يعرف الغير بأنه الشخص الذي لا يكون طرفا في العقد لا أصالة ولا نيابة، ولأن المحكمة التحكيمية لا تملك أية سلطة لإلزام أي شخص أجنبي عن العقد التحكيمي، الا إذا عبر هذا الشخص بشكل صريح عن إرادته في أن يطبق ما نص عليه القرار التحكيمي، لذلك فالقرار التحكيمي لا يمكنه ان يعطي حقوقا ولا ان يلزم شخصاً أجنبياً عن العقد التحكيمي بأي ،الزام ، الا انه في الوقت ذاته له آثار مهمة للشخص الأجنبي عن العقد التحكيمي، كما في حال عقود المقاولات من الباطن) التي تخول المقاول الأساسي أن يطلب من المقاول من الباطن أن يكفل أي ضرر أو عطل أو اي مبالغ إضافية يطالب بها رب العمل، أمام هذه الكفالة فإن القرار التحكيمي الذي يصدر نتيجة دعوى يتقدم بها رب العمل على المقاول الأساسي ويرتب فيها تعويضات لرب العمل على المقاول.
إلا أن القضاء الفرنسي نهج نهجاً مغايراً للموقف السابق، فهو لا يشجع بل لا يفضل إمتداد شرط التحكيم الوارد في العقد الأصلي إلى المقاول من الباطن.
وهناك إتجاه آخر مقتضاه أن شرط التحكيم الوارد في عقد المشروع، لا يمتد إلى الغير، وإن كان هذا الغير طرفاً في عقد آخر للمشروع ذاته، عدا حالة كون كل العقود المعنية مبرمة في آن واحد أو متتابعة وبين الأطراف ذاتهم، وبعبارة أخرى يجب لقبول إمتداد شرط التحكيم إلى الغير أن يتوفر شرط مزدوج قوامه أن كل العقود المعنية مبرمة في آن واحد أو متتابعة، وبين الأطراف ذاتهم، واستندوا في ذلك إلى سببين:
1- إن العلاقة المبرمة بين الأطراف أنفسهم تكون أوثق من العلاقة بين أطراف مختلفة.
2- بعد التحكيم إستثناء من الأصل العام الذي يتمثل بقضاء الدولة، ووفقاً للقاعدة المعروفة والقائلة: إن الاستثاء لا يجوز التوسع به، لذلك لا يجوز السماح بدخول الغير إلا بموافقته.
تنص المادة (79) من اتفاقية البيع الدولي للبضائع على : 2- إذا كان عدم تنفيذ احد الطرفين نتيجة لعدم تنفيذ الطرف الثالث (الغير) الذي عهد إليه تنفيذ العقد كلاً أو جزءا فان ذلك الطرف لا يعفى من التبعة الا إذا أ- اعفي منها بموجب الفقرة السابقة. ب- كان الطرف الثالث (الغير) سيعفى من المسؤولية فيما لو طبقت عليه أحكام الفقرة السابقة)، إلا أن مفهوم الغير في الاتفاقية يختلف عن مفهوم الغير في القانون المدني، وذلك لأن الطرف الثالث أو الغير في الاتفاقية يقع عليه تنفيذ جزء من التزامات العقد، وهذا يعد امراً طبيعياً في عقود التجارة الدولية التي من المستحيل أن تنفذ من قبل شخصاً واحداً، بينما الغير في القانون المدني يكون اجنبياً تماماً عن العقد ولا يقع عليه تنفيذ أي جزء من العقد.
ومن خلال ما سبق ذكره نصل إلى أن الغير يؤثر ويتأثر ليس بأتفاق التحكيم فحسب، بل بالقرار التحكيمي كذلك، حيث يلمس تأثيره في أتفاق التحكيم، من خلال الوكيل مثلا، ويتأثر بالقرار التحكيمي عند إنصراف ما يرتبه تنفيذ القرار التحكيمي من التزامات وافق على إنتقالها إليه، لذلك فمن الممكن أن ينصرف أثر القرار التحكيمي للغير، بشرط أن يستفيد هذا الغير من القرار التحكيمي، لا أن يضره، كما في آثار الأحكام القضائية .