الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / إستنفاذ المحكم لولايته / الكتب / حكم التحكيم (دراسة مقارنه في القانون الكويتي والمصري) / استنفاد المحكم لسلطته بصدور الحكم

  • الاسم

    د. عبدالله عيسى علي الرمح
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الفتح للدراسات والنشر
  • عدد الصفحات

    532
  • رقم الصفحة

    256

التفاصيل طباعة نسخ

استنفاد المحكم لسلطته بصدور الحكم

الأصل أن تنتهي مهمة المحكم بإصداره الحكم المنهي للخصومة كلها في النزاع المعروض عليه، وتنتهي به ولايته، فلا يملك إصدار أي قرار أو الإستجابة لأي طلب بعد ذلك، ولكن قد يحدث أحيانا بعد صدور حكم التحكيم أن تمتد مهمة المحكم وذلك في حالة صدور حكم التحكيم وقد شابه خطأ ما أو قد صدر مشوبة بالغموض، الأمر الذي يستلزم تصحيح الحكم وتفسيره، علاوة على تكملته أو الإضافة له أو إعادة النظر فيه في حال صدر الحكم مغفة لبعض نقاط النزاع.

ووفقا للقواعد العامة لآثار الأحكام القضائية، متى نطق القاضي بالحكم فإنه لا يستطيع الرجوع أو العدول عما قضى به حتى لا تحدث حالة من التردد لا تنتهي وحتى يمكن حماية المراكز القانونية من قاض متردد أو خصم غير راض .

أولا: مفهوم فكرة الاستنفاد في العمل القضائي وتطبيقاتها على أحكام المحكمين: 

٢- الاستنفاد إصطلاحا:

المعنى الاصطلاحي للإستنفاد لا يخرج عن المعنى اللغوي له، فهو لا يخرج عن أن القاضي يستفرغ جهده في الخصومة بالحكم فيها، أي يستنفد سلطته في الحكم في مسألة معينة بالحكم فيها، بحيث لا يجوز له العودة ثانية إلى مباشرة سلطة إستنفدها للعدول عما قضى به، ولو تبين عدم عدالة أو عدم صحة ما قضي به..

ومثال ذلك: إذا إستنفذت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى فإذا رأت محكمة الإستئناف أن الحكم المستأنف باطل العيب شابه لا يمتد لصحيفة إفتتاح الدعوى التي انعقدت بها الخصومة صحيحة فإنه يتعين على محكمة الإستئناف ألا تقف عند حد تقرير هذا البطلان بل يجب عليها أن تمضي في الفصل في موضوع الدعوى بحكم الجديد تراعي فيه الإجراء الصحيح الواجب الإتباع، ولا يعد ذلك تفويتا الدرجة من درجات التقاضي.

تطييق الإستنفاد كأثر يترتب على صدور الحكم القضائي على حكم المحكمين: 

(أ)الأساس القانوني للإستنفاد في قانون المرافعات:

 لم يتضمن قانون المرافعات الكويتي نصا صريحا يقرر إستنفاد سلطة القاضي، أو المحكم بالنسبة للنزاع الذي نطق الحكم فيه كأثر من آثار العمل القضائي، كما جاءت القوانين المصرية على تعاقبها خالية من النص على قاعدة الإستنفاد، حتى في مجال التحكيم، وذلك خلافا لقانون المرافعات الفرنسي الذي أفرد نصا يقرر الإستنفاد هو نص (المادة 481 /1) ونصا آخر يستثني الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع من هذا الأثر متی كانت أحكاما غير قطعية وهو نص ( المادة 482) من قانون المرافعات.

(ب) قاعدة الإستنفاد أصل من الأصول العامة للتقاضي في القانون المصري والكويتي:

على الرغم من عدم النص الصريح على قاعدة الإستنفاد كثر للحكم القضائي بعد النطق به في قانون المرافعات الكويتي أو قانون المرافعات المصري، إلا أن ذلك الأثر يعد من المباديء المستقرة في القضاء المصري والكويتي

. ونرى بأن المشرع المصري والكويتي قد أعترفا صراحة بالإستثناءات التي ترد على الأصل وهو مبدأ الإستنفاد، هو إقرار ضمني بالإعتراف بالأصل ذاته.

  (ج) الإستنفاد كأثر من آثار حكم المحكمين على أحكام المحكمين:

لما كان المحكم تثبت له ولاية القضاء بين الخصوم في النزاع موضوع التحكيم، ويلتزم أمام الخصوم - متى قبل المهمة - بالفصل في النزاع بحكم حاسم له.

علاوة على أن سلطة المحكمين هي سلطة القضاء في المنازعة، وأن مهمتهم هي مهمة قضائية تتمثل في حسم النزاع بين الطرفين حسمة نهائيا بحكم ملزم للخصوم.

فلا يصح أن يتردد المحكم بشأن الحكم الصادر منه ويعيد النظر في النزاع. الذي حسمه مرة أخرى، لأنه في تردده إخلال بالعدالة، ولذلك لا يجوز له تعديل أي عبارة في الحكم، فالإستنفاد إذن لا يعمل إلا داخل الخصومة التي صدر فيها الحكم، فلا عمل له خارجها، وذلك عكس حجية الأمر المقضي والتي لا يعمل بها إلا خارج الخصومة التي صدر فيها الحكم الحائز على الحجية، أي بالنسبة للخصومة المستقبلة.

ولئن كانت حجية الأمر المقضي. وفقا لما تناولناه في المطلب السابق. أثرا موضوعيا يترتب على الأحكام الموضوعية، وهي الأحكام القضائية الفاصلة في موضوع الدعوى القضائية والتي تحسمه كله، أو في شق منه.

 

الأحكام التي تستنفد ولاية المحكم:

1- الأحكام الموضوعية القطعية الفاصلة في موضوع الدعوى

وعلى ذلك، يعد استنفاد الولاية الأثر الإجرائي الذي يسري على كافة الأحكام القطعية التي يصدرها المحكم سواء كانت فاصلة في مسألة موضوعية، أو في مسألة إجرائية داخل الخصومة.

وينبني على ذلك أن استنفاد ولاية المحكم لا تنطبق على القرارات الولائية، أو إذا كان حكم التحكيم متضمنا عناصر قطعية وعناصر ولائية فإن المحكم لا يستنفد سلطته إلا بالنسبة للعناصر القطعية. 

2- الأحكام القطعية الفاصلة في مسألة إجرائية:

قلنا بأن الأثر المتمثل في استنفاد ولاية المحكم لا يكون إلا بالنسبة للأحكام التي يصدرها ولها أثر قطعي أي حسمت موضوع النزاع.

ولما كان الحكم المحكم حجية الشيء المقضي التي تمنع من المساس به من قبل المحكم أو الخصوم، فما يكون هناك من سبيل للمساس بها سوى الطعن في الحكم عن طريق رفع دعوى ببطلان الحكم التحكيمي.

ووفقا للقواعد العامة يقصد بالدفاع الموضوعي الوسيلة التي يسعى بها المدعى عليه إلى رفض طلب خصمه لأنه غير مؤسس قانونا، إما لأن الحق الذي يزعم خصمه وجوده غير موجود، وإما لأنه كان موجودا وانقضى لأي سبب، وهذا الدفاع الموضوعي لا يثير أي صعوبة في تحديد مدلوله ولكن الخلط بينه وبين غيره يأتي من أن كل الوسائل التي يستعملها المدعى عليه المقاومة إدعاءات المدعي (كالدفوع الإجرائية والدفع بعدم القبول) هي وسائل الدفاع بالمعنى الواسع، غير أن هذا الخلط لا يلبث أن يزول إذ إقترن هذا الدفاع بعبارة " في الموضوع " فيتميز بذلك عن الدفوع الإجرائية.

أما الدفع بعدم الاختصاص فهو نوع من الدفوع الإجرائية وهي نوع خاص من وسائل الدفاع لا يهاجم بها المدعى عليه موضوع الحق الذي يزعمه المدعي، ولكنه يستهدف من الدفوع الإجرائية تأجيل مناقشة الموضوع حتى يمكنه تنظيم دفاعه، فهو يوجه ضد الإجراءات، فقد يزعم المتقاضي عدم اختصاص المحكمة ولائية أو نوعيا بنظر موضوع الدعوى.

أما الدفع بعدم القبول إلى الحق في الدعوى للحصول على حكم في الموضوع، كوسيلة قانونية يتمسك بواسطتها خصم بعدم توافر شرط من شروط الدعوى أو عدم توافر شرط من شروط الطعن في الحكم، ويحتل الدفع بعدم القبول - وفقا للرأي الغالب فقها - مكانا وسطا بين الدفوع.

توثيق هذا الكاتب

وفي اعتقادنا أن استنفاد الولاية لا تمنع المحكم من سلطته في تفسير الحكم الصادر منه أو تصحيح ما قد يقع فيه من أخطاء مادية أو تكملة حكمه أو قراره في حالة إغفاله الفصل في بعض الطلبات، ومن ثم لا يعد الخلاف الفقهي في مدى اعتبار سلطة المحكم في التفسير والتصحيح إستثناء من قاعدة استنفاد ولايته ذا أثر فعال.

وفي حال نظرنا إلى الطابع الإتفاقي لنظام التحكيم لوجدنا أنه لا يوجد ما يمنع الخصوم من الإتفاق على العودة إلى المحكم للفصل فيه بالتفسير أو التصحيح أو الفصل فيما أغفل الفصل فيه من طلبات، حتى ولو بعد إنتهاء المهلة المحددة لإصدار الحكم.