المقصود بالحجية: يقصد بحجية الحكم، أن الحكم الصادر في إحدى الدعاوى يمتع النظر فيما فصل فيه، مرة أخرى، بين نفس الأطرف وفي ذات الموضوع ولذات السبب.
أي أن الحجية تمنع إعادة عرض موضوع النزاع مرة أخرى على القضاء، وتتعلق الحجية بالنظام العام إذ تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها، ولو لم يتمسك بها أحد الخصوم.
وكما تسبغ الحجية على أحكام القضاء، فإن الأحكام الصادرة من المحكمين، تتمتع أيضا بحجية الأمر المقضي.
ونرى أن تعلق مبدأ حجية الأمر المقضي بالنظام العام، كما ينصرف إلى أحكام القضاء، فإنه ينصرف أيضا إلى أحكام المحكمين، بحيث لا يجوز إعادة طرح النزاع الذي صدر فيه حكم قضائي أو تحكيمي متی اتحد النزاع أطرافا وموضوعا وسبباً، سواء أمام القضاء أو أمام إحدى هيئات التحكيم، تتعلق بنزاع سبق الفصل فيه من القضاء أو من هيئة تحكيم أخرى.
حجية حكم التحكيم فى القانون المصرى
بيد أننا نلاحظ، أن مجال تعلق قاعدة حجية الأمر المقضي لحكم التحكيم بالنظام العام وفقاً للقانون المصرى، كما عرضنا آنفاً، يقتصر على الحالة التي ينفرد فيها أحد أطراف التحكيم، برفع دعوى جديدة عن ذات النزاع، سواء أمام قضاء الدولة أو أمام هيئة تحكيم أخرى.
ولا يقوم هذا الاعتبار بالنسبة للتحكيم "الذي يرتكز على إرادة الأطراف فيلجأون إليه بمحض إرادتهم، وتتعلق حجية حكم التحكيم هنا بحماية مصالح الأطراف الخاصة ، دون وجود اعتبارات تتعلق بمرفق عام أو ما يرتبط بذلك من مصالح عامة". إذ يهدف مبدأ حجية الحكم القضائي وامتناع إعادة النظر في ذات النزاع أمام القضاء، إلى عدم شغل القضاء بتكرار نظر الدعاوى واحتراماً للثقة في أحكامه وحفظاً لهيبة الأحكام.
توثيق هذا الكاتب
ونلاحظ أخيرة أن حكم التحكيم، لا تكون له حجية إلا بين أطرافه،
أما القانون الإنجليزي فلم يتضمن نصاً صريحاً يقرر مبدأ حجية حكم التحكيم، وإن كان بعض الكتاب الإنجليز يشيرون إلى بعض تطبيقات لهذا المبدأ في قضايا تتعلق بالتحكيم التجاري الدولى.
وجدير بالذكر أنه رغم عدم النص صراحة على مبدأ الحجية سواء في قانون التحكيم الإنجليزي أو في القانون النموذجي الصادر عن الأنسيترال، إلا أن المادة 58 من القانون الإنجليزي قضت بأن حكم التحكيم بعد نهائياً وملزماً لطرفية، مالم يتفق على غير ذلك، ودون إخلال بحق أي طرف في الطعن في حكم التحكيم بالاستئناف أو بإعادة النظر طبقا لحكم القانون.