الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / المقصود بالحجية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / المسؤولية الإجرائية والميدانية للمحكم ( دراسة تأصيلية وتحليلية في يالفقة الإسلامي والقانون الوضعي) / المقصود بالحجيه

  • الاسم

    محمود علي عبدالسلامي وافي
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    770
  • رقم الصفحة

    45

التفاصيل طباعة نسخ

 مفهوم الحجية في القانون الوضعي

الحجية لدى فقهاء القانون الوضعي قوة إجرائية تلحق بالرأي القضائي في الدعوى مما يضفي عليه حصانة تجعله غير قابل للمنازعة خارج الإجراءات التي ص در فيها ، بما يحقق للعمل فاعليته في إزالة عوارض النظام القانوني ، وبهذا يتضح لنا أن الحجية تلزم مصدر الحكم وكذلك الخصوم.

ويتعين علينا حال تعرضنا لفكرة الحجية أن نعرض لعدة نقاط ترسم لنا الإطار العام لها مع الوضع في الاعتبار أن الحجية فكرة تغري الباحث بالدراسة و مهما بذل فيها من جهد تظل فكرة تستعلی و تستعصي على كل جهد ، فهي في ذلك تشبه فكرة النظام العام في سموها و غموضها و عدم اجتماع الرأي على معنی موحد أو قريب من التوحيد لها ، والحجية فكرة خاصة بالعمل القضائي الذي يأخذ شكل الحكم القطعي الصادر في الموضوع أو في مسألة متعلقة به يستنفد فيه القاضي ل جهده وسلطته القضائية.

تأتي فكرة الحجية كوسيلة إجرائية للتوفيق بين اعتبارين متناقضين الأول ضرورة حسم المنازعات و إحلال رأي القاضي محل مزاعم الخصوم في الدعوى بصورة تقطع الشك باليقين و تمنع كثرة الجدل والنقاش حول المراكز أو الحقوق التي ف صل فيها الحكم مما يحقق استقرار المعاملات توطيدا للأمن والسلام الاجتماعيين ، والثاني أن القضاة بشر غير منزهين عن الخطأ أو الجور؛ ولذا يجب وضع حد يحول دون التقيد بما قد يصدر عنهم من أحكام تهدر الحقوق وتضيف لونا جديدا من الظلم إلى ما ناله المظلوم من اعتداء على حقه.

ولذا فقد انتهج النظام القانوني - عن طريق الحجية - نهجا وفق فيه بين الاعتبارين السابقين فأضفي نوعا من الحرمة على الحكم القضائي ، إذ إنه يطبق إرادة القانون على الحالة المعروضة ؛ ولذا فيجب احترامه سواء من المحكمة التي أصدرته أو غيرها من المحاكم بحيث إذا رفعت الدعوى التي سبق أن فصل فيها الحكم تعين عدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها ، وإذا ما أثير مضمون الحكم في دعوى جديدة تعين التسليم بما قضى به و بهذا تحقق الحجية بجانبيها السلبي والإيجابي الاعتبار الأول ، وفي ذات الوقت لا يحول تقرير الحصانة السابقة للحكم القضائي دون إعادة مناقشة ما تضمنه الحكم القضائي الحائز للحجية وذلك باتباع طرق محددة رسمها المشرع هي طرق الطعن العادية و غير العادية وذلك تحقيقا اللاعتبار الثاني.

وعلى هذا فإن الحجية تقيم للحكم القضائي نظاما قانونيا تجعله بمنأى عن المناقشة إلا في حالات محددة و باتباع طرق معينة و بإجراءات مرسومة في مواعيد لا يمكن تجاوزها.

ولقد تم الاعتراض على هذه النظرية من عدة نواح ، فالحجية أولا لا تدحض بما تدحض به القرائن القانونية من الإقرار واليمين ، كما أن القرائن تعد وسيلة إثبات تعمل داخل الإجراءات وهو ما يختلف تماما عن حجية الأمر المقضي والتي تعمل خارج الإجراءات ولا تتجه إلى ذهن القاضي لإقناعه وإنما تمنعه من إعادة الفصل في الدعوى وتلزمه بمضمون ما قرره الحكم القضائي ، كما أن فكرة الحيلة القانونية لا تصلح أساسا عمليا للحجية ، ويضاف إلى ذلك أن القرائن لها قوة مطلقة أما حجية الأمر المقضي فذات أثر نسبي من الناحيتين الموضوعية والشخصية ، كما أن تأسيس الحجية على الحقيقة ينافي الواقع والمنطق إذ إن الحقيقة الموضوعية المطلقة ليست محلا للمعرفة الإنسانية.

هذا ومسايرة لذات المنطق فإن الحكم - سواء القضائي أو التحكيمي - حتی يحظى بهذه الإلزامية يجب أن يأتي وفقا لما يرتضيه الشعور العام الجماعي من

محمد القانون الموضوعي والإجرائی تحقيقا للانسجام بين كافة النظم القانونية في المجتمع فإن هو خالف ذلك بأن خرج على مقتضى القواعد القانونية الموضوعية الآمرة أو لم يحترم المبادئ الإجرائية المنظمة للخصومة انحدر عن مرتبة الإلزام وفقد حصانته ولم يعد حجة على أحد ، بل على ذوي الشأن عدم احترامه والخروج عليه احتراما وترضية للشعور العام الجماعي الذي خالفه هذا الحكم.