الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / التسبيب / الكتب / أثر النظام العام في الحد من اللجوء إلى التحكيم / أثر النظام العام على تسبيب حكم التحكيم

  • الاسم

    د. ماهر محمد حامد
  • تاريخ النشر

    2012-10-10
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    191
  • رقم الصفحة

    155

التفاصيل طباعة نسخ

أثر النظام العام على تسبيب حكم التحكيم

    يقصد بأسباب القرار التحكيمى ذات المعنى المعروف بالنسبة الأسباب الحكم القضائي، فالأسباب هي الحيثيات التي يبنى عليها حكم المحكم أو هيئة التحكيم، أى المبررات القانونية التي يتأسس عليها القرار.

    وتستلزم غالبية التشريعات الوطنية ذكر أسباب التحكيم ومنها الإجراءات المدنية الإماراتي (المادة (5/212)، وقانون المرافعات الكويتي (المادة 183)، ونظام التحكيم السعودى لسنة 1403هـ (173)، وقانون المرافعات القطرى المادة (202). والقانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجارى الدولى 1985 المعمول به في مملكة البحرين (م2/31) أما قانون التحكيم المصرى، فقد نصت المادة (2/42) منه على أن يجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً، إلا إذا اتفق الأطراف على غير ذلك أو كان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم، وهذا النص يماثل نص المادة (2/42) من قانون التحكيم العماني.

     والحكمة من تطلب ذكر الأسباب سواء بالنسبة لأحكام القضاء أو أحكام التحكيم في التشريعات التي توجب ذلك هو ايجاد ضمانة من ضمانات التقاضي، حيث يتيح ذكر الأسباب مراجعة الحكم (سواء أكان قضائياً أم تحكيميا )من جانب جهة القضاء المختصة التي تستأنف أمامها أحكام المحاكم أو أحكام المحكمين في البلدان التي تجيز تشريعاتها مثل هذا الاستئناف لأحكام التحكيم ومثل هذه الضمانة الحيوية هي بلا شك، من النظام العام، وبالتالي فإنه في تلك التشريعات التى تستلزم ذكر الأسباب، فان مصير القرار التحكيمي غير المسبب هو البطلان .

   وتجيز بعض التشريعات التي تستلزم ذكر أسباب القرار التحكيمي للخصوم أن يتفقوا في اتفاق التحكيم على إعفاء المحكم أو هيئة التحكيم من ذكر الأسباب مثل التشريع المصرى والعماني سابق الإشارة إليهما.

    وباستعراض موقف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم التجاري الدولي سيتضح لنا أنه ليست هناك أية نصوص متعلقة بموضوع تسبيب قرارات التحكيم سواء في بروتوكول جنيف لسنة 1923 أو اتفاقية جنيف لسنة 1927. أما اتفاقية نيويورك لسنة 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ قرارات التحكيم الأجنبية فقد تعرضت لهذه المسألة ضمنا لا صراحة في المادة الخامسة حيث ذكرت الفقرة الأولى من هذه المادة أن إجراءات التحكيم يجب أن تكون طبقاً لما اتفق عليه طرفا التحكيم، فإذا لم يتفقا على ذلك فإن الإجراءات تكون طبقاً لقانون الدولة التي يجري التحكيم على إقليمها. ومعنى ذلك أنه إذا لم يتفق الطرفان على إجراءات التحكيم( ويدخل في عدادها بالطبع مسألة تسبيب أو عدم تسبيب القرار الصادر من المحكم أو المحكمين) فإن القانون الإجرائي النافذ في الدولة التى يجرى التحكيم على إقليمها هو الذي يطبق في هذه الحالة، فإذا كان هذا القانون يوجب تسبيب الأحكام، فإنه يجب على المحكم أو هيئة التحكيم الالتزام بتسبيب القرار وإلا فإنه لا التزام بذلك على المحكم أو هيئة التحكيم، ثم إن الفقرة الثانية من نفس المادة تقرر مبدأ علية شبه إجماع في تشريعات الدول المختلفة، وهو إمكان أن أراض الاعتراف بالقرار التحكيمي وتنفيذه إذا كان في الاعتراف به وتنفيذه ما يتعارض مع النالام العام في الدولة التي يراد الاعتراف بالقرار وتنفيذه فيها. ومعنى ذلك أن القرار التحكيمي إذا كان غير مسبب فإنه قد يعتبر أنه متعارض مع النظام العام في الدولة التي يطلب فيها الاعتراف بالقرار وتنابذه إذا كان القرار قد صدر على الليم دولة أخرى. ذلك أن أسباب القرار أو الحكم القضائي) تعتبر من الضمانات الجوهرية للتحايل المحدقة، وهي من هذه الوجهة تدخل لا شك في عداد الأمور المنطقة بالت الام العام، وبالتالي لا يجوز مخالفتها.

    أما الاتفاقية الأوربية الخاصة بالتحكيم التجارى الدولى لسنة 1961 فقد ذكرت في مادتها الثامنة أن الأشراف في اتفاق التحكيم يفترض أنهم اتفقوا على وجوب أن يكون القرار التحكيمي الذي يصدر عن المحكم أو هيئة التحكيم مسبباً - إلا أن هناك استثنائين على تلك القاعدة التي أوردتها المادة سالفة الذكر: الاستثناء الأول حين يكون اشراف اتفاق التحكيم أن أعلنوا صراحة عدم ضرورة تسببب القرار. والاستثناء الثاني حينما يكون الأطراف قد اتفقوا على إجراءات تحكيم لا توجد بها أية قاعدة تلاشي بضرورة تسبيب القرار بشرية ألا ياكلب أحد طرفي النزاع - قبل انتهاء المرافعة أو قبل صياغة القرار - من المحكمين ذكر أسباب القرار.

أما اتفاقية البنك الدولي وهي الاتقالية الخاصة بتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات بين الدول ورعايا الدول الأخرى والموقعة في سنة 1965 فقد ذكرت صراحة وبوضوح في مادتها رقم 48 فقرة 3 أنه يجب ذكر الأسباب التي بني عليها القرار. كما قررت المادة 52 فقرة 5 بطلان قرار التحكيم إذا لم يتضمن ذكر الأسباب التي بني عليها.

    ومن الاستعراض السابق لموقف الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم يبدو واضحاً ميل واضعى هذه الاتفاقيات نحو ضرورة تسبيب قرار التحكيم على صعيد التجارة الدولية، وهو الأمر الذي ربما دل على رغبة في محاولة خلق وتطوير قواعد دولية في هذا المجال الحيوى وهو التجارة الدولية - قواعد دولية جديدة هي إحياء لقانون شعوب جديد Lex Mercatoria يفي بحاجات هذه التجارة وينسجم مع طبيعتها ويدفع بها إلى الازدهار.

    بصدور قرار التحكيم ينتهى اختصاص المحكم أو هيئة التحكيم وتعتبر تسوية النزاع قد تمت. وهذه هي النتائج الطبيعية التي تترتب على صدور القرار على أن من صدر لصالحه الحكم سوف يسعى لتنفيذه.