حكم التحكيم / إستنفاذ المحكم لولايته / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / إستنفاد الولاية الأصلية للمحكم وحدود ولايته التكميلية / أوجه اختلاف مبدأ استنفاد الولاية عن الحجية
هناك فارق أساسي بينهما يتمثل في أن الحجية تعني منع القضاء بكافة محاكمة من النظر في المسائل التي حسمها حكم سابق بحيث لا يجوز إعادة طرح هذه المسألة على القضاء مرة أخري في خصومة لاحقة سواء أمام نفس المحكمة التي أصدرته أو أية محكمة أخري.
أما استنفاد الولاية فإن أثره ينصرف فقط إلي المحكمة التي أصدرت الحكم فلا تستطيع كمبدأ أن تعاود النظر فيه بأي وجه، في حين أن ذلك لا يمنع باقي المحاكم من النظر في هذه المسألة والقضاء بطريقة مخالفة بشرط الالتزام بحجية الحكم السابق فيما قضي به في موضوع الحق الذي فصل فيه وهذا ما يعبر عنه بحجية الأمر المقضي تعمل خارج الخصومة التي صدر فيها الحكم، أما فكرة استنفاد الولاية تعمل داخل الخصومة التي صدر فيها الحكم فيقتصر أثره على هذه الخصومة وحدها.
وحجية الأمر المقضي لا تقيد القاضي والخصوم في الدعاوي المستقبلية، اذا كان مطعون عليه بالاستئناف، لأن حجية الأمر المقضي تقف بالاستئناف ، فالحجية هي الأثر الأساسي للحكم أو فاعليته القانونية ذاتها، أما الاستنفاد وهو ما يؤدي إليه من عدم المساس بالحكم، فهو وسيلة الدوام استمرار هذا الأثر. وأهم الاختلاف بينهما.
أولا: اختلاف في مجال التطبيق
ولفكرة الاستنفاد وجه مستقل فاذا طعن على الحكم الفاصل في موضوع الدعوي، وألغت محكمة الطعن الحكم المطعون عليه ففي هذه الحالة لا يثور شك في أن حجية الحكم قد زالت بإلغائه وبالرغم من ذلك لا يمكن إعادة الدعوي إلى المحكمة التي أصدرت الحكم السابق لتفصل فيه من جديد بالرغم من زوال الحجية، وذلك لاستنفاد المحكمة ولايتها.
اذا صدر تشريع جديد وجعل اختصاص دعوي قائمة من اختصاص محكمة أخري، تنتقل هذه الدعوي إلى هذه المحكمة المختصة ويزول ما صدر من أحكام موضوعية كانت أو إجرائية في المحكمة السابقة، ويعاد بحث المسألة التي فصل فيها رغم استنفاد ولاية القاضي بشأنها، أما الحجية فلا تتأثر بصدور قانون جديد فإذا صدر تشريع جديد فإنه لا يمس حجية الأمر المقضي التي ثبتت لقضاء سابق وتتحقق بها الحماية للحقوق أو المراكز القانونية، والتي لا تمس إلا بالطرق وفي المواعيد التي حددها القانون.
ثانيا: اختلاف في مفهومهما
بالإضافة إلي أن الحجية نسبية فالحجية لا تقيد المحكم والخصوم في الدعوي المستقبلية اذا كان مطعون عليه في حالة التحكيم علي درجتين؛ لأن حجية الأمر المقضي تقف عند الطعن، أما استنفاد سلطة القاضي فأثره مطلق داخل الخصومة.