الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / نطاق حجية الحكم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حجية الحكيم التحكيمي في النظام السعودي / نطاق حجية الحكم التحكيمي من حيث الأحكام

  • الاسم

    عبدالرحمن بن عبدالعزيز الوسيدي
  • تاريخ النشر

    2013-01-01
  • عدد الصفحات

    137
  • رقم الصفحة

    89

التفاصيل طباعة نسخ

أستقر الفقه و القضاء على أن حجية الأمر المقضي به لا تثبت إلا للعمل القضائي الصادر من جهة قضائية لها ولاية إصدار الحكم بموجب سلطتها القضائية ، ويترتب على ذلك النتائج التالية:

النتيجة الأولى: أنه لا حجية للأعمال غير القضائية، كالعمل الإداري، والعمل التشريعي

ونحوها.

النتيجة الثانية: أنه يشترط للعمل القضائي ليكتسب حجية الأمر المقضي به ثلاثة شروط .

الشرط الأول: أن يكون صادرا من جهة قضائية.

الشرط الثاني: أن يكون صادرا في حدود الولاية القضائية.

الشرط الثالث: أن يكون صادرا بموجب السلطة القضائية.

وبتطبيق هذه الشروط على العمل التحكيمي، نجد أن هذه الشروط متوفرة فيه، رغم كونه مبني على إرادة الأطراف، فالهيئة التحكيمية في جهة قضاء استثائي اقرها المنظم، وأكسب حكمها حجية الأمر المقضي به، ووجوب النفاذ.

كما أن هذه الهيئة عندما تقوم بعملها تتقيد بحدود ولايتها على موضوع النزاع الذي اتفق الأطراف على إخضاعه للتحكيم، وإلا تعرض حكمها للإبطال من المحكمة المختصة.

ورغم اتفاق الفقه والقضاء على هذه القاعدة المستقرة، إلا أنهم اختلفوا في نطاق حجية الأمر المقضي به من حيث الأحكام التي تصدر عن القاضي والمحكم، على ثلاثة آراء نوجزها فيما يلي:

الرأي الأول: يذهب إلى أن نطاق حجرية الأمر المقضي به يمتد لكل الأحكام القطعية في عمومها، سواء كانت موضوعية أو إجرائية، وبهذا الرأي يقول غالبية الفقه الفرنسي والمصري، فضابط ما يدخل من الأحكام في حجية الأمر المقضي به؛ هو اتصاف الحكم بالقطعية، فالحكم الذي يفصل في الموضوع أوفي جزء منه أو في دفع من الدفوع الموضوعية أو الإجرائية يحوز هذه الحجية، ما دام مكتسبا لصفة القطعية، وما سوى الأحكام القطعية فإنه لا يحوز حجية الأمر المقضي به ، إلا أن هذا الرأي لم يسلم من النقد، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن الأحكام القطعية الموضوعية هي التي تحسم النزاع في أصل الحقوق المراكز القانونية المتنازع حولها، وبالتالي تحول دون رفع دعوى جديدة للفصل في موضوع الدعوى لسابقة الفصل فيها، كما أن هذا الرأي يفرض على القضاة الآخرين احترام الحكم الصادر وإعمال مقتضاه والفصل على أساسه في أية دعوى جديدة يثار فيها ما قضى به كمسالة أولية، ومؤدى ذلك أن لهذه الأحكام - بالفعل- حجية الأمر المقضي به بدوريها السلبي والإيجابي .

الوجه الثاني: أن الأحكام القطعية الإجرائية لا تحسم النزاع في أصل الحق، ولا تحول دون رفع دعوى جديدة بعد زوال المانع الإجرائي الذي حال دون اتصال المحكمة أو الهيئة التحكيمية بهذا الموضوع، فعلى سبيل المثال الحكم القدمي الإجرائي الصادر ببطلان صحيفة الدعوى لا يحول دون رفع دعوى جديدة على ذات الموضوع محلا وسببا ومن ذات الأشخاص بإجراءات أخرى صحيحة، وكذلك الحكم الصادر بعدم الاختصاص لا يمنع من رفع ذات الدعوى أمام المحكمة المختصة بمحلها وأسبابها ومن ذات الشخص الذي سبق أن رفعها .

وعند أصحاب هذا الرأي يخرج من نطاق حجية الحكم مجموعة الأحكام الوقتية والمستعجلة لعدم فصلها في الحقوق والمراكز الموضوعية المتنازع حولها، فغايتها حماية وقائية إلى أن يتم حماية تلك الحقوق والمراكز موضوعا، كما يخرج الأعمال الولائية لكونها لا تزيل تجهيلا يلابس الحقوق والمراكز القانونية، ولا تتضمن تأكيدا لحق أو مركز قانوني، ويؤيد هذا الرأي فيما ذهب إليه بعدد من الأسانيد وهي:

أولا: أن الأحكام القطعية الموضوعية هي التي لها الفاعلية الخارجية المتعلقة بالحقوق والمراكز القانونية الموضوعية، والتي يمكن التمسك بها في المستقبل، فتحول دون رفع دعوى جديدة بإجراءات مبتدأة للفصل فيما تم الفصل فيه، وهذا هو ما يعبر عنه بالدور السلبي لحجية الأمر المقضي به.

ونؤيد هذا الرأي، لأنه يتفق مع غايات مبدأ حجية الأمر المقضي به  كعدم تناقض - الأحكام، واستقرار الحقوق والمراكز الموضوعية، وعدم الإخلال بهيبة القضاء، وتحقيق الغايات من اللجوء للتحكيم التي قصدها وراعاها المنظم السعودي، خصوصا وأن الأحكام القطعية الأخرى، كالحكم ببطلان صحيفة الدعوى، أو الحكم بعدم الاختصاص ونحوها، قد وضع لها المنظم سبيلا آخر لحمايتها يتناسب مع طبيعتها ومضامينها وغاياتها، وهو نظام استنفاد المحكمة أو الهيئة التحكيمية لولايتها .