يقتصر نطاق حجية الحكم التحكيمي على الموضوع أو المسألة المحكوم فيها دون غيرها من المسائل؛ وهي التي طرحت على التحكيم، والتي كانت محل منازعة بين الطرفين، ومحل بحث من جانب الهيئة التحكيمية، فهذه المسألة وحدها هي التي تحوز الحجية، دون تلك التي عرضت على الهيئة التحكيمية، ولم تكن محل منازعة بين الخصوم، أو كانت محل منازعة بين الخصوم، ولكنها لم تكن محل بحث من جانب الهيئة التحكيمية، وأغفلت نطاق حجية الحكم التحكيمي من حيث الموضوع الفصل فيها .
وقد رأی جانب من الفقه دمج الشرطين الموضوعيين، وهما شرط وحدة السبب وشرط وحدة المحل لتحديد المسألة المحكوم فيها من الناحية العملية لسببين .
الأول: صعوبة التمييز بين سبب الدعوى ومحل الدعوى.
الثاني: اختلاف المعايير في تحديد سبب الدعوى ومحل الدعوى.
في حين ذهب جانب آخر من الفقه إلى وضع القواعد في سبيل تحديد نطاق حجية الأمر المقضي به للحكم من حيث الموضوع، ومن أهم تلك القواعد ما يلي:
القاعدة الأولى: العبرة بما فصل فيه الحكم من الطلبات الموضوعية التي قدمت في الدعوى، فما أغفله القاضي أو المحكم من الطلبات، أو احتفظ الخصم به، ولم يفصل فيه، فلا وجه للتمسك بحجية الأمر المقضي به بخصوصه ، ويشترط بعض الفقه لإعمال هذه القاعدة في حال إغفال المحكم أو القاضي للفصل في طلب الخصم شرطين .
الشرط الأول: أن يكون الإغفال كليا.
الشرط الثاني: أن يكون الطلب موضوعيا.
- لا تتحقق الحجية من حيث الموضوع، إذا تكشف للقاضي أن القضاء في الدعوى الجديدة لا يعدو أن يكون ما سبق الحكم فيه أو مناقضا له ، وقد سبق أن ذلك مما تغلب عليه الطبيعة النظرية، ويصعب تطبيقه من الناحية العملية عند تصدي القاضي للفصل بجواز قبول الدعوى أو عدم قبولها.
- إذا بنى الخصم طلبه القضائي على سببين، تختار المحكمة أحدهما، فإن العبرة بحقيقة الشيء المقضي به، فالمدعي الذي يتمسك بملكيته للعين على أساس عقد، أو على أساس تملكه لها بالتقادم الطويل، فقد تقضي المحكمة له بالملكية على أساس سبب واحد وترفض الآخر، أو تقضي له على اساس سبب واحد دون ان ترفض الآخر، لا صراحة ولا ضمنا، أو تقضي عليه برفض الدعوى بعد مناقشة السببين، فعند ذلك يحوز الحكم حجية الأمر المقضي به في نطاق ما فصل فيه من الأسباب .