حكم التحكيم / إستنفاذ المحكم لولايته / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / إستنفاد الولاية الأصلية للمحكم وحدود ولايته التكميلية / التمييز بين فكرة الحجية وفكرة استنفاد الولاية
فالاستنفاد يترتب على مجرد صدور الحكم القطعي الفاصل في مسألة من المسائل بغض النظر عما اذا كان هذا الحكم يحوز الحجية أم لا فقد يصدر الحكم التحكيمي ويستنفد سلطة المحكم رغم أنه لا يحوز حجية الأمر المقضي، كما لو كان الحكم صادر في مسألة مستعجلة.
والأثر المباشر لحكم المحكمين هو إنهاء النزاع، وفصل الخصومة تلك هي الغاية، فبصدور حكم التحكيم يستنفد المحكم سلطته في نظر النزاع الذي تم الفصل فيه بصفة قطعية وحيازة حكم التحكيم لحجية، الأمر المقضي. -
أولا: يستفرغ القاضي جهده في الخصومة بالحكم فيها
يقصد بالاستنفاد أن القاضي يستفرغ جهده في الخصومة بالحكم فيها، أي: أنه بمجرد صدور الحكم تستنفد المحكمة سلطتها القضائية بالنسبة لمسألة معينة، وإذا فصل الحكم في جميع الطلبات موضوع الدعوى استنفدت المحكمة ولايتها على الدعوى؛ إذ تنتهي الخصومة ويخرج النزاع من حوزة المحكمة؛ لعدم جواز تكرار الإجراءات أمام القاضي في خصوص المسألة الواحدة بغرض التوصل إلى الحكم فيها مرتين .
ثانيا:يقتصر الاستنفاد على المحكمة التي أصدرت الحكم
غير أنه إذا أصدرت المحكمة حكماً قطعياً فاصلاً في موضوع الدعوى فإن هذا الحكم يحوز حجية الأمر المقضي، ويمنع المحاكم الأخرى من أن تفصل فيما سبق أن فصل فيه حكم حائز للحجية، وهذا المنع لا يرجع إلى فكرة الاستنفاد و إنما إلى فكرة الحجية، فالحجية لا تلزم المحكمة التي أصدرت الحكم الحائز لها فحسب، بل تلزم كافة المحاكم الأخرى بعدم التعرض لما فصل فيه الحكم الحائز للحجية أيا كانت المحكمة التي أصدرته، ولا يجوز إعادة نظر الموضوع إلا عن طريق طرق الطعن المقررة قانوناً.
ثالثا: - الاستنفاد يترتب على جميع الأحكام القطعية
يتميز مبدأ استنفاد سلطة القاضي بأنه يترتب على جميع الأحكام القطعية سواء كانت إجرائية أم موضوعية، فكل حكم قطعي يحسم النزاع في موضوع الدعوى أو في شق منه أو في مسألة متفرعة عنه سواء تعلقت هذه المسألة بالقانون أو بالوقائع، وسواء كانت المسألة إجرائية أو موضوعية يستنفد ولاية المحكمة التي أصدرته ويخرج النزاع من حوزتها فلا يجوز لها أن تعيد النظر فيه للعدول عنه أو لتعديله بالإضافة أو الحذف.
فالأحكام الإجرائية مثل: حالة الحكم الصادر باختصاص المحكمة أو بعدم قبول الدعوى، أو ببطلان صحيفة الدعوى، أو بسقوط الخصومة، أو بجواز الإثبات بشهادة الشهود، أو ببطلان عمل خبير، أو الحكم الصادر في الادعاء بالتزوير بصحة الورقة أو تزويرها، والحكم بوقف الدعوى حتى يتم الفصل في مسألة أولية.
وهذه الأحكام الإجرائية القطعية تستنفد ولاية القاضي الذي أصدرها فلا يجوز له العدول عنها، إلا أن هذه الأحكام لا تحوز حجية الشيء المقضي؛ لأن هذه الحجية ترتبط بالأحكام القطعية الفاصلة في الموضوع.
أما الأحكام القطعية الإجرائية فإن أثرها ينحصر داخل الخصومة التي صدر فيها الحكم، وينعدم أثرها بالنسبة للخصومات المستقبلة، فهي لا تقيد المحكمة التي أصدرتها، فضلا عن أنها لا تقيد المحاكم الأخرى.
أوجه اتفاق مبدأ استنفاد الولاية من الحجية
فالهدف من الوظيفة القضائية هو تطبيق القانون والفصل في الخصومات ووضع حد لها بواسطة المحكم تفادية لصدور أحكام متعارضة في الخصومة أو المسألة الواحدة.