تعد الكتابة من أهم الشروط التي تتطلبها القوانين الوطنية في حكم التحكيم، حيـث أنه ومن وجهة نظرنا لا يتصور صدور الحكم التحكيمـي بشكل شـفوي مـن المحكمين نظراً لما يترتب على ذلك من ضياع لحقوق أطراف الخصومة، ونشوب خلافات كثيرة تعترض تنفيذ حكم التحكيم، وقد يكون عرضة للنسيان مـن قبـل المحكم الذي أصدره، وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن القوانين محل الدراسة قد اعتبرت إتفاق التحكيم باطلاً في حالة عدم كتابته وهذا ما نصت عليـه المـادة ٢٧٠ من قانون المرافعات المدنية العراقي والتي نصت على أن "يصدر المحكمون قرارهم بالاتفاق أو بأكثرية الآراء بعد المداولة فيما بينهم مجتمعين وطبقاً لما هو مبين في هذا القانون ويجب كتابته بالطريقة التي يكتب بها الذي يصدر من المحكمة كذلك نصت على هذا الشرط المادة (١/١٠) ، والمـادة (1/49 /1) مـن قانون التحكيم الأردني، وكذلك المادة (١/٧٦٩) من قانون المرافعات الليبي، كمـا ان اشتراط الاتفاقيات والقوانين المختلفة والمنظمة لشؤون التحكيم ضرورة التوقيع على حكم التحكيم يدل بداهة على أنه حكم مكتوب، لأن التوقيع لا يقـع إلا علـى شيء مكتوب، وبالتالي لا يتصور منطقياً أن يتم منح الأمر بتنفيذ حكم تحكيم ما لم يكن مكتوبا، حيث إن تذييل هذا الحكم بالصيغة التنفيذية يتطلب صدوره بشكل محرر مكتوب، لذا يحرص المشرع في غالبية قوانين التحكيم على اشتراط كتابـة الحكم وذلك كشكل للعمل الذي يقوم به المحكم وشاهدا على وجوده وإثباتـه مـا يسهل تنفيذه مستقبلا، وفي هذا الصدد نص قانون المرافعات الليبي على اشتراط كتابة حكم التحكيم في المادة (760)، حيث جاء فيها "يصدر حكم المحكمين بأغلبية الآراء بعد المداولة فيما بينهم مجتمعين، ويجب كتابته كما يكتب الحكم الذي يصدر من المحكمة"، وفي المعنى نفسه نصت المادة (1/41) من قانون التحكيم الأردني، أما بالنسبة لاتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية فلم تنص صراحة علـى اشتراط الكتابة إلا أن ذلك يفهم من المادة (1/4/أ) والتي نصت على أنه "على من يطلب الاعتراف والتنفيذ المنصوص عليهما في المادة السابقة أن يقدم مع الطلب. - أصل الحكم الرسمي أو صورة من الأصل..."، وهو ما يفهـم كـذلك مـن صياعة المادة (٢٧هـ) من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي، وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية عمان العربية التحكيم التجاري لم تكن صريحة هي الأخـرى فـي اشتراطها كتابة حكم التحكيم، وإن كان ذلك يفهم من بعض نصوصها التي تشترط أن يكون القرار مسبباً وأن يتضمن أسماء المحكمين أو الطرفين، وتاريخ القـراروغيرها من البيانات التي تضمنتها المادة (۱/۳۲-۲) من هـذه الاتفاقيـة وعلـى العكس من ذلك فقد كان النص على شرط الكتابة صريحاً في كـل مـن قـواعـد اليونسترال في المادة (٢/٣٢) والقانون النموذجي في المادة (۱/۳۱).