لم تتفق التشريعات والقواعد الدولية، وكذلك آراء الفقـه حـول تحديد هذا الوقت، فمنها ما حدد الوقت الذي ينتج فيه الحكم آثاره بوقت صدور الحكم مباشرة، ومنها ما حدده بوقت اكتساب الحكم حجية الأمر المقضي، ومنها ما حدده بتاريخ إيداع القرار بالمحكمة المختصة (د. والي، 2007، ص460 وما بعدها، د. أبو الوفا، 1987، ص276 وما بعدها. ويذكر أهمية تحديد الوقت الذي يعتبر فيه حكم المحكمين قد صدر إذا توفي أحدهم أو قام به سبب من أسباب الرد أو إذا توفى أحد الخصوم أو فقد أهليته، فإذا توفي أحد الخصوم قبل إصدار الحكم يكون من الواجب انقطاع الخصومة عملاً بالمادة (504) مرافعات مصري، وتبطل الأحكام الصادرة أثناء الانقطاع عملاً بالقواعد العامة. وأيضاً د. الجمال وآخرون، 1998، ص782 وما بعدها).
ولقد اختلفت الآراء وتعددت في تحديد الوقت الذي يعتبر فيه حكم التحكيم قد صدر، وتشير غالبية هذه الآراء إلى حماية الحكم من دعوى البطلان، فمنهم من يرى أنه يكفي أن تتلاقى وجهات نظر المحكمين، وتتفق في صدد منطوق الحكم وأسبابه في خلال الميعاد المقرر للتحكيم، ولو كتب الحكم بالفعل ووقع عليه من المحكمين بعد الميعاد المتقدم، ومنهم من ذهب إلى أنه لا يوجب كتابة الحكم في الميعاد ، وإنما يكتفي بمجرد النطق به في الميعاد ، حتى لوتأجلت كتابته والتوقيع عليه إلى ما بعد الميعاد المضروب للتحكيم، ومنهم أخيراً من يرى أنه يلزم إيداع الحكم حتى يعتد بصدوره، فالعبرة إذن بتاريخ الإيداع د. أبو الوفا، 1987، ص276).
ونحن نرى مع الرأي الراجح د. أبو الوفا ، 1987، ص276) أن حكم التحكيم يكون منتجاً لآثاره القانونية منذ صدوره أي من التاريخ المذكور كتـاريخ إصدار الحكم التحكيمي، متى كان هذا الحكم مستوفياً لشروط صحته، لأن القول بذلك يحقق الحكمة من مشروعية التحكيم كوسيلة لفض المنازعات الدولية، للزوم حكم التحكيم لأطرافه منذ صدوره.
أما بالنسبة للتشريعات العربية فبالرغم من عدم النص صراحة على الوقت الذي ينتج فيه الحكم التحكيمي آثاره القانونية، إلا أنه يمكن القول بأن هذا الحكم يكون منتجاً لآثــاره منذ صدوره بشكل صحيح، وذلك قياساً على الأحكـام القضائية، هذا وتحدد المادة (1476) من القانون الفرنسي وقت ترتيب هذه الآثار نتائجها بتاريخ تبليغ الأطراف بحكيم التحكيم (د . الأحدب، الجزء الثاني، (دت)، ص448).