قد يكون الشكل عنصراً من عناصر الإجراء الت حكيمي، وقد يكون ظرفاً يلزم أن يتم وفقه الإجراء، ونتناول كل منهم في بند: الشكل كعنصر من عناصر الإجراء الت حكيمي وتأخذ الكتابة هذا العنصر المهم في الإجراء. حيث يتوجب على القائم بالإجراء أن يقوم بكتابته، ووفقاً لبيانات محددة قانوناً، فقد نصت المادة (٢٦٧) من قانون المرافعات المدنية العراقي على : يتولى المحكمون اجراءات التحقيق ويوقع كل منهم على المحاضر ما لم يكونوا قد ندبوا واحدا منهم لإجراءات معينة وأثبتوا ذلك في المحضر». ونصت المادة (۲) من قانون المرافعات المدنية العراقي على: «الدعوى طلب شخص حقه من أخر أمام القضاء» .
الدعوى والكتابة شرط لثبوت التحكيم، وهذا هو نص المادة (٢٥٢) من قانون المرافعات المدنية العراقي المعدلة بالقانون رقم (١١٦) لسنة ۱۹۷۳: «لا يثبت الاتفاق على التحكيم الا بالكتابة ويجوز الاتفاق عليه اثناء المرافعة. فإذا ثبت للمحكمة وجود اتفاق على التحكيم أو إذا أقرت اتفاق الطرفين عليه اثناء المرافعة فتقرر اعتبار الدعوى متأخرة إلى أن يصدر قرار التحكيم». وعلى الرغم من عدم تحديد القانون شرط الكتابة فيما اذا كان للانعقاد أم للإثبات، يرى الباحث أن هذا الشرط وعلى وفق الأحكام في قانون المرافعات المدنية العراقي للإثبات والدليل على ما ذهبنا إليه هو أن القانون ذاته أجاز أن يكون الاتفاق على التحكيم في جلسة المرافعة، وهذا يعني إمكانية إثبات الاتفاق بالإقرار وبالـ نكول عن اليمين ("). أما مشروع قانون التحكيم العراقي، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك إذ جاء في المادة (٤ أولاً) من المشروع ما يجعل الاتفاق باطلاً إن لم يكن مكتوبا، أي أن شرط الكتابة هنا للانعقاد ، لكن ذلك لا يحول دون اتفاق الطرفين أمام المحكمة على هذا الاتفاق والأثر المترتب على ذلك هو أن الاتفاق ينتج اثره من تاريخ الاتفاق
امام المحكمة وليس من تاريخ الاتفاق الذي لم يدون بمحرر كتابي
لم يحدد قانون المرافعات المدنية، وكذلك مشروع قانون التحكيم شكل الكتابة أي أن هذا الاتفاق سواء أكان شرطاً أم مشارطة لا يشترط للكتابة شكلاً معيناً، إذ من الممكن أن ترد بصيغة سند رسمي محرر من جهة مختصة ، وقد ترد بصيغة سند عادي ، وفي الحالة الأولى لا نكون أمام صعوبة في إثبات الاتفاق، إذ أن السند الرسمي حجة على الطرفين فيما دون فيه، ولا يجوز الطعن فيه إلا بالتزوير إلا أن الصعوبة قد تنشأ عند ما يكون الاتفاق مدون بسند عادي، فقد يتم الطعن بعموم المختصة التي هي السند أي الطعن بالاتفاق برمته سواء أكان عقداً أصلياً، أم بنداً متعلقاً بالتحكيم، أم أي شيء له علاقة بذلك، وهنا الحل في قانون المرافعات المدنية العراقي يختلف عما هو الحال في القوانين المقارنة ، ففي القانون المذكور، يترتب على المحكمين إيقاف عملهم، واتخاذ القرار بحق الخصوم بمراجعة المحكمة هنا محكمة التحقيق، وليس للمحكمين السير في موضوع التحكيم إلا أن يصدر حكم بات في موضوع في هذه المسألة، وهذه قد تكون حالة نادرة الوقوع أمام الهيئة المذكورة، لأن الغالب ان يتم طرح موضوع التحكيم أمام المحكمة المختصة، التي تتخذ بعد سماع اقوال الطرفين قرارها بالإحالة لهيئة التحكيم، إلا أن هذه الحالة محتملة الوقوع، كما في حالة اتفاق الطرفين على التحكيم في محضر الجلسة أمام محكمة الموضوع، وبعد الاحالة على هيئة المحكمين ابراز السند المتضمن العقد الاصلي وبند التحكيم، وطعن بالتزوير بعد ذلك، أو في الحالة الشائعة وهي أن المدعى عليه لم يحضر الجلسة الأولى، وكان متبلغا تبليغاً أصوليا ، وتمسك الخصم الحاضر بشرط التحكيم وطلب الإحالة على هيئة التحكيم، سنكون في هذه الحالة أمام دعوى أصلية مستأخرة بسبب إحالة النزاع على المحكمين عملا بحكم المادة (٢٥٢) من القانون، ودعوى تحكيمية هي الأخرى مستأخرة بسبب الطعن المقدم من أحد الطرفين بالمحرر المبرز أمام هيئة التحكيم، ورغم أن قانون المرافعات المدنية العراقي، لم يتضمن حلا لهذه الحالة ونرى أن أمام الخصم المتمسك بالتزوير أحد الخيارات الثلاثة الآتية: الأول: مراجعة المحكمة المختصة بنظر النزاع، وطلب فتح باب المرافعة لدعوى المستأخرة، والأمر جوازي للمحكمة في فتح باب المرافعة للدعوى المستأخرة .
وبعد تبليغ الطرفين تستمع لدفوع الخصم المعترض على السند وتتخذ قرارا بشأن الطعن بالتزوير، فهي غير ملزمة بإحالة الخصوم على قاضي التحقيق، فمتى ما وجدت المحكمة قرائن قوية على صحة الادعاء تكلف الخصم بتقديم كفالة شخصية أو نقدية تقدرها على وفق ظروف الدعوى، وذلك لضمان حق الطرف الآخر عما يصيبه من ضرر جراء التأخير الحاصل بسبب هذا الطعن، وهنا لها إحالة الخصوم على قاضي التحقيق، وتقرر مجدداً جعل الدعوى مستأخرة.
الثاني: مراجعة المحكمة المختصة بنظر النزاع الأصلي والطلب منها اتخاذ القرار على وفق سلطتها الولائية، وللمحكمة بعد التحقق من حصول الدفع أمام هيئة التحكيم لها اتخاذ القرار بشأن إحالة الخصوم إلى محكمة التحقيق المختصة بعد اتخاذ الإجراءات ذاتها المبينة في أولا.
الثالث: له مراجعة محكمة التحقيق المختصة مباشرة وتقديم الشكوى على وفق أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية، وهنا يرى الباحث أن مثل هذا نقص يتوجب تداركه في مشروع قانون التحكيم.
وسع مشروع قانون التحكيم وسائل الكتابة، فجاء في المادة (٤/ أولا) من المشروع: ويعتبر الاتفاق مكتوباً إذا ورد في وثيقة موقعة من الطرفين أو تم تبادلها بوسائل الاتصال الحديثة كالبرقيات أو التلكس أو الفاكس أو البريد الإلكتروني أو غيرها من تلك الوسائل إذا كانت تثبت تلاقي إرادة مرسليها على اختيار التحكيم وسيلة لفض النزاع». ويبدو من النص الوارد في المشروع أن قبول إثبات وجود شرط أو مشارطة تحكيم مسألة تقديرية ينفرد بها قاض الموضوع، أي أن سلطته التي تحدد أن إرادة الطرفين انصرفت إلى إبرام اتفاق تحكيم من غير التقديرية هي ذلك، وهنا القاضي المختص يحسم نقطتين مهمتين
الأولى - انصراف إرادة الطرفين إلى إبرام اتفاق التحكيم.
الثانية - استيفاء الكتابة الشكل الذي طلبه المشروع .
ونرى أن هذه السلطة خاضعة لرقابة محكمة التمييز الاتحادية متى ما أخطأ
القاضي في فهم الواقعة وتكييفها .
هناك من يرى أن شرط الكتابة الوارد في المادة (٢٥١) الآنفة، هي للانعقاد وليس للإثبات ، معللا ذلك بعدم إشارة المشرع إلى طرق الاثبات الأخرى كالإقرار وغيرها، ويستدل برأيه على قرار محكمة التمييز الذي جاء فيه: «أن التحكيم في القانون نوع واحد وإنَّ الشرط الوحيد لوجوده وترتيب أثره هو أن يكون مكتوباً، ويستوي في ذلك أن يكون الاتفاق قد تم وقت التعاقد أو تم باتفاق مكتوب مستقل» ، في حين أن الغالبية من الفقه العراقي يرى أن الكتابة الواردة في المادة (٢٥٢) من قانون المرافعات المدنية العراقي هي للإثبات وليس للانعقاد ، وهذا ما نرجحه ، إذ يمكن إثبات التحكيم بالإقرار وبال نكول عن اليمين عند الإنكار .
والقرار ال تحكيمي – كإجراء يعلن عن نهاية الخصومة – لابد من أن يكون مكتوباً ، يتضمن اسم الهيئة التي أصدرته ، وتاريخ إصداره ، وأسماء المحكمين الذين أصدروه ، وأسماء الخصوم ، وأسماء وكلائهم ، واثبات الحضور والغياب ، وخلاصة الدعوى .
وهذا المقتضى منصوص عليه في القوانين الإجرائية ، وهو مقتضى جوهري لقيام الحكم بحيث يؤدي تخلفه إلي عدم معرفة مضمون القرار ويجعله هو والعدم سواء ، فضلاً عن إن تخلف هذا المقتضى يجعل الطعن به أمام المحكمة المختصة أمراً صعباً ، لعدم معرفة مضمون الحكم وبالتالي بسط رقابة المحكمة المختصة بالطعن .