الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / نطاق حجية الحكم / الكتب / التحكيم التجاري والدولي /  نطـاق حجية حكم التحكيم 

  • الاسم

    أ.د محمود مختار أحمد بربري
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    600
  • رقم الصفحة

    279

التفاصيل طباعة نسخ

 نطـاق حجية حكم التحكيم 

 نطـاق حجية حكم التحكيم من ناحية الموضوع : 

    يرتبط تحديد نطاق حجية حكم التحكيم من ناحيـة الموضوع أي محل النزاع وسببه ، ارتباطا وثيقا بتحديد نطـاق اتفاق التحكيم ، فحكم التحكيم لا يتمتع بالحجية الا في حدود ما فصل فيه من خلاف تضمنه اتفاق التحكيم شرطا كان أو مشاطة . 

  فقد رأينا أن الحكم يبطل اذا تضمن الفصل في مسألة لا يشملها اتفاق التحكيم او تجاوز حـدود الاتفاق ففصـل فيما لم يعرضـه عليه الأطراف ، أو كان الاتفاق باطلا أو قابلا للابطال . ولا يضفى القانون الحجية على حكم التحكيم في كل ما اشتمل عليه ، وانما تقتصر هذه الحجية على « منطوق الحكم » أي ما انتهى اليه الحكم من إدانة أو ابراء لذمة طـرف في مواجهه طرف آخر ، كما تمتد للأسباب بالقدر الكافي لحمل هـذا المنطوق فاذا استطرد الحكم وتضمن تقريرات أو حيثيات لو قمنا بحـذفها لخـل المنطوق قائما مدعما ، فان هذا الاستطراد لا تسبغ عليه الحجية - وإذا كان الأمر ميسـور کام القضاء ، حيث اكتسبت صياغة الأحكام نوعا من الترتيب الذي أصبح دارجا ، يجعل الأمر واضحا ، فثم تقرير للوقائع ثم تكييف للنزاع وتحـديد النصوص القانونية واجبة الأعمال ثم تسبيب الحكم عـلى نحـو يفضي إلى النتيجة التي انتهى اليها فان تحرير أحكام التحكيم لا يتولاها دائما قانونيون وانما قد يعهد بصياغتها لأصحاب الخبرة من المحكمين تبعا لطبيعة النزاع ، مما يضفى نوعا من الصعوبة في رسـم حدود « الحجية » واستخلاص « المنطوق » وما يلزم من أسباب لحمله . وتبدو أهمية ذلك في أن مالا يدخل في منطوق الحكم لا يعـد داخلا تحت مفهوم « حكم التحكيم » ، فالمنطوق وما يرتبـط به من أسباب هما مناط تحـديد نطاق الحجية ، بحيث يخلل كل مالا يدخـل في هذا النطاق أمرا من الممكن طرحه أمام القضاء دون امكان التمسـك بحجية حكم التحكيم . ولكن يلاحظ أن الحجية تقتصر على ما فصـل فيـه الحكم الحكم لا يكتسب حجية فيما أغفله ، ولذلك رأينا المشرع يسمح للأطراف طلبات لاصدار أحكام اضافية تتناول ما تم اغفاله ، فأذا صدر الحكم الاضافي أصبح جزءا من الحكم الأصلي وامتدت الحجية ، فاذا اغفل حكم التحكيم الفصل في طلب كان معروضا عليه ، فان بتقديم لكليهما .

 (ب) نطاق حجية حكم التحكيم من حيث الأشخاص : 

   ان حكم التحكيم شأنه شأن حكم القضاء ، لا يكون حجة الا على أطرافه أخذا بمبدأ نسبية الأحكام . فأطراف الدعـوى التي صدر فيها الحكم ، والذين اعلنوا بها وتمكنوا بناء على ذلك من • ابداء أوجـه دفاعهم ، هم وحدهم الذين يحتج عليهم بالحـكم 

في 

ولا يصح هذا المقام الخلط بين القـوة الملزمة لاتفاق التحكيم وحجية حكم التحكيم الذي يصـدر بناء على هذا الاتفاق . فالاتفاق قد يتعدد أطرافه ، فتمتد قوته الالزامية الى الجميع ، ومع لا يكون للحكم الصادر حجية ، اذا لم يتم اعلان الجميع بالحضـور هيئة التحكيم ، واقتصرت خصومة التحكيم على بعض أطراف أمام الاتفاق ، فهذا رغم التزام الجميع باتفاق التحكيم ، فالحكم لا يحتج به على أطراف الاتفاق الذين لم يثر بينهم نزاع ولم يشاركوا في خصومة التحكيم . 

    واذا تعلق الأمر بمجموعة شركات ، كان الحكم الصادر في علاقة احدى هذه الشركات بالغير لا يحتج به في مواجهة بقية الشركات التي يتمتع كل منها بوجود قانونی مستقل وذلك بعكس حالة المشروعات المشتركة أو شركات المحاصة ، حيث لا يوجد كيان قانونی مستقل ، فان التحكيم الذي يتم بين أحد الاطراف في المشروع المشترك أو بين أحد المحامين والغير ويكون مؤسسا على سبب يتعلق بالمشروع المشترك أو بشركة المحاصة ، فان الحكم تكون له حجية بالنسبة للجميع وذلك اذا كان عقدا لشراكة أو المحاص الذي ابرم اتفاق التحكيم ابرز صفته كنائب عن شركائه ومثل في خصومة التحكيم أصيلا وبصفته نائبا .

   ولكن يجب دوما التفرقة بين تحديد القوة الملزمة لاتفاق التحكيم من جهة وحجية حكم التحكيم من جهة أخرى ، خاصة وان ثم اتجاها للتوسع في مد نطاق القوة الملزمة لاتفاق التحكيم في علاقات التجارة الدولية الى حد امكانية الزام طرف بالاتفاق دون توقيعه على اتفاق التحكيم ، فهذا التوسع لا يمس حجية الحكم ، الذي تظل صـورة على الأطراف الذين مثلوا بأشخاصهم أو عن طريق ممثليهم أمام هيئة التحكيم وتمكنوا من ابداء أوجه دفاعهم .

حجية حكم التحكيم ونطاقها في ظل القانون الفرنسي

   ولكن حرص المشرع الفرنسي على ابراز نطاق هذه الحجية من حيث الموضوع ، فالنص يربط هـذه الحجية ويخصصها بما صـدر من أحكام بخصوص النزاع المطروح ، كما تجدر الاشارة الى أن المشرع الفرنسي بالنسبة للتحكيم الداخلي يسمح برفع دعوى البطلان لعدم مراعاة المحكم حدود المهمة المنوطة به ، وهنا يبرز فارق هام بين القانونين المصري والفرنسي ، ففي ظل القانون المصرى ، يصدر حكم التحكيم حـائزا لحجيـة الأمـر المقضى وأيضـا لقـوة الشيء المقضى لأنه لا يقبـل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن . أما في ظل القانون الفرنسي فالحكم لا يتمتع بقوة الأمر المقضى الا اذا تنازل الأطراف مسبقا عن الطعن بالاستئناف ، أو كان التحكيم مقترنا بالتفويض دون تحفظ الأطراف واعلان تمسكهم بالحق في الاستئناف . وعلاوة على ذلك ، فان المشرع الفرنسي ـ يجيز الطعن بالتماس اعادة النظر .

والأصل أن حكم التحكيم لا حجية له الا بالنسبة لأطـرافه فهو لا يمتـد الى الغير ، وترتيبا على ما سبق وكما هو الحال في ظل القانون المصرى لا يلزم الاتفاق ولا يمتد الحكم الذي يترتب عليه أطراف الاتفاق الذين حضروا أو مثلوا في اجراءات التحكيم ويمتد أثر الاتفاق والحكم في حالة التضامن لقيام النيابة التبادلية وذلك في الحدود التي ينظم القانون قيام النيابة فيها . ويترتب عـلى ما سبق عدم امكان الاحتجاج بحكم التحكيم على الغير ". وحتى لو امتدت اليه آثار الحكم والحقت به ضررا ، فانه لا يستطيع توقى هذا الضرر بالتدخل في خصومة التحكيم وابداء أوجه دفاعه . لذلك نجـد المشرع الفرنسي يسمح باعتراض الخارج عن الخصومة في كل الحالات التي يتوفر فيها ضرر نتج عن الحكم ، الذي يعد بالنسبة له « واقعـة مادية » يتحتم عليه احترامها وعدم امکان جحدها أو انكارها 

اتجهت بعض الأحكام بالنسبة للكفلاء الى نفي صفة الغير عنهم والاحتجاج عليهم بحـكم التحكيم رغم أنهم لم يمثلوا ولم يشاركوا في خصومة التحكيم ، وهو أمـر صعب تبريره .. ولذلك يفتح باب اعتراض الخارج عن الخصومة لهؤلاء وللغير الذين لا جدال في صفتهم كأجانب عن اتفاق وخصومة التحكيم ومع ذلك ثبت وجود أضرار لحقتهم نتيجة حكم التحكيم . 

    وتختص بنظر اعتراض الخارج عن الخصومة ، المحكمة المختصة أصلا في حالة عدم وجود التحكيم ، سواء كانت المحكمة التجـارية أو الابتدائية تبعا لنوع النزاع ، وتسرى على الاعتراض خافة نصوص قانون المرافعات .

   ويختلف حـكم التحكيم الأجنبي أي الصادر خارج فرنسا أو الصادر في منازعة تتعلق بالتجارة الدولية ، فرغم التسـويه بينهما وبين حكم التحكيم الداخلي بخصـوص اكتساب الحجية منـذ لحظة صـدور الحكم ، الا أن أحكام التحكيم غير الداخلية تصدر أيضا متمتعة بقـوة الشيء المقضى لأنها لا تخضع لطرق الطعن التي يخضـع لها حكم التحكيم الداخلي . فوفقا لنص المادة 1507 لا تسرى نصوص الباب الرابع الخاصة بطرق الطعن في أحكام التحكيم الصادرة في الخارج أو الصادرة في مواد التحكيم الدولي . ولا يكون متاحا الا الطعن باستئناف القرار الصادر بالاعتراف وتنفيذ الحكم في فرنسا ويقتصر أثره على عدم نفاذ الحكم ، أما أحكام التحكيم الصادرة في تحكيم دولى داخل، فرنسـا يمكن الطعن فيها بالبطلان تأسيسا على الأسباب التي تبرر استئناف القرار الصادر بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الصادرة في الخارج . أو في مواد التحكيم الدولي . 

أحكـام التحكيم التي تخضع لنصوص القانون المصرى الجديد المنظمة لحجية وتنفيذ أحكام التحكيم : 

  ويتضح مـن بـاب التقابل مع ما سبق أن أحكام التحكيم التي تصدر في الخارج دون اتفاق الأطراف على سریان قانون التحكيم المصرى لا تخضع في تنفيذها للنصوص التي خصصها هذا القانون لمعالجة تنفيذ أحكام التحكيم الصادرة وفقا لأحكامـه ، وانما تخضع لقواعد تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الواردة في قانون المرافعات ، وذلك في حدود عدم الاخـلال بنصوص اتفاقية نيويورك التي تعالج الاعتراف باحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها. 

ويتضح مما سبق أن نصـوص قانون التحكيم المتعلقة بتنفيـذ الأحكام تسرى على ما يلى:  

   ( أ ) أحكام التحكيم الذي يجري في مصر ، أيا كان أطـرافه ( أشخاص قانون عام أو خاص ) وأيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع .

   (ب) أحكام التحكيم الذي يجري في الخارج ، اذ كان تحكيما تجاريا دوليا ، واتفق الأطـراف على اخضاعه لقانون التحكيم المصرى وترتيبا على ما سبق تنحسر أحكام هذا القانون المنظمة لتنفيذ أحكام التحكيم الأحكام التي تصدر في الخـارج دون اتفاق الأطـراف على خضوع التحكيم للقانون المصرى ، ويخضع تنفيذ هذه الأحكام لقواعد قانون المرافعات المنظمة لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الا اذا زاحمتها قواعد اتفاقية نيويورك والتي تسرى أيضا على الأحكام التي تص في دولة ، ويراد تنفيذها في دولة أخرى أو الأحكام التي لا تعتبر وطنية وفقا لقانون الدول المطلوب تنفيذ الحكم فيها .

    كما لا في تصورنا من ناحية أخرى اطلاق القول بأن أحكام التحكيم التي تصدر في الخارج تخضع دوما لاتفاقية نيويورك لأن أحكام هذه الاتفاقية بحكم طبيعتها الدولية ، تقتضى أن يكون حـكم التحكيم متعلقا بنزاع له طابع « الدولية » ، بل ويتجه الرأي الغالب الى ضرورة تعلقه بمصالح التجارة الدولية ، ولذلك فصدور حـكم تحكيم في الخارج في منازعة محلية أو لا تتعلق بالتجارة الدولية ، لا يتصور معه القول باعمال نصـوص الاتفاقية ، اذ يظـل احتمال تطبيق قواعد المرافعات قائما اذا لم تتوفر شروط اعمال الاتفاقية وكان الأمر يتعلق بحكم تحكيم أجنبى يراد تنفيذه في مصر .