حجية حكم التحكيم حجية نسبيه تقتصر على الأطراف الذين صدر الحكم في مواجهتهم دون غيرهم ، وقد ثار خلاف في الفقه حول امتداد أثر حجية حكم التحكيم بالنسبة للغير ، ما بين مؤيد ومعارض لهذا الإمتداد .
والحقيقة أن امتداد هذا الأثر إن حدث إنما يكون مرجعه القواعد القانونية التي تحكم أو تنطبق على ذلك الغير، ولكن ليس للحجية أي دخل في ذلك، فبالنسبة للخلف العام والخاص فان أثر الحكم ينصرف إليهم بموجب قواعد الخلافة وليس كنتيجة لحجية الحكم.
النطاق الموضوعي :
و لا يقتصر نطاق حجية حكم التحكيم على النزاع المحكوم فيه، فلا عبرة للطلبات المعروضة على المحكم طالما أنه لم يفصل فيها ويصدر بشأنها حكم، فلا أهمية إذن لما اتفق عليه الطرفان في اتفاق التحكيم بشان النزاع موضوع التحكيم، و إنما العبرة بما فحصه المحكم وحسمه بصدور حكم فيه .
وقد استقر الفقه على أن الحكم الصادر في مسألة موضوعية يحوز الحجية، وعلى العكس من ذلك ثار خلاف في الفقه حول ما إذا كان الحكم الصادر في المسائل الإجرائية ( كالحكم بعدم الاختصاص أو الحكم ببطلان صحيفة الدعوى ) يحوز الحجية من عدمه)، ويرى البعض أن هذا الحكم يحوز الحجية على أساس أنه لا يمكن الحكم ببطلان صحيفة الدعوى ثم الحكم بصحة ذات الصحيفة مرة ثانية، أو الحكم بعدم الاختصاص تارة، وبالاختصاص تارة أخري .
ونعتقد أن هذا الرأي قد جانبه الصواب لأن أي حكم يحسم نزاع في مسالة إجرائية أو موضوعية يكون حكما قطعيا، أي يقطع أو يحسم هذه المسألة، والحكم القطعي يؤدي إلي سقوط المراكز الإجرائية، على نحو لا يجوز معه للقاضي أن يعدل أو يغير في حكم قطعي صدر منه .
ويلاحظ أيضا أن الحكم بعدم الاختصاص الصادر من محكمه غير مختصة لا يمنع من رفع الدعوى مرة ثانية أمام المحكمة المختصة، وكذا الحكم ببطلان صحيفة الدعوى، لعدم اشتمالها على البيانات الأساسية التي يتطلبها قانون المرافعات، هو حكم منهي للخصومة لا يحول بين المدعي ويين إعادة رفعها من جديد بعد تصحيح واستيفاء بيانات عريضة الدعوى، وبالتالي فالحجية تكون قاصرة على المسائل الموضوعية فقط دون المسائل الإجرائية.
وقت ثبوت الحجية لحكمي القضاء والتحكيم :
تثبت الحجية للحكم القضائي من تاريخ صدوره ، ويعتبر الحكم القضائي قد صدر من تاريخ النطق به، وبالتالي فقد يكتب الحكم ويوقع عليه قبل النطق بالحكم، ولكن لا يعتد بالحكم ولا يرتب أي أثار، ومن بينها الحجية إلا من تاريخ النطق به .
وعلى خلاف ما سبق لم يضع المشرع المصري " نصا يوضح تاريخ صدور حكم التحكيم، ولا يمكن لنا أن نطبق هنا ذات القاعدة المطبقة بشان الحكم القضائي، لإختلاف الحكم القضائي عن حكم التحكيم في مسألة النطق بالحكم، فهي مسألة هامة بالنسبة للحكم القضائي، ولكنها ليست بهذا القدر بالنسبة لحكم التحكيم الذي يصدر من شخص عادي ليس له مقر محدد، وبالتالي تكون العبرة في صدور الحكم، هي بتوقيعه من المحكمين أو أغلبيتهم، وبالتالي يكون الحكم صادرا من تاريخ - توقيع المحكمين عليه.