـ وهو حكم أجنبي ـ فأنها بذلك تكون غير مقبولة لافتقارها أحد شروط قبولها ذلك أن طرق التقاضي وطرق الطعن هي قواعد متعلقة بالنظام العام لاتصالها بالمبادىء الاساسية للتقاضي.

كا يتجه القضاء في غالبية الدول التي تعتبر تسبيب حكم التحكيم من النظام العام الى التفريق ما بين النظام العام الداخلي والنظام العام الدولي ويميل بوجه عام الى وضع الصيغة التنفيذية على أحكام التحكيم الأجنبية ولو لم تكن مسببة طالما أن القانون الذي صدرت في ظله لا يشترط التسبيب لنفاذها .

ومن أمثلة ما أخذ به القضاء الفرنسي في أحد أحكامه التي تتعلق يطلب تنفيذ حكم محكمين صادر في انجلترا بدون تسبيب حيث قال: حيث أن اتفاقية نيويورك المبرمة في 10 يونيو ١٩٥٨ تنطبق على هذه الحالة وأن اجراءات التحكيم يجب أن تتفق مع قانون بلد التحكيم وأن المادة ٢/٥ب من هذه الاتفاقية تشترط للاعتراف وتنفيذ الحكم التحكيمي بأنه يجب أن يتفق مع النظام العام Public poley للبلد الذي يطلب تنفيذه فيها.

ولذا فعلى المحكمة أن تبين أن الأحكام الصادرة في انجلترا تنفق مع النظام العام الفرنسي مع الأخذ بعين الاعتبار أن النظام العام الذي يطلب من الحكم التحكيمي أن يتفق معه كشرط لنقاده ليس هو النظام العام بمفهوم القانون الوطني ولكن بمفهوم القانون الدولي للدولة التي يلجأ اليها الحكم التحكيمي

L'Ordre Public au respect duquel l' exeuqatur dos sentences arbitra's etrangeres est subordonne deveant s' entendre non de l' ordere public au sens interne, mais du droit international de l'Etat ou la decision est invoquee.

ولما لم يتضح أن الحكم التحكيمي صدر مخالفا للنظام العام الفرنسي وان عدم وجود أسباب في الحكم يتفق مع قانون بلد الاصدار الذي اختاره أطراف النزاع ، فإنه لا يعتبر بذلك مخالفا للنظام العام الفرنسي ومن ثم منح الصيغة التنفيذية

Compatibles avec l'ordre public international Francais ويعتبر هذا الحكم حلقة في سلسلة من الاحكام الفرنسية التي سارت على نفس النهج .

كما أن القضاء الايطالي قد سار في هذا الاتجاه فلم يعتد بالطعن بالحكم التحكيمي الصادر في انجلترا لخلوه من الأسباب على أنه يتعارض مع النظام العام الايطالي واعتبر أن نصوص اتفاقية جنيف لسنة 1961 التي يخضع لها التحكيم تسمو على غيرها من النصوص والاجراءات التي جرى التحكيم على أساسها ويوضح هذا الاتجاه ما أخذت به محكمة استئناف جنوا حيث أنها لم تعتبر خلو الحكم التحكيمي من الاسباب مخالفا للنظام العام الايطالى خاصة وأن الاتفاقية الأوروبية الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي (م 8) والتي تعتبر ايطاليا عضوا فيها، تحير اصدار الاحكام التحكيمية بدون أسباب وعلى ذلك فمثل هذه الأحكام لم تعد مخالفة للقانون الايطالي ولا يثور بشأنها أي اشكال دستوري او تنارع مع النظام العام الايطالي .

أما المحاكم السويسرية " فتتمسك ببطلان قرار التحكيم غير المسبب ولو كان القانون واجب التطبيق يحير عدم ذكر الاسباب . لكنها تصحح الحكم اذا كان الخصوم وقت ابرام اتفاق التحكيم على علم بأن الحكم سيصدر بلا أسباب أو أنهم اتفقوا على أعفاء المحكم من ذكر الاسباب.

يتضح مما سبق اختلاف أنظمة التحكيم في بلدان القانون المدني عنها في بلدان القانون العام من حيث ذكر أسباب الحكم التحكيمي ولذا كان وجود الاتفاقيات الدولية التي تنظم قواعد التحكيم من الاهمية بمكان حيث تيسر تطبيق أحكام التحكيم في ظل قوانين الدول المختلفة مع التفرقة بين ما يعتبر نظاما عاما وطنيا ونظاما عاما دوليا ، واذا مالت المحاكم الوطنية الى تضييق مفهوم النظام العام الوطني فأنها تتوسع في مفهوم النظام العام الدولي بحيث تسمح بتطبيق حكم التحكيم الصادر صحيحا وفقا للنظام القانوني الذي صدر في ظله ، وبذا يحقق التحيكم الدولي فائدته المرجوة في سرعة حل المنازعات التجارية واستقرار المراكز القانونية لأطراف الخصومة .