الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / التسبيب / الكتب / ضمانات التقاضي في خصومة التحكيم / ضمانات تسبيب الاحكام ومدى مرونتها

  • الاسم

    د. طلعت محمد دويدار
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    384
  • رقم الصفحة

    129

التفاصيل طباعة نسخ

يذهب الفقه العالمية إلى تأصيل تسبيب الأحكام على العديد من الاعتبارات.

إن ضمانة تسبيب الأحكام القضائية من النظام العام، سواء اعتبرت وسيلة لمراقبة الأحكام من قبل محكمة الطعن أو اعتبرناها وسيلة من وسائل | العلانية في أداء المحاكم، غير أن هذه الضمانة ليست من النظام العام بالنسبة لأحكام التحكيم وهذا ما يشهد عيه موقف العديد من التشريعات الدولية وأنظمة مراكز التحكيم المؤسسي والتشريعات الوطنية التي لا نستلزم تسبيب أحكام المحكمين لأنها تصدر في سرية، إلا إذا اتفق الأطراف على ذلك مما يعني أنها ليست من النظام العام.

فالقاعدة المستقرة في قوانين المرافعات وجوب تسبيب أحكام القضاء وإلا وقعت باطلة(147)  مصري.

فالإتجاه الغالب في التشريعات الدولية وأنظمة التحكيم المؤسسي هو عدم وجوب التسييب. فمن التشريعات الدولية القانون النموذجي، حيث تنص المادة ( ۲/۳۱) على أن « ببين في قرار التحكيم الأسباب التي بني عليها القرار، ما لم یکن الطرفان قد اتفقا على عدم بيان الأسباب أو ما لم يكن القرار قد صدر بشروط متفق عليها بمقتضى المادة ۴۰.. فالأصل اذن وفقا لهذا النص هو التسبيب لكن دون اعتبار ذلك من النظام العام، حيث يمكن للخصوم الاتفاق على خلاف ذلك، سواء في اتفاق خاص، أو ضمن شروط عامة وردت بشأن التحكيم وهذا ما نصت عليه المادة ۳/۲۲ من قواعد اليونسترال، وقد توسعت الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي في افساح المجال لعدم التسبيبه حيث نصت المادة 8 منها على أنه من المفترض في الأطراف أن يكونوا في توافقوا على أن يكون الحكم التحكيمي مسببا باستشاء:

ا- إذا كان الأطراف قد أعلنوا صراحة أن الحكم يقتضي ألا يكون كذلك.

۲ - إذا كانوا قد أخضعوا أنفسهم لقواعد مرافعات تحكيمية ليس من المتعارف عليه فيها تسبيب الأحكام، ولهذا وفي هذه الحالة يجوز للطرفين أو لأحدهما طلب تسبيب الحكم صراحة، قبل انتهاء الجلسة أو قبل تحرير الحكم. وكذلك نصت المادة ۳/۲۳ من قواعد تحكيم مركز القاهرة الأقليمي على أنه يجب أن تسبب هيئة التحكيم الحكم، ما لم يكن الطرفان قد انقضا على عدم تسبيبه.

على أن يكون واضحا الفرق بين تسبيب الحكم وذكر مشتملاته، حرة أوجبت المادة ۳/43 أنه «يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان اصداره، وأضافت المادة عبارة «وأسبابه ان كان ذكرها واجبا.

 ومن التشريعات التي حذت حذو القانون النموذجي في هذا الصدد قانون التحكيم الأردني (م 41/ب). وقانون التحكيم البحريني، إلا أنه أخذ حرفية في المادة ( ۲/۳۱ ) نص المادة ( ۲/۳۱) من القانون النموذجي، وقانون التحكيم التونسي (م ۲/۷۵) بشأن التحكيم الدولي، وأغفل ذلك في شأن التحكيم الداخلي، وقانون التحكيم العماني (م ۲/۶۳) وقانون التحكيم اليمني (2/492) وقد حرصت المادة ۵۷/ه على جزاء البطلان لانعدام التسبيب إلا إذا اتفق طرفا التحكيم ونص القانون الواجب التطبيق على غير ذلك.

حيث يرى صاحب الرأي أن التفرقة بين عيوب تسبيب أحكام التحكيم وعيوب تسبيب أحكام القضاء لا محل لها، فحيث يتعين تسبيب حكم التحكيم يجب مراعاة القواعد المتبعة في تسبيب أحكام القضاء باعتبارها من ضمانات التقاضي الأساسية التي يؤدي عدم مراعاتها إلى بطلان حكم التحكيم.

هذا الرأي - في تقديرنا - ينطوي على غيرة نبيلة على ضمانات التقاضي في خصومة التحكيم، وحرص محمود على عدالة التحكيم لا يقل عنه في عدالة القضاء، باعتبار تأصيل حكم التحكيم على أساس الطبيعة القضائية غير أنه ينبغي ألا يعزب عن علمنا أن تسبيب أحكام التحكيم من حيث المبدأ في القانون المصري - كما في غيره من القوانين التي حذفت حذو القانون النموذجي - لم يعد من النظام العام، فقد يصدر الحكم التحكيمي غير مسبب أصلا باتفاق الخصوم أو بنص القانون الواجب التطبيق على سر التحكيم، مما تهدر معه جذرية ضمانة مهمة من ضمانات التقاضي.

غير أن غالبية التشريعات ما زالت مصرة على التسوية بن حكه حكه وحكم القاضي في هذه المسألة، وذلك تأثراً بالنظرية القضائية في طينة التحكيم، أو على الأقل لانعدام الوعي بالفارق الكبير في الطبيعة بينهما.

ومن ذلك مثلا قواعد التحكيم في غرفة التجارة السنوية CCI، حيث تنص المادة ۲/۲۵ على أنه يجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً. ولم تعد الخصوم صراحة إمكانية الاتفاق على خلاف ذلك.