يحوز حكم المحكمين في الفقه الإسلامي الحجية كما هو الحال في القانون الوضعي، ومن ثم إذا ما صدر الحكم يعتبر صحيحاً قابلاً للتنفيذ، إذا ما تقدمته دعوى صحيحة، وأن يصدر الحكم بصيغة تدل على الإلزام وأن يكون واضحة في تحديد المحكوم والمحكوم له، وأن يكون في حضرة الخصوم .
إن من أهم آثار الحكم في الفقه الإسلامي: أن الحكم يحوز الحجية بمجرد صدوره، بما مفاده فصل الخصومة وإنهاء النزاع المتعلق بالحق المحكوم فيه، وعدم جواز إعادة طرح النزاع من جديد مستقبلا.
إن إشارة علماء المسلمين للحكم بلفظ القضاء، وهم بصدد الحديث عن القرار الصادر من القاضي أو المحكم، ما يعمل على توقير الحكم واحترامه، كما أن التعريف بالحكم في الاصطلاح القضائي في الفقه الإسلامي لم يحظ باهتمام غالبية الفقهاء - بوجه عام - كاهتمامهم بتعريف التحكيم أو القضاء نفسه، فهو عند الحنفية: " فصل الخصومات وقطع المنازعات"، وعند المالكية: " إنشاء إطلاق وإلزام في مسائل الإجتهاد المتقارب فيما يقع فية النزاع لمصالح الدنيا ، وعند الشافعية: هو " إلزام من له الإلزام بحكم الشرع "، وعند الحنابلة: " فصل الخصومات "، والحكم بالمعنى السابق عندهم يصدر من القاضي أو المحكم بطريق الإلزام، لأنه صدر صحيحاً موافقاً للشرع وقواعده، فما على المتخاصمين أطراف النزاع إلا تنفيذه، دون أن يتحلل أي منهم من هذا الحكم، وقد يصدر حكم المحكم من فرد ثبت أمامه الحق فلم يؤخره في أي حال من الأحوال، كما قد يصدر من محكمين متعددين، فلم تشترط كتب المذاهب الإسلامية أن يكون المحكم فرداً واحداً، أو إثنين كما صرح بذلك الشافعية، وأجاز الحنفية إثنين فأكثر، حتى لو اصطلح رجلان على أن يبعث كل واحد منهما حكما من جهته فهو جائز، وزادوا على ذلك: " حتى لو حكم الخصمان جماعة جاز "، وهو نفس الإتجاه عند المالكية قياسا على تعدد القضاة، كما أجاز الحنابلة، تحكيم الإثنين إذا نزل على حكمهما العدو - بعد التحصن للحكم بينه وبين المسلمين، وبذلك - على خلاف القانون الوضعي الذي يتطلب الأغلبية يصدر حكم المحكمين المتددين بالإجماع، فلا يحق لأي منهم أن يصدر الحكم منفردة، فلا يكون حكمهم نافذا إلا إذا إتفقوا.