وهذا الشرط منصوص عليه صراحة في بعض القوانين، في حين لا تنص عليه صراحة قوانين أخرى. ومع ذلك نرى بأن هذا الشرط الشكلي هو شرط جوهري لقيام الحكم، بحيث يؤدي تخلفه لا إلى التأثير في مضمون الحكم فحسب، بل إلى عدم معرفة هذا المضمون، لدرجة انعدام الحكم . أضف إلى ذلك، أن القوانين موضوع البحث ، تتطلب لتنفيذ الحكم أو الطعن به تقديم أصله أو صورة مصدقة عنه، ويستحيل ذلك دون أن يكون هذا الحكم مكتوباً، وإلا تردّ الدعوى شكلاً.
وأخيراً، فإن النص على وجوب ما يتضمنه الحكم من بيانات على النحو المبين في هذه الدراسة، يعني بداهة أن الحكم يجب أن يكون كتابة. ولا يكفي لاعتبار الحكم مكتوباً الحصول، مثلاً، على إقرار من المحكمين بأنه سبق لهم وأصدروا حكماً شفوياً بمضمون معين لصالح أحد الأشخاص ضد شخص آخر، في ضوء المستندات والبينات الأخرى المقدمة في الدعوى التحكيمية، أو تسجيل الحكم الشفوي على شريط مسجل أو فيديو. كما أن شرط توقيع الحكم من المحكمين مما هو منصوص عليه في القوانين العربية يستحيل توفره إلا إذا كان الحكم مكتوباً. وأخيراً، فإن العرف التحكيمي يقضي بصدور حكم التحكيم كتابة، وهذا هو الواقع في الحياة العملية في قضايا التحكيم.
وكل حكم تحكيم يجب أن يكون كتابة، فلا يقبل كتابة جزء منه، والاعتماد في الباقي على وسيلة أخرى من الوسائل الصوتية، مثل التسجيل، أو المرئية مثل الفيديو . ولكن يستوي أن تكون الكتابة بخط اليد أو طباعة عن طريق الآلة الكاتبة أو الحاسوب (الكمبيوتر) ، أو مزيجاً من الاثنين الكتابة والطباعة. ومرة أخرى، نقول بأنه يترتب على عدم كتابة الحكم أو أي جزء منه انعدام الحكم برمته لارتباط الحكم ببعضه على أساس أنه كل لا يتجزأ.