الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / نطاق حجية الحكم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد19 / هذا الحكم الهام يتفق مع صحيح القانون وسوف يساهم في حماية الاستثمارات العربية وفي ترسيخ مفاهيم النزاهة والموضوعية والشفاهية والحيدة

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد19
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    582

التفاصيل طباعة نسخ

فَلا وربك لا يؤْمِنُون حتَّى يحكِّموك فِيما شَجر بينَهم ثُم لا يجِدوا فِي أَنْفُسِهِم حرجا مِما قَضيتَ ويسلِّموا تَلِيما . وإِن خِفْتُم شِقَاقَ بينِهِما فَابعثُوا حكَما مِن أَهلِهِ وحكَما مِن أَهلِها إِن ييدا إِصلاحا يوفِّقِ اللَّه بينَهما إِن اللَّه كَان علِيما خَبِيرا  1 -إن هذا الحكم التحكيمي هو حكم نهائي معجل التنفيذ على أصله وغير قابل للطعن فيه، وفقاً للمادة (2/8 (من ملحق التوفيق والتحكيم للاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في البلاد العربية، وهو بهذه المثابة يعد لبنة هامة ورائدة في مجال أحكام التحكيم العربية. وتأتي أهمية هذا الحكم التحكيمي من منطلق أنه قد أرسي مبدأً تحكيمياً هاماً في إطار اتفاقية عربية كانت منسية وغير مستخدمة، فجاء هذا الحكم ليمثل توجهاً تحكيمياً واجتهاداً محموداً، يحسب من ضمن ما يحسب للمحكمين العرب. لأن من شأنه أن يحول تلك الاتفاقية من مجرد حبر على ورق، إلى اتفاقية فعالة ومطبقة على أرض الواقع. ولا شك أن ذلك سوف يسهم في لم الشمل العربي على الصعيد الاقتصادي، وتعزيز العمل العربي المشترك في جميع المجالات من خلال منظومة تشريعية عربية موحدة ومشتركة، بحيث نصل إلى نتائج إيجابية لحماية الاستثمارات من خلال هذه المنظومة. فالتحكيم التجاري يعتبر أهم وسيلة يرغب المتعاملون في ميدان التجارة الدولية اللجوء إليها لحسم خلافاتهم الناتجة عن تعاملاتهم، إذ لا يكاد يخلو عقد من عقود التجارة الدولية من شرط أو اتفاق يتم اللجوء بموجبه إلى إتباع التحكيم عند حدوث نزاع أو خلاف يتعلق بإنشائه أو تفسيره أو تنفيذه أو إنهائه. ويحتل التحكيم مكانة بارزة في حسم الخلافات المتعلقة بالتجارة الدولية، وينفرد بخصائص ومميزات تكاد تنعدم عند غيرها من الأنظمة القضائية الأخرى، فهو أسلوب مرن وفعال في حسم المنازعات، ناهيك عن السرية المطلقة التي يضمنها والتي غالبا ما تكون الشركات والأفراد في أمس الحاجة إليها؛ لما في ذلك من مراعاة لمصالحها، وذلك على عكس القضاء الرسمي، المعروف ببطء جلساته وعلانيتها. ويمكن القول أن تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى دولة ما، يعتمد بالدرجة الأولى على ملاءمة مناخ هذه الدولة للاستثمار من وجهة نظر المستثمرين، ودرء ما تواجهه هذه الاستثمارات من صعوبات جمة تحول دون انطلاقها، ومن بين هذه الصعوبات كيفية تسوية المنازعات التي تثار بشأنها بين المستثمر الأجنبي والدولة المضيفة للاستثمار، حيث يخشى المستثمر من إهدار حقوقه لعدم وجود الضمانات الكافية لحماية استثماراته في هذه الدولة، علاوة على طول وبطء الإجراءات القضائية المتّبعة لدى المحاكم. ومن هنا تبدو أهمية التحكيم بالنسبة له كوسيلة ملائمة ومحايدة وسريعة لتسوية نزاعاته مع الدول المضيفة للاستثمارات.  2 - وللتحكيم أهمية كبيرة إذن في المعاملات التي تتعدد فيها جنسية الأطراف، خاصة في مجال الاستثمار الأجنبي، إذ أن المستثمر الأجنبي يأخذ في اعتباره ضرورة التعرف على كافة المخاطر التجارية المحتملة التي قد تتعرض لها استثماراته عند الدخول في نشاط اقتصادي في دولة ما. وتعتبر احتمالية نشوء نزاع حول تنفيذ العقد والاضطرار إلى اللجوء إلى القضاء لحل هذا النزاع من أهم تلك المخاطر، وقد يصبح هذا الخطر هاجساً حقيقياً عند الشركات الأجنبية المستثمرة أو المنفذة للمشاريع الرأسمالية الهامة في الدولة. فالشركات الأجنبية تجهل القوانين العربية التي تنظم إجراءات التقاضي أمام المحاكم، كما أنها تشك دوماً في قدرة القضاء المحلي على التعامل مع العقود ذات الطابع الدولي، وغير ذلك من العقبات الأخرى؛ مثل الاضطرار إلى ترجمة كافة الوثائق المتعلقة بالعقد إلى لغة تلك الدولة، وقلة خبرة القضاء بعادات وأعراف التجارة الدولية ومدى قدرته على متابعة التغير المستمر في قواعد القانون الدولي الخاص والاتفاقيات الدولية. لذا، أصبح من المعتاد أن تقوم الشركات الأجنبية، قبل الاستثمار في سوق أي دولة عربية، أن تتحقق من مختلف أنواع المخاطر التي قد تواجه استثماراتها، حيث تعتبر العقبات القانونية من أهم تلك المخاطر. لذلك تقوم تلك الشركات بالطلب من مستشاريها القانونيين، ومن خلال الاستفسار من مكاتب المحاماة المحلية والأجنبية المتخصصة في تلك الدولة، للتحقق من مدى مواكبة قوانين تلك الدولة للمعايير الدولية، وبوجه خاص مدى إمكانية اعترافها بالتحكيم كوسيلة مقبولة لحل النزاعات بعيداً عن هذه الإجراءات القضائية. فإذا ما تبين للشركات الأجنبية بأن قوانين تلك الدولة غير ملائمة في مجال التحكيم، وأن قضائها يثير العقبات في وجه التحكيم، فإنه ليس أمام تلك الشركات سوى اختيار اللجوء إلى القضاء لحل النزاعات، وعندئذ تتخذ هذه الشركات إحدى القرارات التالية : (1 (إما أن تعيد النظر تماماً في قرار الاستثمار في تلك الدولة. (2 (أو أن ترفع من تكلفة بضائعها وخدماتها لتغطية هذه المخاطر. (3 (أو أن تخفض حجم استثمارها إلى أضيق حد ممكن؛ حتى تقلل من نسبة المخاطر التي قد تتحملها، وتتفادى بذلك الغرق في نزاعات طويلة الأمد أمام أنظمة قضائية غريبة عنها، والدخول في مغامرات تجارية في دولة تجهل نظامها القانوني والقضائي.وبالإضافة إلى ما سبق، فإن سبب الاهتمام الكبير بالتحكيم يرجع إلى الميزات العديدة التي يوفرها لأطراف النزاع، خاصة في العقود التجارية. فالتحكيم يوفر الوقت والجهد على أطراف النزاع، خاصة إذا قارنا ذلك بإجراءات التقاضي أمام المحاكم. إذ أنه نتيجة لتراكم القضايا أمام المحاكم، ووجود العديد من القواعد الإجرائية الآمرة ذات التفاصيل والمتطلبات التي تخلو عادة من المرونة، فإن ذلك من شأنه أن يطيل أمد التقاضي ويدخل الأطراف في دوامة من تأجيل الجلسات إلى آجال غير معلومة، وتعدد وامتداد درجات التقاضي، ناهيك عن إجراءات التنفيذ المضنية عند صدور أحكام قضائية. وكل ذلك يتناقض مع مصلحة أطراف العلاقات التجارية، التي تتطلب السرعة في إنجاز الأعمال وحل النزاعات فور نشوبها. فأطراف العلاقات التجارية لا يملكون الكثير من الوقت ليخسروه في الانتظار والترقب، وهم بحاجة إلى حل نزاعاتهم بأسرع وأنسب الطرق الممكنة. لذلك يجد الكثير من أصحاب المصالح التجارية في التحكيم ملاذاً يمكنّهم من اختيار الإجراءات الملائمة لحل النزاع. حيث يكون باستطاعة الأطراف تحديد مسار إجراءات التحكيم بما يجدوه ملائماً لهم. 3 -ويمثل الحكم التحكيمي الصادر وفقاً للفقرة (8 (من المادة (2 (من ملحق التوفيق والتحكيم للاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في البلاد العربية، نموذجاً لأهمية التحكيم في مجال حماية المشروعات الاستثمارية. فالمشروع موضوع عقد الإيجار - محل دعوى التحكيم - هو مشروع استثماري خاضع للاتفاقية المشار إليها أعلاه. وقد أصدرت الهيئة التحكيمية حكمها في النزاع القائم أمامها استناداً إلى أحكام القانون الليبي، وأحكام هذه الاتفاقية الموحدة، والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من النظام القانوني الليبي، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة (3/2 (من هذه الاتفاقية، والتي تقضي بأن: "تكون الأولوية في التطبيق لأحكام الاتفاقية عند تعارضها مع قوانين وأنظمة الدول الأطراف". وقد أصدرت الهيئة التحكيمية حكمها بعد أن حسمت موضوع اختصاصها بالدعوى بناء على الشرط التحكيمي الوارد في عقد إيجار الأرض موضوع النزاع، وقررت صحة الاحتجاج به في مواجهة المدعى عليهم، ومن ثم أصدرت حكمها فيه على النحو الموضح في منطوق هذا الحكم.  4 -أنه من المعلوم، أن صدور الحكم التحكيمي لا يعد دليلاً على صلاحية هذا الحكم للتنفيذ الفوري، وإنما وضع الصيغة التنفيذية عليه هو وحده الذي يعتبر دليلاً على هذه الصلاحية. وإذاً فإنه لا ينظر في صلاحية الحكم للتنفيذ إلا عند تسليم صورته التنفيذية إلى المحكوم له، بعد تذييلها بصيغة التنفيذ. ولا يقصد بإجراء الأمر بالتنفيذ، أن يتحقق القاضي من عدالة المحكم، فلا ينظر في سلامة أو صحة قضائه في موضوع الدعوى، لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد، ولا يعد صدور الأمر بالتنفيذ في ذاته دليلاً على سلامة هذا القرار. وإنما حقيقة المقصود بهذا الإجراء، هو مجرد الاطلاع على الحكم التحكيمي، والتثبت من عدم وجود ما يمنع من تنفيذه، وذلك من خلال مراقبة عمل المحكم، لأنه لا يستمد سلطته إلا من اتفاق الخصوم على التحكيم، وهي الرقابة التي يتولاها قاضي التنفيذ قبل أن يضع الصيغة التنفيذية. ولذلك فإن الحكم التحكيمي لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، عدا رفع دعوى ببطلانه، وذلك في حالات محددة على سبيل الحصر. ويرفع طلب البطلان بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى أمام المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع. والحكم في دعوى البطلان لا يخول لهذه المحكمة الفصل في موضوع هذا النزاع. وحصر أسباب الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي مرده تأثير العنصر التعاقدي المتمثل في اتفاق الخصوم على إجراءات التحكيم، وعلى الحكم الصادر فيه. وذلك لأن السماح للخصوم بطرح النزاع الذي يثور بينهم، على التحكيم، بدلاً من طرحه على المحكمة المختصة في الأصل بنظره، مبعثه الثقة في حسن تقدير هذا المحكم وفي حسن عدالته. ولذلك حرص الحكم التحكيم الذي نحن بصدد التعليق عليه، على الإشارة إلى الشرط التحكيمي الذي ورد في عقد الإيجار موضوع الدعوى التي فصل فيها هذا الحكم، والذي تضمنت المادة (29 (منه إحالة أي نزاع يثور بين الطرفين إلى التحكيم، إذا ما تعذر حله ودياً، وذلك وفقاً لأحكام التحكيم المنصوص عليها في الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية. 5 - وقد تصدى الحكم التحكيمي لتحديد النطاقين الشخصي والموضوعي للشرط التحكيمي الوارد في المادة (29 (أعلاه، فقررت من ناحية أولى، إمكانية الاعتداد بهذا الشرط في مواجهة المدعى عليهم، ومن ناحية أخرى، شمول الشرط التحكيمي للعقد وللقرار الصادر عن وزير  الاقتصاد الليبي بإلغاء قرار وزير السياحة بالترخيص بالاستثمار، الذي صيغ في عقد رسمي، عقد إيجار قطعة أرض لغرض إقامة مشروع استثماري سياحي، واعتبر الحكم أن الأضرار المطالب بها من قبل المدعية تكون مشمولة بتحكيم الاتفاقية الموحدة، طبقاً لما تقضي به المادة (25 (منها، لأن هذه المطالب تتعلق بالمنازعات الناشئة عن تطبيق هذه الاتفاقية. وحيث أن سلطة المحكم تشمل النظر في كافة المنازعات والخلافات الناشئة عن عقد الإيجار المتفق فيه على التحكيم. وبالنظر إلى أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات، قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، فهو يكون مقصوراً حتماً على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم. ولقد أحسنت هيئة التحكيم صنعاً عندما فسرت شرط التحكيم تفسيراً ضيقاً، وأخذت بكامل الحيطة والدقة في الالتزام بألفاظه، وعدم تأويلها إلا بما يتطابق معها من معان، وذلك لكون التحكيم استثناء من القاعدة العامة التي توجب الالتجاء إلى القضاء العادي. وحيث أن هيئة التحكيم قد اعتدت في تفسير مضمون هذا الشرط بما اتجهت إليه نية المتعاقدين من حيث اختيارها الالتجاء إلى التحكيم كآلية فعالة لحسم ما بينهما من نزاع، فإنها أعطت العبارات المستخدمة في هذا الشرط، المعنى الذي يحقق ما اتجهت إليه نية وقصد المتعاقدين. وبناء على ما انتهت إليه هيئة التحكيم، بالنسبة لمعيار تحديد النطاق الموضوعي للشرط التحكيمي، فإنها قررت اعتبار الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية، جزءاً لا يتجزأ من القانون الليبي، كما أنها قررت أنه في حالة تعارض نصوص هذه الاتفاقية مع أي نص في هذا القانون، فإنه يتعين تغليب النص الاتفاقي على النص الوضعي، لأن الأولوية في التطبيق يجب أن تكون لنصوص هذه الاتفاقية. كما اعتبرت هيئة التحكيم أن الاتفاقية الموحدة أعلاه تلزم بقاعدة آمرة تسوية المنازعات الناشئة عن تطبيقها بإحدى وسائل ثلاث: التوفيق، أو التحكيم، أو اللجوء إلى محكمة الاستثمار العربية. وحيث أن الطرفين قد اختارا طريق التحكيم المقرر في هذه الاتفاقية، وتم تضمينه في الشرط التحكيمي المتفق عليه بينهما، والذي يتصف بـ "الاستقلالية"، وحيث أن القاعدة العامة في التحكيم، هي استقلالية الشرط التحكيمي، فإنها تُطبق على الشرط التحكيمي الوارد في المادة (29 (من العقد، والتي تم بموجبها اختيار التحكيم وفقاً لأحكام الاتفاقية الموحدة. وبناء على ذلك انتهت هيئة التحكيم إلى أن اعتبار مطالب التعويض المقدمة من الجهة المدعية، مشمولة بالشرط التحكيمي المذكور أعلاه، والذي يحيل إلى تطبيق أحكام الاتفاقية الموحدة، فإن الدعوى التحكيمية الحاضرة تندرج في اختصاص هيئة التحكيم. 6 -كما أن الهيئة التحكيمية حسمت الخلاف حول الطبيعة القانونية للعقد موضوع النزاع، وحددت القانون الواجب التطبيق عليه، حيث قررت أن إقامة المشروع الاستثماري على أملاك الدولة الليبية الخاصة من قبل المدعية، وهي شركة خاصة، يخضع لقواعد القانون المدني الليبي الذي يسري على التصرف في الأشياء الخاصة المملوكة للدولة، وذلك استناداً إلى أن حق الدولة على أملاكها الخاصة، هو حق ملكية خاصة وليس ملكية إدارية، وبالتالي فإن هذه الأملاك تخضع لأحكام الملكية الخاصة. وبناء على تكييف العقد المذكور بأنه "عقد مدني" وليس "عقد إداري"، فإن الهيئة التحكيمية قررت أن العقد موضوع النزاع لا يتضمن أي شروط استثنائية، ولم تتحقق فيه أي ظروف واقعية أو قانونية، ولا يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة، وموضوعه ليس مرفقاً عاماً، وبالتالي فإنه لا يعتبـر عقـداً إداريـاً، بل هو عقد من عقود القانون الخاص، الخاضع للقانون المدني الليب يـ . كما أن الهيئة التحكيمية قد اعتبرت العقد المذكور، محل التداعي، من عقود الـ (.T.O.B ،(والتي تخضع للقانون الخاص وليس للقانون الإداري. 7 -كما تصدت الهيئة التحكيمية لتحديد المسؤولية المترتبة على عاتق المدعى عليهم في الدعوى القائمة، سواء في ذلك مسؤوليتهم التعاقدية، أو مسؤوليتهم القانونية. فبالنسبة لمسؤولية المدعى عليهم التعاقدية، فإن الهيئة التحكيمية قررت أن الجهة المدعى عليها قد ارتكبت خطأً تعاقدياً، وذلك بإخلالها بالتزاماتها المقررة بموجب العقد محل التداعي، وأن المدعية تستحق بذلك التعويض الذي تُقدره هذه الهيئة بما لها من سلطة تقديرية في هذا الصدد، مقابل ما أصابها من أضرار مادية، وتعويضها أيضاً عن الربح الذي فاتها تحقيقه، بالإضافة إلى تعويضها أيضاً عما لحق بها من ضرر أدبي. وأكدت هيئة التحكيم في حكمها، على اجتماع أركان المسؤولية التعاقدية، وهي: الخطأ، والضرر، وعلاقة السببية بينهما، والتي يقابلها الاصطلاح المستخدم في الفقه الإسلامي، وهو مصطلح "ضمان العقد"، ويعني المسؤولية الناشئة عن مخالفة العقد وشروطه، وذلك استناداً ىإل أن االله  قد أوجب الوفاء بالعقود، فإذا خالف أحد العاقدين أحكام العقد، أو لم يوف  بالتزامه العقدي، وترتب على ذلك ضرر لحق بالطرف الآخر، فإنه يضمن هذا الضرر، أي يلتزم بالتعويض اللازم لجبره. والخطأ العقدي، كعنصر من عناصر المسؤولية التعاقدية، يتمثل إذن في عدم قيام المدعى عليهم بتنفيذ التزاماتهم المقررة بموجب العقد، بدون عذر يبرر ذلك ويصلح أن يكون دافعاً للضمان. والضرر المضمون في الشريعة الإسلامية، هو الضرر المادي الذي يستدل عليه بقوله : "لا ضرر ولا ضرار". وإذا ترتب على هذا الخطأ العقدي من جانب المدعى عليهم إلحاق ضرر بالمدعية، فإنهم يلتزمون بتعويضها، لثبوت مسؤوليتهم التعاقدية. وبالنسبة لمسؤولية الجهة المدعى عليها القانونية، فقد ارتأت الهيئة التحكيمية أن هذه الجهة قد خالفت الالتزام القانوني المنصوص عليه في المادة (148 (من القانون المدني الليبي، وبالتالي تكون قد ارتكبت خطأً قانونياً يرتب مسؤوليتها عن التعويض. وتقضي المادة المذكورة أعلاه بأنه : "يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية". وقد ثبت للهيئة التحكيمية أن الجهة المدعى عليها قد خالفت هذا الالتزام، مما يرتب مسؤوليها القانونية عن تعويض المدعية عما لحق بها من ضرر من جراء ذلك. كما أنها اعتبرت أن القرار رقم (203/2010 (الصادر من وزير الاقتصاد الليبي بتاريخ 10/05/2010م، والذي قضى بإلغاء قرار وزير السياحة، الذي صادق على المشروع الاستثماري، هو "قرار تعسفي". كما أن الجهة المدعى عليها قد خالفت أيضاً أحكام الاتفاقية الموحدة، والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من القانون الليبي، وبالتالي فإنها بقرارها إلغاء الترخيص تكون قد ارتكبت خطأً قانونياً يخالف هذه الاتفاقية، بالإضافة إلى مخالفته للتشريعات الأخرى المنظمة للاستثمار في ليبيا، ومخالفة لنصوص العقد، وتكون بذلك مسؤولة عن تعويض المدعية بحكم ثبوت مسؤوليتها التعاقدية والقانونية. 8 -وقد اعتدت هيئة التحكيم في تحديد مفهوم التعويض عن الضرر المستحق للشركة المدعية، طبيعته ونطاقه، بالأحكام المقررة في القانون الليبي، باعتباره القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، والذي نص في المادة (166 (من القانون المدني، على أنه: "كل خطأ سبب ضرراً يلزم من ارتكبه بالتعويض". كما أنها اعتدت أيضاً بالحكم المنصوص عليه في المادة (10/1 (من الاتفاقية الموحدة، والتي تقضي باستحقاق المستثمر العربي تعويضاً عما يصيبه من ضرر نتيجة قيام دولة طرف، أو أحد سلطاتها العامة أو المحلية، أو مؤسساتها، بالمساس