الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حجية أحكام المحكمين - أحكام التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حجية الحكيم التحكيمي في النظام السعودي / أحكام حجية الحكم التحكيمي

  • الاسم

    عبدالرحمن بن عبدالعزيز الوسيدي
  • تاريخ النشر

    2013-01-01
  • عدد الصفحات

    137
  • رقم الصفحة

    74

التفاصيل طباعة نسخ

العلاقة بين مبدأ حجية الحكم التحكيمي وحق التقاضي

لقد كفل المنظم السعودي حق التقاضي لجميع أفراد المجتمع بالنص على أن( حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة، ويبين النظام الإجراءات اللازمة لذلك) ، وعليه فلكل شخص سواء كان طبيعيا أو اعتباريا، خاصا أو عاما حق التقاضي، بأن يقيم الدعوى على أي شخص وفي كل حق له، إلا أن المنظم السعودي نظم هذا الحق بقواعد عامة للتقاضي، ضمنها أنظمة القضاء؛ كقواعد الاختصاص، وقواعد الإثبات وغيرها .

وقد انقسم المشرعون عند تحقيق التوازن بين مبدأ حق التقاضي المكفول في الدساتير، ومبدأ حجية الأمر المقضي به للحكم التحكيمي والمنصوص عليه في قوانين التحكيم وقواعده على اتجاهين في التشريع:

الاتجاه الأول: الاتجاه الموسع لطرق الطعن في الحكم التحكيمي، و به تأخذ التشريعات التي تجيز الطعن في الحكم التحكيمي بنطاق واسع يشبه- وإن لم يطابق- النطاق المقرر بشأن الطعن في الأحكام القضائية.

ويستند هذا الاتجاه إلى عدد من الأسانيد، وهي في مجملها ذات أسانيد تشريع حق الطعن في الحكم القضائي؛ وهي:

أولا: أن المحكم كالقاضـي فكلاهمـا غيـر معصـوم مـن الخـطـا، وكذلك الخصـوم هـم غـيـر معصومين، فقد يقع الخطا من أحدهم، فيتحينون الفرصة لإصلاح ذلك الخطأ، واستدراك ما فاتهم من الدفوع والأدلة.

ثانيا: أن تنوع طرق الطعن أمر تتقضيه طبيعة التقاضي وأهدافه وغاياته، فمن المنطق أن يصاب حكم التحكيم بعيوب متنوعة، ومن الملائم أن يواجه كل عيب منها بطريق طعن خاص به له تنظيمه المتوافق مع طبيعته.

ثالثا: أن نظام الطعن الواسع كفيل بتحفيز الهيئة التحكيمية لبذل مزيد من الجهد لتجنب

الأخطاء، وبالتالي تجنب إلغاء قرارها فيما بعد.

رابعا: أن قضاء الدولة هو الأصل والمكفول بالدستور، والمؤتمن على مراقبة الأحكام وتوافرمقوماتها الأساسية، وعدم مخالفتها للنظام العام، ومن تلك الأحكام أحكام التحكيم.

الاتجاه الثاني: الاتجاه المضيق لطرق الطعن في الحكم التحكيمي، وبه تأخذ التشريعات التي لا تجيز الطعن بحكم التحكيم بأي طريق من طرق الطعن التي تخضع لها أحكام القضاء، واقصى ما تجيزه هو رفع دعوى مبتدأة أمام قضاء الدولة؛ تسمى دعوى بطلان حكم التحكيم، ولأسباب محددة على سبيل الحصر، وليس منها الطعن بطريق الإستئناف، ويستند هذا الاتجاه إلى جملة من الأسانيد وهي:

أولا:أن نظام التحكيم لن تكون له الفاعلية المرجوة من تشريعه كوسيلة لفض المنازعات، بما يتسم بـه مـن السرعة والسرية وانخفاض التكاليف، إذا كـان بـاب الطعن فيـه واسـعـا كـالحكم القضائي، إذ أن التوسع في طرق الطعن على الحكم التحكيمي، ومزاحمة أحكام التحكيم لأحكام القضاء لدى المحاكم بهدف الطعن عليها، سيلغي- بالضرورة- ما للتحكيم من مميزات خاصة، ويهدر الوقت والمال والجهد على أطراف التحكيم، بالإضافة إلى زيادة الأعباء على محاكم الدولة بدعاوى بطلان أحكام التحكيم.

وقد أخذ المنظم السعودي بالاتجاه المضيق، وبهذا راعي التوازن بين مبـدأ حـق التقاضي وقاعدة حجية الحكم التحكيمي"إشباعا لغرائز العدل والأنصاف لدى الكافـة مـن جهـة ، ومـن جهـة أخـرى كفل استقرار الأحكام، وما تتضمنه من المراكز القانونيـة والحقوق، ولأن أعمـال المحكم ومـا ينتج عنهـا مـن حـكـم التحكيم الحائز على حجية الأمر المقضي بـه؛ هي أعمال بشرية يلحقها ما يلحق سائر أعمـال البشر من الخطـا والنقص وغيرهما من العوارض البشرية، وعليه فقد نظم المنظم السعودي طرق الطعن في الأحكام القضائية والتحكيمية، إلا انه ميز الأحكام التحكيمية بخصيصة عدم قابليتها للطعن باي طريق من طرق الطعن عدا طريق رفع دعوى بطلان الحكم التحكيمي ولأسباب حصرية ومحددة ، لكونها أحكاما ناشئة من الإرادة الخالصة لطرفي النزاع.

وصفوة القول فإن المنظم السعودي قد ضيق في نظام التحكيم من نطاق مبدأ حق التقاضي لصالح حجية الحكم التحكيمي، ولهذه السنة من الأحكام حصرا، وذلك مراعاة لمبدأ سلطان الإرادة لأطراف النزاع.