حجيـة حكـم التحكـيم . يحـوز حكـم التحكيم بمجـرد صدوره حجية الأمر المقضي وتبقى هذه الحجية مـا بقـى الحكـم قائماً وتكون له هذه الحجية ولو كان يقبـل الـدعوى ببطلانـه أو كانـت هـذه الدعوى قد رفعت بالفعل أو كان لم يصدر أمر بتنفيذه
ويرى البعض انـه إذا كانـت حجيـة الأمـر المقضي المقـررة لإحكام القضاء تتعلق بالنظام العام فإن حجية أحكـام المحكمـين تتعلـق بالمصلحة الخاصة، منشأ هـذا الـرأي أن القـانـون يمـنـح حـكـم الحجية حماية لحقوق خاصة وليس حمايـة لمصلحة عامـة كمـا هـو الحال بالنسبة لأحكام محاكم الدولة، وإن التحكيــم لـه طبيعـة تعاقديـة وليس له طبيعة قضائية ولهذا فإنه كما أن للطرفين العـدول عـن العقـد وإبرام عقد جديد فإن لهما التنازل عن حكـم التحكــم واللجـوء مـرة أخرى إلى التحكيم.
وهذا الرأي محل نظر، ذلـك لأن حكـم التحكـيـم حـكـم قـضـائي بالمعنى الصحيح وقـد منـحـة قـانون التحكيــم صـراحة حجيـة الأمـر المقـضـي بنـصـه فـي المـادة 55 ق.تحكـيـم علـى أن "تحـوز أحكـام المحكمين الصادرة طبقا لهـذا القـانون حجيـة الأمـر المقـضي " وهـى نفس حجية أحكام القضاء إذ لم ينص قانون التحكـيـم علـى أن حجيـة حكم التحكيم حجية مختلفة. فهذه الحجية تتعلق بتطبيـق القـانون بواسـطة من له سلطة القضاء سواء أكان قاضيا أو محكما.
ولهذا فإن حجيـة الأمـر المـقـضـي التـى تلحـق حكـم التحكـيـم بمجرد صدوره تتعلق بالنظام العـام، شـأنه شـأن الحكـم الـصـادر مـن محاكم الدولة. ولا يجوز مخالفة الحكم التحكيمـي لـدى أطـراف العلاقـة التحكيمية حيث إنه ذو حجية قضائية، وعلـى أطـراف العلاقـة الالتـزام بحدودها الموضوعية والشخصية واحترامهـا وعـدم الخـروج عليهـا وإلا خالف النظام العام. وأساس الحجية وآثارهـا واحـدة بالنسبة للمحتكمـين سواء في ذلك أثرها الإيجابي أو أثرها السلبي. فلا يجـوز رفـع الـدعوى مرة أخرى بعد الفصل فيها تحكيماً . سـواء أمـام محكمـة الدولـة أو أمـام هيئة التحكيم ومن ناحية أخرى فإنه يجب احترام التأكيـد الـذي احتـوى علية حكم التحكيم من الخصوم ومن أية محكمـة أو هيئـة تحكــم أخـرى ولتعلق الحجية بالنظام العام فللمحكـم أو القاض الـذي يعرض عليه النزاع مرة أخرى أن يعمل أثرها من تلقـاء نـفـسـه إعمـالا لـنـص المـادة ١٠١ إثبات.
على أنه يجب ملاحظة أنـه رغـم تعلـق حجيـة حـكـم التحكيم بالنظام العام فإنه يجوز لطرفين الاتفاق علـى الالتجـاء للقـضاء أو إلـى تحكيم مرة أخرى بالنسبة لما قضى فيه حكـم التحكـيـم الـسـابق. فـإن تـم هذا الاتفاق كان اتفاقا صحيحاً ولا يحول دونـه ســبق صـدور حكـم تحكيم يحوز حجية الأمـر المقـضي بالنسبة لنفس النـزاع، لأن منـع الطرف في حكم صادر من قضاء الدولة من رفـع الـدعوى أمام المحكمة أساسه هو أن الدولة " تنظم القضاء وتعطـى لـكـل شـخص أمكانية الالتجاء إليه. ولكن لا تكون لـه هـذه الإمكانيـة إلا مـرة واحـدة بالنسبة لنفس الدعوى.
وكما هو الحال بالنسبة لأحكام القضاء لا يحـوز حكـم التحكيــم حجية الأمر المقضي إلا إذا أتحـد الموضـوع والسبب والخـصـوم فـي الدعوى التي سبق الفصل فيها وفـي الـدعوى المطروحـة. فـإذا تخلـف أحد هذه العناصر، فـلا حجية للحكــم الـسابق ولا يجـوز الـدفـع فـي الدعوى الجديدة بسبق الفـصـل فـي الـدعوى. علـى أنـه يلاحظ أن دعـوى عـدم الاعتداد ليست دعوى بطلان ولا تسرى عليها أحكامهـا ولا تختص بهـا محكمة ثاني درجة المختصة بدعوى بطلان حكم التحكيم وإنمـا تخـتـص بها محكمة أول درجة المختصة وفقا للقواعد العامة.