الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / نطاق حجية الحكم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد19 / حكم هو بمثابة بحث علمي كبير ومتشعب في فروع كثيرة في القانون الموضوعي الاجرائي هو مرجع للعاملين في الدراسات القانونية والتحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد19
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    625

التفاصيل طباعة نسخ

المـوضــوع: 1 .صدر هذا الحكم لفض الخلاف بين الشركة المحتكمة والجهات المحت كم ضدها حـول عقـد إيجار قطعة أرض من الجهات المحتكمة لبناء مشروع سياحي كبير عليها في مدينة طرابلس الليبية، إذ استأجرت الشركة المحتكمة في8/6/2006 قطعة أرض مساحتها (24000 (متر مربع لإقامة فندق وشقق فندقية ومرافق ترفيهية سياحية أخرى لمدة(90 (سنة. وارتبط عقد الإيجار هذا بقرارات وتراخيص إدارية لازمة لتنفيذه، إذ يقتضي تنفيذ العقد صدور موافقات وتراخيص من جهات حكومية ليبية مختصة، وبذلك فهو عقد مركـب أو عقـد(T.O.B( وليس مجرد عقد إيجار عادي. 2 .ولم تستطع الشركة المحتكمة تنفيذ التزاماتها لعدم تسليمها الأرض خالية من حقوق ال غيـر ، فضلاً عن تعرض الغير لها في استغلال هذه الأرض . وانتهى المطاف بالمحتكم ضدهم بنقل ملكية الأرض أو حق الانتفاع بها إلى آخرين قبل إنهاء العقد مع الشركة المحتكمـة . ولمـا كان العقد يتضمن شرط إحالة ما قد يثور من خلاف بين الطرفين إلى التحكيم فقد تمت إحالة الخلاف إلى هيئة التحكيم التي أصدرت حكمها محل هذا التعليق. 3 .وتبرز أهمية الحكم في المسائل القانونية الكثيرة والمتشعبة التي عرضت على هيئة التحكـيم من طرفي النزاع وطلب منها الفصل فيها، وفي مقدار التعويض الكبير الذي طلـب منهـا  القضاء به، فضلاً عن الأدلة المقدمة من المحتكمة لإثبات هذا الضرر. وهذه المسائل ستكون محل هذا التعقيب ونوجز إيرادها، كما وردت في الحكم على النحو الآتي: أولاً- اختصاص هيئة التحكيم ونطاق هذا الاختصاص: (1 (دفعت الجهات المحتكم ضدها بأن دعوىالتحكيم رفعت قبل الأوان، إذ أن المادة(29 (مـن العقد المبرم بين الطرفين توجب تسوية الخلاف بالطرق الودية قبل اللجوء إلـى التحكـيم . وقامت الهيئة بالرد على هذا الدفع على ضوء الثابت في المستندات المقدمة من الطـرفين، والتي تثبت مضي عدة شهور على المحاولات بين الطرفين لتسوية الخلاف قبل اللجوء إلى التحكيم، وبذلك تكون دعوى التحكيم مقبولة. (2 (اتفاق التحكيم يلزم أطرافه ولا يمتد إلى غيرهم: من المتفق عليه بين الطرفين أنهما اتفقا على إحالة الخلاف إلى التحكـيم، ولـذلك تمـسك المحتكم ضدهم بأن شرط التحكيم يلزم أطرافه الذين وقعوا العقد محل النـزاع، ولا يجـوز إدخال أشخاص آخرين في الدعوى، كالدولة اللي بية وبعض الوزارات والهيئات الحكوميـة، لأنها لم تكن طرفاً في العقد، وبذلك فلا يجوز أن تكون طرفاً في الدعوى استناداً إلى مبـدأ نسبية آثار العقد. ولكن هيئة التحكيم استندت إلى رأي قضائي وفقهي ينادي بامتداد الاختـصاص فـي هـذه الحالة إلى جهات حكومية أخرى، إذا كانتتدخلت في إبرام العقد أو في تنفيذه، كالجهـات الحكومية التي قبلت هيئة التحكيم إدخالها خصماً في الدعوى، بحجة أنها تدخلت في إبـرام العقد أو في تنفيذه. وهذا الرأي قد لا يقبل في كل من مصر ولبنان والكويت أو غيرها حتى لو قبل في ليبيا، لأن الجهات الحكومية الأخرى قد تتدخل في إبرام العقد أو تنفيذه ليس تعدياً أو تعسفاً، وإنما ممارسة لدورها القانوني أو الرقابي المقرر دستوراً أو قانوناً . فعلى سبيل المثـال، قامـت شركة صناعة البتروكيماويات في الكويت بالتعاقد مع شركة داوكيميكال الأمريكيـة علـى شراء مصانع بتروكيماويات. وتضمن العقد شرطاً جزائياً على من يرجع عن تنفيذ العقـد . واعترض مجلس الأمة الكويتي ووافق مجلس الوزراء على اعتراضه ولم يتم تنفيذ العقـد . وصدر حكم تحكيم خارجي لصالح الشركة الأمريكية على الشركة الكويتيـة وحـدها دون حكومة دولة الكويت أو مجلس الأمة رغم تدخلهما الدستوري والقا نوني في منع تنفيذ العقد. وكان حكم التحكيم قاسياً جداً، إذ قضى بحوالي مليارين ومائتي مليون د ،ك. بالإضافة إلى الفوائد والمصاريف ضد الشركة الكويتية. ولم تدفع الشركة الأمريكيـة بمـس ؤولية الدولـة الكويتية عن عدم إبرام العقد، وإنما اكتفت بمس ؤولية الشركة المحتكم ضدها والتي يبلغ رأس مالها حوالي مائة مليون (100 مليون) .د ك، فضلاً عن أنها شركة تابعة لمؤسسة البتـرول الكويتية والتي هي بمثابة الشركة القابضة للشركة الكويتية. ويضاف إلى ما تقدم أن قاعدة الامتداد في الاختصاص وفي المس ؤولية إلى جهات أخـرى غير طرفي العقد، ففضلاً عن أنها تتعارض مع قاعدة نسبية آثار العقد ، فإنها فـي حقيقـة الأمر تخالف قواعد قانونية أخرى، كقاعدة الصفة والمصلحة، وقاعدة الامتداد هذه ليس لها سند تشريعي في القانون الليبي ولم يقل بها أحد في قوانين ونظم الأقطار العربية الأخرى. وإذا كانت هيئة التحكيم استندت في قضائها متقدم الذكر إلى قضاء واجتهاد المحكمة العليـا في ليبيا الذي يستفاد منه صراحة أو ضمناً أن بعض الجهات الحكومية لا تكـون مـس ؤولة قانوناً عن تعويض المضرور، وإنما هي ضامنة لحصوله على التعويض المحكوم بـه، لأن جميع أجهزة الدولة تخضع لرقابة الدولة و إشرافها، وهو رأي محـل نظـر مـن الناحيـة القانونية، ولكنه مطلوب عدالة لضمان حصول الم تضرر الفرد على التعويض الذي يقـضي به القضاء لصالحه، لكي لا يحرم من الحصول على هذا التعويض بحجة وجـود شخـصية قانونية وذمة مالية مستقلة لكل هيئة أو مؤسسة عامة عن الأخرى . ويعـزز الـرأي الـذي أخذت به هيئة التحكيم بعض الفقه الليبي في مؤلفاته القانونية. ولا شك أن هذا الرأي جريء، ولكنه يخالف القواعد الكلية الثابتة في معظم الأقطار العربية وفي مقدمها مصر ولبنان والكويت، إذ أن قوانين هذه الدول تتبنى بقـوة مبـدأ المـس ؤولية الفردية حتى بالنسبة لمسؤو يل ة الأشخاص الاعتبارية العامة، كالمؤسسات والهيئات العامـة ، فضلاً عن الدولة ووزاراتها وإداراتها، إذ لكل منها رأس مالها وذمتها المالية المستقلة عـن الجهات الأخرى، وبذلك فإن كلاً منها مسؤولة عن ديونها والتزاماتها فقط ولا يجوز الخلـط بين أحكام المسؤولية المقررة في القانون بنصوص تشريعية صريحة والأحكـام الإداريـة التنظيمية المتعلقة بالرقابة والإشراف على كافة أجهزة الدولة. ويضاف إلى كل ما تقدم أن قاعدة الامتداد من شأن الأخذ بها إلغاء قاعدة استقلال الشخصية القانونية والذمة المالية للأشخاص الاعتبارية، ومن الممكن تطبيق هذا ا لحكم على الأشخاص الطبيعيين، لإدخالهم خصوماً في دعاوى دون أن تكون لهم صفة أو تكون للمدعي(المحتكم) مصلحة في إدخالهم. وبذلك تختلط الأمور وتضيع الحقوق. ثانياً- بيان طبيعة عقد الإيجار المبرم بين طرفي النزاع: إزاء الخلاف الشديد بين طرفي الدعوى اضطرت هيئة التح كيم لبيان طبيعة هذا العقـد، إذ ذهبت المحتكمة إلى أنه عقد إيجار استثماري يخضع لأحكام القانون الخـاص وتخـتص هيئـة التحكيم بالفصل فيه. في حين ذهبت الجهات المحتكم ضدها إلى أنه عقـد إداري يخـرج عـن اختصاص هيئة التحكيم ويدخل حصراً في الاختصاص النوعي للقضاء الإداري. وبعد عرض الآراء الفقهية المختلفة انتهت هيئة التحكيم إلى أنه عقـد(T.O.B (يخـضع لاختصاص هيئة التحكيم ومن سلطتها الفصل في الخلاف حول هذا العقد. وفي حقيقة الأمر فإن عقد الإيجار سواء كان عادياً أو استثمارياً فهو عقد يخـضع لأحكـام القانون الخاص، ومن ثم تختص هيئة التحكيم بالفصل فيما يثور بشأنه من خلاف بين أطرافـه . ولكن المشكلة في القرارات الإدارية التي أصدرتها الجهات الحكومية الليبية المختصة، كـالقرار الصادر من مجلس الوزراء الليبي بإلغاء العقد أو فسخه، فإن التكييف الصحيح لهذا القرار في - تقديرنا – أنه قرار إداري ولا يجوز النيل منه إلاّ بطلب إلغائه وإلغاء ما ترتب عليه مـن آثـار، وهي الإبقاء على عقد الإيجار. وهذا الإلغاء تملك إصداره الدائرة الإدارية بالمحكمة الكليـة دون هيئة التحكيم، ما لم يكن للقضاء والفقه الليبي رأي آخر. ثالثاً- الأساس القانوني لمسؤولية المحتكم ضدهم: إن الثابت من حيثيات الحكم وأسبابه أنه طبق أحكام المسؤولية العقدية وأحكـام المـسؤولية القانونية (التقصيرية) معاً على المحتكم ضدهم رغم أنه لا يجوز قانوناً الجمع بين المـس ؤوليتين، وذلك بسبب تطبيق الحكم لقاعدة امتداد نطاق شرط التحكيم على أشخاص غير طرف فـي عقـد الإيجار، كالدولة الليبية ووزارة المالية، إذ يفترض أن تطبق أحكام المس ؤولية العقدية المقررة في القانون. أما من ليس طرفاً في العقد، ولكنه تدخل في إبرامه أو في تنفيذه تنفيذاً لواجب وظيفـي  يفرضه عليه الدستور أو القانون، فإنه إذا ارتكب خطأ في أداء هذا الواجب كمخالف ة القـانون أو التعسف في استعمال السلطة المتاحة له، فإن مسؤوليته تكون مسؤولية تقصيرية (قانونيـة). ولا يجوز القول أنه أخلّ بالتزام عقدي، لأنه لم يكن طرفاً في ذلك العقد، ومن ثم يسري بشأنه مبـدأ نسبية آثار العقد. ومن الثابت في الحكم محل التعليق أنه جمع بين أحكامالمسؤوليتين فـي حـق جميع المحتكم ضدهم، في حين أن المقرر أن هيئة التحكيم تستمد سلطتها من إرادة المتعاقدين في عقد الإيجار، الذين أوكلوا إليها الفصل في الخلاف الذي قد يثور بينهمحـول تفـسير العقـد أو تنفيذه. وبذلك فلا سلطة للهيئة في تطبيق أحكام القانون (المـس ؤولية التقـصيرية)، لأن مخالفـة القانون خارج نطاق تفسير العقد أو تنفيذه . فعلى سبيل المثال لا يجوز للهيئة البحث فـي مـدى مشروعية قرار مجلس الوزراء الليبي لسنة(2009 (الصادر بإلغاء تخصيص الأرض المـؤجرة للمحتكمة، لأن هذا القرار لا شأن له بتفسير العقد أو تنفيذه، وإنما هـوشـأن قـانوني وإداري مصدره الدستور والقانون وليس مصدره العقد محل النزاع، ولذلك لا يجوز لهيئـة التحكـيم أن تصدر حكماً عن مخالفة مجلس الوزراء للدستور أو القانون، إذ أن الاختصاص في هذا الـشأن ينعقد للقضاء الإداري وباقي محاكم الدولة دون هيئة التحكيم التي يقتصر اختصا صها في الحدود الضيقة الواردة في العقد، والذي حدد اختصاصها في الفصل في الخلاف بين المتعاقـدين حـول تفسير العقد وتنفيذه فقط، دون البحث في مخالفة أحكام القانون والتي يكون الاختصاص في بحثها لقضاء الدولة وحده. ويضاف إلى هذا كله أن الجهة الإدارية المتعاقدة مع ال شركة المحتكمة ليست لها سلطة على مجلس الوزراء أو ما يصدره من قرارات، لأنه هو المهيمن على السياسة العامة للدولة وهو أعلى سلطة إدارية بعد رئيس الدولة. رابعاً- القضاء بتحقق مسؤولية المحتكم ضدهم والقضاء بالتعويض للمحتكمة: انتهت هيئة التحكيم إلى أنها مختصة بال قضاء بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالـشركة المحتكمة، نتيجة للقرارات الوزارية الصادرة عن وزير الاقتصاد أو غيره من المـس ؤولين فـي الدولة الليبية. كما قررت تفعيل شرط التحكيم بامتداده إلى الدولـة الليبيـة ووزارة الاقتـصاد، للأسباب الواردة في حكمها، ومن ضمنها تطبيقنظرية امتداد شرط التحكيم إلى مـن لـم يكـن طرفاً في العقد المتضمن لشرط التحكيم. واستندت الهيئة في قضائها إلى أحكام المس ؤولية العقدية وأحكام المسؤولية القانونية (التقصيرية). وقضت الهيئة بأنه قد ثبت لها تحقق المس ؤولية العقدية للمحتكم ضدهم لعدم تسليمهم قطعـة الأرض المؤجرة خالية من الشواغل والموانع والمعوقات . وبأنها هـي المختـصة فـي تقـدير التعويض عن الأضرار التي لحقت بالمحتكمة. كما قضت بتحقق المسؤولية القانونيـة لمخالفـة المحتكم ضدهم لأحكام المادة (148 (من القانون المدني وغيرها، ولأن قـرار وزيـر الاقتـصاد بإلغاء قرار وزير السياحة قرار تعسفي مخالف للقانون. وفي مجـال تقديـر التعويض فقد قضت الهيئة بتعويضات عن الأضرار المادية والأدبيـة بما يلي: أ. مبلغ (6292350 (ديناراً ليبياً ويعادل (5000000 (دولار أمريكي عن ضرر مـادي مباشرة يتمثل في خسائر ومصروفات مكتب الشركة المحتكمة في طرابلس ، وذلك عن أربع سنوات. . ب مبلغ (30000000 (دولار أمريكي عن الأضرار الأدبية المتمثلة بالإساءة إلى سـمعة المحتكمة في سوق المال والأعمال والمقاولات في الكويت والعالم. ج. مبلغ (900000000 (دولار أمريكي عن ضرر الكسب الفائت الناجم عـن الفـرص الضائعة المحققة لمدة (83 (سنة. إذ تحقق هذا الضرر بسبب إصدار وزير الاقتصاد القرار رقم(203/2010 (بإلغـاء قرار وزير السياحة رقم (135/2006 (الذي أعطى ترخيصاً باستئجار قطعة الأرض لإقامة المشروع السياحي محل عقد الإيجار. د. فائدة بنسبة (4 (% عن المبلغ المحكوم به. وتسري الفائدة من تاريخ صدور الحكـم، لأن الدين مدني بالنسبة للمحتكم ضدهم، وذلك حتى تمام السداد. هـ . مبلغ (1940000 (دولار أمريكي عن كافة رسوم ومصاريف التحكيم. وبذلك يكون إجمالي المبلغ المحكوم به لصالح المحتكمة ضد المحتكم ضدهم مقداره تسعمائة وستة وثلاثون مليوناً وتسعمائة وأربعون ألف (936940000 (دولار أمريكي. وتضاف إليه فائدة بنسبة (4 (%تسري من تاريخ صدور حكم التحكيم وحتى تمام السداد. واستندت الهيئة في قضائها إلى متوسط تقارير أربعة خبراء معروفين بخبـرتهم فـي هـذا المجال، وقامت بتخفيض مبلغ التعويض المطالب به إلى الحد الذي تراه عادلاً، إذ طلبت المحتكمة في بداية الأمر تعويضاً إجمالياً بمبلغ (55 (مليون دولار، ثم رفعته إلى مليـار (بليـون) ومائـة وأربعة وأربعين مليوناً وثلاثين ألف (1144030000 (دولار أمريكي، وقامت برفعه بعـد ذلـك إلى مبلغ مليارين (بليونين) وخمسة وخمسين مليون وثلاثين ألف (205530000 (دولا .ر وإذا كان حكم التحكيم قضى بالمبلغ المحكوم به وهو مبلغ كبير جداً، فإن الهيئة مـا كانـت لتحكم بهذا المبلغ لو اكتفت بتطبيق أحكام المس ؤولية العقدية على طرفي عقد الإيجار فقط، إذ أنها في هذه الحالة تقضي وفقاً لما استقرت عليه القوانين المدنية العربية والتي مؤداه ا أنه " إذا كـان الالتزام مصدره العقد، فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشاً أو خطـأ جـسيماً ، إلاّ بتعـويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد .....". وهذا الحكم أشار إليه حكم التحكـيم فـي * الصفحة (398( منه، ولكنه لم يطبقه عند إصدار قضائه، إذ أن طرفي النزاعلم يكن بمقدورهما توقع الضرر الذي قدر عنه التعويض المحكوم به،ولاسيما بالنسبة للتعويض عن ضرر تفويـت الفرصة والتعويض عن الضرر الأدبي، إذ أن كلاً من التعويضين كان كبيراً جـداً ، ولـم يكـن متوقعاً. وكان يتوقع من عدالة هيئة التحكيم أن تقضي بعدم اختصاصها ولائياً بالفصل بالتعويض عن الضرر الناجم عن مخالفة قوانين الدولة، لأنه يدخل في اختصاص المحاكم الليبية، ولاسيما الدائرة الإدارية، ودائرة/ تجاري مدني كلي حكومة. وإذا كنت قد أبديت ما تقدم من تعليق على حكم التحكيم، فإنه لا يفوتني الإشـادة المـستحقة بالعمل القانوني الكبير الذي قامت به هيئة التحكيم، إذ قامت بإعداد حكم هو بمثابة بحث علمـي كبير ومتشعب في فروع كثيرة من القانون الموضوعي والإجرائي، كما أنني أشيد عالياً بما قدمه محامو طرفي النزاع، إذ قدموا أبحاثاً قانونية كثيرة في قوانين وأحكام قضائية وطنيـة ودوليـة . ولذلك يمكنني القول بكل صدق وأمانة أن الحكم محل التعقيب سيكون محل نقاش وجدل قـانوني ممتع ومثرٍ لفترة ليست بالقصيرة لو أتيح لفقهاء القانون في أقطارنا العربية الإطلاع علـى هـذا الحكم الكبير والمثري للثقافة القانونية، والذي يعد مرجعاً لكل العاملين في الدراسـات القانونيـة العامة وفي مجال التحكيم خاص