بداية نجد أن مهمـة المحكمـين تنتهـى طبيعيـاً بإصـدار حكـم فاصل في موضوع الخصومة ونجد أن هـذا الحكـم يـرتـب نـوعين مـن الآثار الناتجة عنها سواء كانت موضوعية أو إجرائيـة وهمـا فـي جميـع الأحوال يرتب كل منهما للحكم حجية قضائية.
وإذا كان حكماً منشئاً يرتـب حجيـة الأمـر المقـضي " م55 من قانون التحكيم"، "واستنفاد ولايـة هيئـة التحكيم " فيكـون لـه أثـر فوري. كما يترتب على حكـم التحكـيـم إذا كـان إلزاميـا حجيـة الأمـر المقضي " م55 من قانون التحكيم "، "واستنفاد ولايـة الهيئـة " وتغييـر مدة التقادم من قصيرة إلـى طويلـة " م٢/٣٨٥ مـدني " وإلـى أعط صاحبه حق اختصاص علـى عقـارات المحكوم عليـه م1085 مدني علاوة على أن الحكم الإلزامي يصلح سـندا تنفيذياً متي حصل على الأمر بتنفيذه خصوصاً وأن حكم التحكيــم يـحـوز قوة الأمـر المقـضي بمجرد صدوره " م ٥٢، 55 من قانون التحكيم
كما يتمتع الحكم بقوة ثبوتية حيـث يعتبـر بمثابـة ورقـة رسـمية لايجوز دحضها الإ بالطعن بالتزوير، حيث إن المحكـم يـعـد شخصاً مكلفاً بخدمة عامة وهي تحقيـق العدالـة بـيـن الأفـراد وإسناد الحقـوق لأصحابها. كما يترتب على الحكم آثـار إجرائيـة منها استنفاد ولايـة المحكم ومصروفات الخصومة وعـدم مراجعـة الحكـم بطريـق الطعـن ومراجعة المحكم بطريق دعوى البطلان.
ويشترط لتمتع حكم المحكمين بالحجيـة أن يكـون الحكـم قطعيـاً وأن يكون صادراً فـي الموضوع وفـى حـدود الاختصاص الوظيفي للمحكمة التي أصدرته فإذا أخرج على هذه الولايـة فـلا يتمتـع بالحجيـة أمام المحاكم الأخرى وعليه فحكم التحكـيـم لا تثبـت لـه الحجيـة إذا مـا خرج عن حدود ولاية المحكـم ومتـى صـدر حكـم المحكمـين فإنـه لا يكون حجة على الخصوم وحدهم بل إنه حجة أيضاً علـى خلفهـم العـام كالورثة وعلى الخلف الخاص، ويجب ملاحظـة أنـه رغـم تعلـق حجيـة حكم التحكيم بالنظام العام – فإنه يجوز للطرفين الاتفـاق علـى الالتجـاء إلى القضاء أو إلى التحكيم مرة أخـري بالنسبة لمـا قـضى فيـه حـكـم التحكيم السابق فإن تم هذا الاتفاق كان اتفاقـا صـحيحاً، ولا يحـول دونـه سبق صدور حكم تحكيم يحوز الحجية بالنسبة لـنفس النـزاع، وذلـك أن منع أحد أطراف حكم صادر من قضاء الدولـة مـن رفـع الـدعـوى مـرة أخرى أمام المحكمة أساسه هو أن الدولـة (تـنظم القـضاء وتعطـي لـكـل شخص إمكانية الالتجاء إليه ولكن لا تكـون لـه هـذه الإمكانيـة إلا مـرة واحدة بالنسبة لنفس الدعوى ولا يمكن القول بقيام القـضاء بالفـصـل فـي الدعوى أكثر من مرة إذا ارتأى الخـصـوم هـذا لمـا فيـه مـن تعطيـل لمرفق القضاء) وهذا الاعتبار لا يقـوم بالنسبة لهيئـات التحكيم هيئات خاصة وليست من مرفق القضاء الذي تنظمه الدولة.
فتكـرار الالتجـاء لهيئـات التحكيم بمحـض إرادة الأطـراف لا يتوفر بشأنه هذا الاعتبار، كما أن انصرافهم عمـا حـكـم بـه المحكمـون والذهاب إلى القضاء لأول مرة لا يمثل تكـرار لـشغل مرفـق القـضاء وإذا كان قانون المرافعات ينص علـى أن "النـزول عـن حـكـم المحكمـة يستتبع النزول عن الحق الثابت به" مادة 145، فليس لهذا النص مقابـل في قانون التحكيم ولهذا فإن لمن صـدر لـصالحه حكـم فعليه أن ينـزل عنه، ولا يترتب على النزول عنه النزول عن الحق الثابــت بـه، ولهـذا يمكن له بعد هذا النزول المطالبة به أمام محكمـة الدولـة أو الاتفـاق مـع خصمه على التحكيم بشأنه.
وكما هو الحال بالنسبة لأحكام القضاء، لا يحـوز حكـم التحكيــم حجية الأمر المقضي إلا إذا اتحـد الموضـوع والسبب والخـصـوم فـي الدعوى التي سبق الفصل فيها وفـي الـدعوى المطروحـة. فـإذا تخلـف أحد هذه العناصر فلا حجية للحكم السابق ولا يجـوز الـدفـع فـي الـدعوى الجديدة بسبق الفصل في الدعوى.
رأيي الخاص: إن الاتجاه الأخير غيـر صـحيح لأنـه يخلـط بين حجية الحكم والطعن فيه فحكم المحكم يكتسب الحجيـة وتلتصق بهـا بمجرد صدوره شأنه شأن أحكام القضاء ولو كـان قـابلا للطعـن وتبقـى هذه الحجية وتستقر ببقاء الحكم وتزول بزواله وليس ثمـة مـا يمنـع مـن يكتسب الحكم الحجية وهـذا يـتم بقـوة القـانون وبمجـرد صـدوره ويكون قابلا للطعن أو يطعن فيـه بالفعـل بقصد المنازعـة فـي صـحة الإجراءات أو حسن قضاء المحكمة أو المحكم .