الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / المقصود بالحجية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حجية حكم التحكيم الإكتروني وتنفيذه ( دراسة مقارنة ) / المقصود بحجية الأمر المقضي به

  • الاسم

    محمد عبدالله محمد المومني
  • تاريخ النشر

    2016-01-01
  • عدد الصفحات

    441
  • رقم الصفحة

    98

التفاصيل طباعة نسخ

المقصود بحجية الأمر المقضي به

  إذا صدر حكم في نزاع فإنه يكتسب حجية الأمر المقضي به بشرط وحدة الخصوم، والمحل، والسبب، وأما في حالة اختلال هذه الوحدة، فلا حجية للحكم. 

    وهذا ماقضت به محكمة التمييز الأردنية في أحد أحكامها بأنه:" إذا جرى استملاك جزء من قطعة الأرض وتم تنزيل الربع القانوني في هذا الاستملاك، ثم جرى استملاك آخر واستغرق كامل مساحة الأرض، فيكون الاستملاك الأول الذي تم فيه تنزيل الربع القانوني والتعويض عن الاستملاك قد حاز قوة القضية المقضية ولا يجوز البحث فيه مرة أخرى، ولا يعوض المالكون إلا عن المساحة المستملكة التي وقع عليها الاستملاك الثاني، كما أنه لا يجوز العودة للبحث في الربع القانوني.

   وكذلك نص قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم (۲٥) لسنة ١٩٦٨ في الفقرة الأولى من نص المادة (۱۰۱) على أن:" الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي به تكون حجة فيما فصلت فيه من حقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ولكن لا تكون هذه الحجية إلا في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً "وسبباً كما ونصت الفقرة الثانية من ذات المادة على:" وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها ونلاحظ أن الفقرة الثانية جعلت الدفع بالحجية أمر يتعلق بالنظام العام ، وهذا أيضاً ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (٤١) من قانون البينات الأردني والتي جاء فيها: ويجوز للمحكمة أن تأخذ بهذه القرينه من تلقاء نفسها 

  كما يشترط في الحكم لإكتسابه الحجية اتحاد المحل، وذلك بعدم تكرار موضوع الدعوى الأولى التي فصل فيها الحكم في الدعوى الثانية التي يثار فيها الدفع بحجية ذلك الحكم. 

  وهذا ما أكدته محكمة التمييز الأردنية حيث أشارت إلى أنه:" إذا كانت الأسباب التي استند إليها الحكم للوصول لنتيجة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمنطوق الحكم الذي اكتسب الدرجة القطعية، بحيث لا يمكن التوصل إليه ولا تقوم له قائمة بدون تلك الأسباب التي توصل إليها الخبيران، والتي اكتسبت الدرجة القطعية بالمعنى الوارد في المادتين ٤٠ و ٤١ من قانون البينات، اللتين تنصان على أن الأحكام التى حازت درجة القطعية تكون حجة بما فصلت فيه من نزاع قام بين الخصوم أنفسهم وتعلق النزاع بالحق ذاته محلاً وسبباً فيكون الحكم متفقاً وأحكام القانون.

  كما اعتبر القانون أن حجية أحكام المحكمين تتعلق بالنظام العام، لأن أحكام التحكيم لا تختلف عن أحكام القضاء من حيث الاعتبارات التي تقوم عليها الحجية، وبالتالي فإن المحكمة تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالتحكيم، حال تمسك المحكوم لصالحه بحجية حكم التحكيم، وذلك أن هذه الحجية تقوم على فكرتين، الأولى، أن الحكم متى اكتسب الدرجة القطعية، يكون عنواناً للحقيقة، وبالتالي لا يحوز المراجعة فيه، والثانية: أن قانون التحكيم يهدف من وراء منح حكم التحكيم هذه الحجية إلى استقرار المراكز القانونية للخصوم وحماية مصالحهم الخاصة. 

   ويمكن القول أن الهدف من حجية الأحكام بشكل عام يرجع إلى إعتبارات تتطلبها المصلحة العامة، والتي تتمثل في حجة الأحكام القضائية الصادرة عن إحدى سلطات الدولة، وهذه حجية تتعلق بالنظام العام ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها، كما أن لهذه الحجية اعتبارات تتطلبها أيضا المصالح الخاصة، وذلك في حال قيام المشرع بإصدار قانون ينظم هذه المصالح كضرورة يفترضها واقع الحال للحفاظ على هذه المصالح واسقرارها، ومن هذه القوانين قانون التحكيم الذي أقر بحجية حكم التحكيم بهدف اسقرار الحقوق والمراكز القانونية لأصحابها، وخلاف ذلك يؤدي إلى استمرار المنازعات واحتمال تناقض الأحكام، وهذا بالتأكيد ينتافي مع الهدف من اللجوء إلى نظام التحكيم، وبالتالي يمكن القول أن لحكم التحكيم حجية الأمر المقضي به وهذه الحجية تتعلق بالنظام العام إذا تمسك بحجية هذا الحكم المحكوم لصالحه.

  كما ويتضح لنا أن حجية الأمر المقضي به التي يحوزها حكم التحكيم الإلكتروني، يشترط فيها وحدة الخصوم والموضوع والسبب، وتكون هذه الحجية في منطوق الحكم وليس في أسبابه أو في الوقائع، كما أن هذه الحجية تتعلق بالنظام العام إذا تمسك المحكوم لصالحه بحجية حكم التحكيم، كما يشترط لإعمالها أن يكون الحكم قطعياً ونهائياً، يستمد قوته الملزمة أو حجيته من إقرار المشرع لهذه الحجية على أساس طبيعته التحكيمية الخاصة لا على أساس طبيعته القضائية.

  وفي هذا الصدد ثار خلاف فقهي حول مدى القوة الملزمة لحكم التحكيم الإلكتروني الحائز على حجية الأمر المقضي به، وفيما إذا كان حكم التحكيم أقوى من الحكم القضائي، أو في نفس القوة، أو أضعف منه، ويمكن أن نميز بين ثلاثة اتجاهات متباينة تتنازع حول هذه المسألة وتتمثل بالأتي: 

الاتجاه الأول : حكم التحكيم أقوى : 

   يرى هذا الاتجاه أن حكم التحكيم أقوى من الحكم القضائي وذلك إستنادا إلى المادة (٥٥) من قانون التحكيم المصري والتي تنص على:" أن أحكام المحكمين الصادرة طبقاً لهذا القانون تحوز حجية الأمر المقضي به وتكون واجبة النفاذ .

   وبالرغم من أن المشرع المصري والمشرع الفرنسي يقران بأن حكم التحكيم يحوز الحجية لا قوة الأمر المقضي به إلا أنهما لا يعدان حكم التحكيم حكماً ابتدائياً أو انتهائياً، لذلك فإن حكم التحكيم ليس حكماً قضائياً ولا يخضع لتقسيمات الأحكام القضائية سواء الابتدائية أو الانتهائية أو الباته. 

الاتجاه الثاني : لحكم التحكيم قوة الحكم القضائي الابتدائي

  وقد انتقد جانب من الفقه هذا الرأي بقوله ان قوة الحكم القضائي وقوة حكم التحكيم ليست واحدة، ودليل ذلك أنه لا يجوز تنفيذ حكم التحكيم المتعارض مع الحكم القضائي.

الاتجاه الثالث : لحكم التحكيم حجية الأمر المحكوم فيه

 ويمكن القول، أنه بالرغم من أن حكم التحكيم الإلكتروني يعد حكماً بمعناه الإجرائي شأنه في ذلك شأن الحكم القضائي، وبالرغم من أن حكم التحكيم يتمتع بالطبيعة العمومية؛ أي أنه عمل عام ولو أنه يصدر من قائم بمهمة اجرائية عامة عرضية وموقوتة ومأجورة، إلا أن حكم التحكيم بصفة عامة، وحكم التحكيم الإلكتروني بصفة خاصة ، يتمتع بطبيعة خاصة ومستقلة وبقوة ملزمة تتبع الطبيعة التحكيمية بما يلائم خصوصيتها، وذلك أن حكم التحكيم الإلكتروني لا يتقيد بالحواجز الإصطناعية أو بالقوانين الوطنية التي تفرض معظمها مبدأ علو الحكم القضائي أو علو سلطان القضاء، وبالتالي إذا كان يمكن تشبيه القوة الملزمة لحكم التحكيم بالقوة الملزمة للحكم القضائي، إلا أن لكل منهما قوته الملزمة التي تتبع طبيعته الخاصة.